السكة الحديد مشروع عملاق هوى مرتين، مرة عندما سعى العهد المايوي الى تدميره، والمرة الثانية عندما أهملته الإنقاذ وتركته غنيمة في يد ظلت تعبث بأصوله، وصلت الى مرحلة بيع أصوله (خردة) بالطن والكيلو في سوق (الله أكبر)، وفي تجاوز متعمد لجهات ذات صلة ببيع أصول المؤسسات العامة متمثلة في الوزارة ... باعتبارها صاحبة ولاية على المال العام، لكن إمبراطورية إدارة السكة الحديد فكرت وقدرت، وأقبلت لوحدها وباعت عدداً من القضبان لشركات ومصانع حديد بالطن والكيلو، وتصرفت في المال العام، وكأنه ملك خاص ومال شركة خاصة، حيث وصلت بهم الجرأة الى البيع المباشر دون طرح الحديد في عطاءات. حديث المستندات: (آخر لحظة) تطرح اليوم قضية مهمة وتدق ناقوس الخطر وتضع ملفاً من الملفات المسكوت عنها على منضدة المسؤولين في الدولة، وتعلم الرأي العام عن كيف تدار مؤسساتهم العامة، وتجد الإجابة على السؤال المطروح.. من يسعى لتدمير سكك حديد السودان؟ هي قصة مؤلمة جداً لكل صاحب ضمير حي في بلادنا، ومدهشة حد التبلد، ومؤثرة وفقاً لمستندات تقف شاهدة على كل مخالفة وتجاوز وقعت فيه إدارة السكة الحديد، سيما اللجنة العليا لبيع الخردة.. تقول المستندات التي تحصلت عليها (آخر لحظة) إن اللجنة العليا للخردة طرحت عطاء تحت مسمى العطاء رقم 6/ 20016، والذي رسى لمصنع (د.) للحديد بعدد (3000) طن وشركة (الخ..) بعدد(1000) طن، ومصنع (ل.) للحديد (1000) طن.. وحسب المستندات فإن اللجنة العليا تصرفت في عدد 500 طن خارج التعاقد، وبيعها الى مصنع (د.) مباشرة، ودون أن تطرحها في عطاء مزايدة علنية في تجاوز واضح وفاضح لاجراءات البيع التي نص عليها قانون التخلص من الفائض واللائحة الملحقة بالقانون... بطلان تلقائي: التجاوز الخطير الذي وقعت فيه اللجنة العليا للخردة، يتمثل في أن اللجنة لم تقم في تعاقداتها باشراك الوزارة ... متمثلة في الإدارة العامة للتخلص من الفائض، وهنا الشركة قد هوت مرة أخرى، وحكمت على بيعها لحديد السكة الحديد بالبطلان التلقائي، لأن النصوص القانونية حسب قانون التخلص من الفائض جاءت واضحة وغير مبهمة في المواد 73و78و79بالإضافة الى المادة 32 من لائحة التخلص من الفائض، حيث تنص المادة 73 الفقرة 1 من القانون على أنه تنشأ بموجب هذا القانون وحدة بالوزارة .. وتحدد المادة 74 بشكل واضح مهام الوحدة الفنية لحصر كل الأصول الحكومية.. وفي الفقرة ج تقول إن من مهام الوحدة متابعة التخلص من الأصول والممتلكات الحكومية غير المستفاد منها في كل الوزارات والوحدات والهيئات والمؤسسات والشركات العامة. أما المادة 78 فقد حددت اجراءات البيع والتخلص من الأصول على النحو الآتي: تشكيل لجنة لتصنيف الأصناف المراد بيعها، وتتكون لجنة التصنيف من عدد مناسب من العاملين بالجهة البائعة، وممثل من الوحدة الفنية للحصر والتخلص من الأصول. تُشكل لجنة لتقدير الأسعار للأصناف والمجموعات المختلفة. خارج اللائحة: وبحسب المستندات الموجودة بطرف الصحيفة، فإن اللجنة العليا لبيع الخردة التابعة لإدارة السكة الحديد لم تشرك الوحدة الفنية للتخلص من الفائض وبيع الأصول الحكومية في أية مرحلة من المراحل، علاوة على أن اللجنة نفسها لم تتبع اجراءات البيع المنصوص عليها في القانون واللائحة، سيما وأن اللائحة الملحقة بالقانون تقول في مادتها 32 لا يجوز لأية جهة من أجهزة الدولة التخلص من الفائض إلا بموافقة الوزير (الوزير المقصود).. لكن اللجنة أغلفت عمداً نصاً قانونياً وملزماً لاتمام عملية بيع الفائض اللهم إلا إذا كانت إدارة السكة الحديد ترى أن بيع القضبان بوزن الكيلو والطن ليست أصولاً حكومية تستوجب موافقة وزير المالية، وإشراك اللجنة الفنية في عمليات البيع.. بالإضافة الى أن اللجنة لم تشكل لجنة أخرى لتصنيف وحصر الأصناف المراد بيعها مسبقاً، بمشاركة ممثل من الوحدة الفنية للحصر والتخلص من الفائض، ما يخالف نص المادة 78 أمن قانون الشراء والتعاقد، في وقت قامت فيه اللجنة ببيع الخردة بتصاديق خارج العطاءات، ما يعد مخالفة صريحة لنص المادة33(2)أ من لائحة الشراء والتعاقد والتخلص من الفائض، التي تنص على أنه يتم التخلص من العربات والآليات والمعدات الثقيلة والحديد الخردة، وفائض قطع الغيار الراكدة عن طريق العطاءات أو المزاد العلني. أين ذهبت أموال الخردة؟ التجاوز الأول في التعاقدات مع شركات ومصانع الحديد يتمثل في عدم اتباع اجراءات التخريد المتمثلة في اجراءات الحصر والتقييم للخردة. التجاوز الثاني في عقودات الاقليم الشرقي الموقعة مع مصنع (د.) للحديد، تم التعاقد على بيع ألف طن، وفي مرحلة التسليم تم تسليم المصنع 1500طن بزيادة 500طن قامت ببيعها اللجنة للمصنع خارج إطار التعاقد، وبمكتبات داخلية بين رئيس لجنة الاقليم الشرقي لبيع الخردة، ورئيس اللجنة العليا للبيع.. مما يعد مخالفة صريحة للقانون واللائحة، وكان سعر الطن المحدد في العقد 3153 جنيهاً، بينما المبلغ المورد ل (1500) طن بلغ (4.500.000) جنيه، وبعملية حسابية نجد أن سعر الطن يساوي (3153) جنيه والمبلغ الذي يفترض سداده هو(4.700.000) جنيه ووفقاً للأورنيك المالي الموجود لطرف الصحيفة فإن المبلغ المورد هو (.4.500.000) جنيه . بفارق سعر(229) ألف جنيه أين ذهبت هذه المبالغ. جزر معزولة: القضيب 90 المستخدم في الاقليم الشمالي تم بيعه بالكامل، وبدون اجراءات الحصر والتقييم، مع أن اللائحة والقانون يلزمان الجهات البائعة بأنه لا يجوز بيع أي حديد تحتاجه جهة حكومية أخرى، وطالما أن الاقليم الغربي يستخدم القضيب (90) كان لزاماً على إدارة السكة الحديد أن تنقل القضيب الى القطاع الغربي، إلا أن المستندات أكدت مخالفة الإدارة للائحة والرأي الفني، حيث لم يتم تصنيفه وفقاً للاجراءات المنصوص عليها.. وفيما يلزم القانون السكة الحديد بإعلان الكميات التي بحوزتها، والمصنفة كخردة والمراد بيعها، إلا أن السكة الحديد اعتادت على إعلان السعر وإخفاء الكميات، حيث لا يعلم أحد عدد أطنان الحديد المصنف كخردة بحوزتها. اللعب على المكشوف: بعد قفل العطاء بتاريخ 6/2016 تم طرح عطاء آخر خلال الشهر الجاري، وتحديداً يوم 2 فبراير 2017 تحت مسمى العطاء 1/2017 ، وبعد الفرز فاز بالعطاء مصنعا (ل.) و(أب..) ، وبنفس التجاوزات في العقودات الماضية (عدم الحصر وعدم التصنيف وتجاوز اللائحة والقانون).. حسناً والى هنا الأمر يبدو طبيعياً، لكن غير الطبيعي أنه في الفترة ما بين قفل العطاء 6/20016 وفتح العطاء 1/ 20017تم تجاوز خطير، وهو أن اللجنة صدقت لمصنع (ل.) للحديد (أحد الفائزين بالعطاء 1/2017) ب500 طن في يوم 29/12/20016 وتم توريد مبلغ 3 مليون جنيه عبر البيع المباشر، بواقع سعر الطن 6آلاف جنيه، ما يعد مخالفة واضحة وصريحة لنصوص القانون واللائحة. حوافز مليونية: يبدو أن غض الطرف عن التجاوزات تطلب التصديق بحوافز مليونية للمشرفين والمشاركين في عملية البيع والمزادات العلنية والعطاءات، بعد رفع توصية من اللجنة العليا المركزية للخردة والتخلص من الفائض، الى نائب المدير العام، وبحسب المستندات فإن اللجنة طالبت بمكافأة في حدود 5% من جملة المبلغ المتحصل، والمذكور في المخاطبة التي أكدت أن جملة الإيرادات المحتصلة في الفترة من 1 أبريل 2016 الى 30 سبتمبر، وصلت الى (16.423.499) جنيه لعدد أطنان تم بيعها عبر البيع المباشر ب 1.937طن . وقامت إدارة السكة الحديد بتصديق 80% من النسبة المقترحة (5%)، وبعملية حسابية فإن نسبة ال80% بلغت 655 آلاف جنيه توزع على 7 لجان، حيث بلغ حافز أحد المسؤولين بالهيئة 8000الف جنيه فيما بلغ حافز مسؤول آخر 7000آلاف جنيه، وتساوت معه في الحافز نائبته، فيما بلغ حافز محاسب بالهيئة 7000 آلاف جنيه، في وقت بلغ فيه حافز مسؤول آخر 4000 جنيه، وحدد حافز آخر بواقع 1000جنيه لمسؤول رفيع بالهيئة، ومن أبرز الذين تم تحفيزهم ابن أخت وزير اتحادي الموظف بالهيئة، وموظفين بالمكتب المالي وسكرتيرة وعمال البوفيه، وعمال آخرين بالهيئة..!! اخر لحظة