إذا كسب المرتزقة الفاشر يعني ذلك وضع حجر أساس دولة العطاوة    قائد السلام    واصل تحضيراته في الطائف..منتخبنا يؤدي حصة تدريبية مسائية ويرتاح اليوم    عيساوي: البيضة والحجر    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    ماذا قال دكتور جبريل إبراهيم عن مشاركته في مؤتمر مجموعة بنك التنمية الإسلامي بالرياض؟    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    انجاز حققته السباحة السودانية فى البطولة الافريقية للكبار فى انغولا – صور    والي الخرطوم يصدر أمر طواريء رقم (2) بتكوين الخلية الامنية    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    شاهد بالفيديو.. في مشهد خطف القلوب.. سيارة المواصلات الشهيرة في أم درمان (مريم الشجاعة) تباشر عملها وسط زفة كبيرة واحتفالات من المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء أثيوبية تخطف قلوب جمهور مواقع التواصل بالسودان بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها مع إبنها على أنغام أغنية وردي (عمر الزهور عمر الغرام)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمل هباني تكتب عن تجربتها مع السجن والاعتقال
نشر في الراكوبة يوم 02 - 03 - 2017

أول استدعاء تم لي في العام 2004 كنت اكتب حينها في صحيفة الصحافة واعمل مسؤولة الاعلام في جامعة خاصة حيث حضرت قوة من جهاز الأمن بعربة بوكسي الى الكلية ؛ لكني لم اكن موجودة ... وتركوا لي أمر استدعاء (شفاهي) في اليوم التالي ...تم استدعائي من المكتب لأني كتبت عن قضية دارفور وكانت بدايتها ومن الخطوط الحمراء التي يمنع الحديث عنها في الصحف...جلست عدة ساعات في مكتب خالي يدخل احدهم ويهددني بأنني يمكن الااخرج من هنا وانهم يستخدمون اسواء الاساليب ...ثم يأتي آخر ويقول لي أنهم محترمون واولاد ناس ولن يصيبني أي مكروه ،خرجت بعد ساعات بعد أن حقق الضابط معي عن عملي وانتمائي السياسي ...بعدها بأيام تم فصلي من الكلية ولا أدري حتى الآن الأسباب ..
بعدها بسنوات تم قتح بلاغ ضدي من شرطة أمن المجتمع (النظام العام ) ... تحديدا في يولويو 2009 عندما كتبت ادعو للتضامن مع الزميلة لبنى أحمدحسين في قضيتها المرفوعة فيها من قبل النظام العام .فتحت شرطة أمن المجتمع بلاغا في عمودي (قضية لبنى قضية قهر جسد المراة ) ووجهت لي تهمة أشانة سمعة النظام العام وطالبوا بالغرامة 400 ألف دولار ..ومضت المحكمة لعدة جلسات حتى تم حبسي في احدى الجلسات وأطلق سراحي بالضمان كان ذلك بين عامي 2009 و2011 ..بعدها لم يحضروا واغلق الملف ..
عندما اعتقلنا في وقفة (فتاة الفيديو) وهي الوقفة التي اقامتها مبادرة لا لقهر النساء امام وزارة العدل لتسليم مذكرة مطالبة بالغاء قانون النظام العام بعد ظهور (فتاة الفيديو) على يوتيوب فيديو يحتوي على جلد فتاة من قبل رجلين في محكمة نظام عام ...يومها نسقنا لوقفة احتجاجية احتجاجا على جلد النساء واذلالهن بالقانون .وقبل الوقفة بربع ساعة تم اعتقالنا حوالي خمسة وأربعين أمراة وخمسة رجال ..كان الاعتقال عنيفا من قبل قوى أمنية وأذكر أنه تم جرجرتنا من أيدينا واكتافنا فقد كان رجال الامن يحاولون اجبارانا على ركوب بكاسي الأمن وبعض الناشطين على الارض يحاولون تخليصنا منهم ....اصبت في ذلك اليوم بالآم رهيبة في كتفي كنت اعاني منها لوقت طويل وآالام في اسفل الظهر واذكر في ذلك الاعتقال أن احدهم كان يجرجر الاستاذة زينب بدر الدين ليرفعها في البوكس فقالت له عيب (أنا زي أمك ) فصرخ فيها بهتسيريا (مازي امي ...أنا أمي مازيك كده ) ..و تم نقلنا الى حراسة القسم الشمالي جيث جلسنا على البلاط البارد في زنزانة متسخة وكريهة الرائحة قرابة التسع ساعات ... رغم قساوة التجربة ألا أني خرجت من هذا الاعتقال وأنا اكثر يقينا بأننا ندفع أثمان غالية لتغيير قدي يأتي قريبا ..وأن طريق الشارع والعمل الجماهيري هو الطريق لتغيير هذا النظام ...
في ذات العام 2011 تم اعتقالنا في وقفة لا لقهر النساء تضامنا مع الناشطة صفية اسحق وتم اقتيادنا بصورة أفضل لأن الاستاذة سارة نقدالله التي اعتقلت معنا كانت تتحدث معهم وتطلب منهم التعامل باحترام مع كل النساء . هذه المرة وقضينا في حراسة الشرطة حوالي 8 ساعات من الرابعة حتى الحادية عشر ليلا كنا حوالي أربعين أمراة وخمسة رجال . وفي ذات الوقت فتحت ضدي أنا والصحفية فاطمة غزالي وعدد كبير من الصحافيين بلاغات في نيابة الصحافة لأننا كتبنا عن قضية صفية وتم تحويلنا الى المحكمة .. تمت محاكمتنا أنا وفاطمة حتى النهاية وتمت أدانتي وحكم على بالغرامة ألفين جنيه حينها أو السجن واخترت السجن لثقتي بأني لم أخطيء ولم افعل مايستحق المحاكمة .. ..في تلك الفترة كانت هناك حملة تضامن واسعة مع قضيتي خاصة من شابات وشبابا قرفنا المجموعة الشبابية التي تنتمي أليها صفية اسحق .وكانت حملة جنيه أمل حملة مناصرة وسط الشعب السوداني و كانت تهدف في المقام الأول للتوعية المجتمع السوداني بالانتهاكات التي تتم وتبصيرهم بأن هناك صحفيين يحاكمون ويسجنون لنشرهم الحقيقة ؛استمر اعتقالي لاربعة أيام وفي اليوم الخامس خرجت من السجن بعد أن دفعت الغرامة تحت ضغط أسري كبير خاصة من والدتي التي زارتني في السجن ولامتني على تقصيري في حق اطفالي وبيتي على الرغم من مساندة زوجي لي وهو ايضا لم يسلم من اللوم اجتماعيا لسماحه بمثل هذه التصرفات . وقعت علي كلمات أمي كالنصال الحادة رغم أنها أمراة ذات وعي كبير وقدمت لي كثير من الدعم في حياتي الخاصة وعملي العام الا أنها كانت تخشى علي كثيرا من بطش الأجهزة الأمنية وهذه من الاشكالات الكبرى التي تواجه الناشطات وحتى النشطاء في المعارضةلكن النساء يعانين منها أكثر ..وخرجت بعد أن دفعنا الغرامة من حملة جنيه أمل مناصفة مع جريدة الجريدة التي كنت اشغل فيها منصب نائبة رئيس تحرير قبل فصلي منها في ذات الأيام ؛و كان من المفترض أن أترأس تحريرها بعد أن أسستها مع ناشرها المهندس عوض محمد عوض الا أن مجلس الصحافة والمطبوعات رفض ذلك لأسباب أمنية بحجة أن سنوات خبرتي في الصحافة ناقصة بالرغم من أني امتلك من المؤهلات الاكاديمية والنوعية وحتى التراكمية ما يفوق جل رؤساء التحرير الموجودين حتى اليوم ومن بينهم من لا يحمل شهادة جامعية بينما احمل شهادة ماجستير في الاعلام من جامعة الخرطوم . ..ومارست كل أشكال وضروب العمل الصحفي ...
كان لوجود حملة تضامن ومناصرة تدعم قضايا تأثيرا كبيرا في استمراري على ذاك النهج خاصة الاستاذ نبيل أديب وشريكته في المكتب الاستاذة منال عوض خوجلي .وكان الأستاذ نبيل أديب يصل بالقضايا الى كل مراحل التقاضي مثلما حدث في قضية صفية اسحق التي استأنف حكمها في المحكمة العليا وكسبنا القضية مما أدى لتوقف جميع محاكم الزملاء الكتاب الصحفيين التي كانت مستمرة طوال تلك الفترة أذ اعتبرها القاضي مقياسا لك قضايا النشر التي حركها جهاز الأمن .
في تلك الفترة تعرضت لاعتقالات متواصلة بسبب عملي الصحفي ونشاطي الحقوقي .
فبعد يوم من اعتقالنا في قضية صفية تم اعتقالي في وقفة قوى الاجماع التي دعت اليها لمساندة ثورات الربيع العربي والذي حشدت له اجزاب المعارضة حشدا واسعا وهي المظاهرة التي قال عنها سكرتير عام الحزب الشيوعي السابق الراحل محمد ابراهيم نقد (حضرنا ولم نجدكم ) ..والحقيقة أننا حضرنا ووجدناهم ...لكننا هتفنا ولم نجدهم في تلك المظاهرة التي امتلأت فيها الشوارع المحيطة بميدان أبو جنزير بكوادر هذه الاحزاب .وكنا نقف في شارع سينما كلزيوم شرق شارع القصر حينما بدأ احد شباب حزب المؤتمر السودان بالهتاف واسمه (منتصر) على ما اذكروايضا كان هناك ابراهيم الشيخ يهتف .. وكانت ناهد محمد الحسن وهادية حسب الله تقفان على طرف الشارع حينما بدأن بالزغاريد و بدأ د.هشام عمر النور الذي كنت أقف قربه بالهتاف (الشعب يريد اسقاط النظام ) وكان وقتها شعار ثورات الربيع العربي التي كانت في أوجها وكان يملؤنا الأمل في أن نحذو حذوها ونسقط النظام الذي هو احق بالاسقاط من كل الانظمة التي سقطتت ...وبدأت اهتف مع د.هشام على أنها بداية المظاهرة متوقعة أن ينضم العشرات الينا لكن احدا لم يتقدم وبدأ عشرات من رجال الشرطة يحيطون بنا وهم يضربوننا بعصيهم وضربني قائد القوة وهو عميد شرطة كفا على وجهي ثم ضربني على رأسي وتم اقتيادنا الى القسم منتصر ،هادية ،هشام ،وأنا وكان هناك رجلا آخر اعتقل من داخل ابوجنيز وكانوا طوال الطريق يضربوننا ،ويشتبكون مع الرجال ونحاول ان نتصدى لهم أنا وهادية لأنها يمسكونهم من اعناقهم ويضغطونهم على ارض الغربة .. عندما وصلنا الى القسم وجدنا عدد كبير من زملاءنا الصحفيين معتقلين واطلق سراحهم فوريا ..لكن لم يطلق سراحي معهم وادخلنا حراسة النساء ووجدنا عدد من المعتقلات في الزنزانة اذكر منهم حنان قاضي و اطلق سراحنا قرب منتصف الليل .
وبعد اقل من اسبوع تم اعتقالي مع زوجي الصحفي شوقي عبد العظيم أثناء اكمالنا لاجراءات تأشيرة خروج في العلاقات البينية بشارع المطار حيث ذهبنا الى هناك اختصارا للزمن لكن كانت هناك موظفة تتعامل بمنتهى التسيب (تترك الجمهور لتتونس) وقالت لي أنها لا تجد جوازي لاكمال الاجراءات وبعد مدة عاد مواطن فلسطيني بجوازي الذي قال انها اعطته له بالخطأ ..ابتلعت هذا السلوك وصمت ؛ الا أننا فوجئنا بتكدس الصاله بالمنتظرين في الصف لأن المقدم الذي يوقع على الجوازات ذهب الى الصلاة وغاب حوالي 40 دقيقة وكان هناك اكتظاظ كبير من كبار السن والنساء والرجال فقمنا بالاحتجاج بأنه لا يمكن أن يترك خدمة الجمهور ويذهب ليصلي لأن هذا واجبه بينما صلاة الجماعة ليست فرضا واننا كمواطنين من حقنا ان نتلقى الخدمة بسرعة دون هذا الاذلال وقمت بتصوير الصالة المزدحمة ... ...بدأ نقاش بين الناس في الصف وتزمر شديد بعدها عاد الضابط واكملت اجراءاتنا وقبل أن نتحرك جاء الينا رجلين يرتديان ملابسا مدنية وطلبا منا الحضور الى المدير لأنه يريد ان يعتذر لنا وعندما طلعنا الى مكتبه وجدنا عشرة رجال يرتدون زيا مدنيا طلبو امنا أن نتبعهم وعندما رفضنا وسألنهم الى اين بدأوا بجرجتنا بالقوة وباسلوب امشي ولا ح اضربك ركبنا معهم عربة هايس وذهبوا بنا الى القسم الشرقي الذي رفض استلامنا ثم السوق المحلي لتحرير أمر قبض من النيابة وبعدها قسم امتداد الدرجة الثالثة واطلق سراحنا ايضا عند منتصف الليل ..بعدها تم تدوين بلاغ ضدي وتبرئة شوقي واستمرت المحكمة حوالي ثلاثة أشهر تمت تبرئتي بعدها جاءني احد الذين اعتقلوني من المكتب وقال لي أنهم فقط ارادو تأديبي بهذه المحكمة ولو أرادوا لوروطني قي قضية كبيرة لن اتخارج منها ابدا .
في ذات الايام في شهر يونيو اعلن عدد من الشباب في الفيس بوك عن وقفة ضد الحرب9 في يونيمس وذهبت باكرا الى هناك ووجدت حوالي عشرة أو عشرين من المدافعين عن حقوق االانسان بدأوا بالتجمع الا أن رجال الامن كانوا اسرع وبدأوا باجبارنا على الذهاب بشارع بعينه وكانوا يكذبون علينا بقولهم اخرجوا بهذا الطريق حتى وجدنا كمينا معد وبدأوا في جرجتنا لركوب البوكس وتم تحويلنا من هناك الى القسم الشرقي ..وادخلنا حراسة قليلة التهوية ورائحتها عفنة بصورة غير محتملة وعندما قضينا معظم اليوم هناك طلبنا صابون ومكانس وجرادل ماء وقمنا بغسلها ونظافتها مما هي عليه ....خرجنا بالضمانة في مساء ذات اليوم وتمت محاكمتان لحوالي شهر أو يزيد بعدها تمت تبرئتنا .
في ذلك الوقت قام محامي مكتب الاستاذ نبيل أديب ومنال عوض خوجلي باستئناف قضية صفية في المحكمة العليا وكسبنا القضية الا أن جهاز الأمن قام بالاستئناف بالمحكمة الدستورية ورفع عريضة اتهمني فيها بأشانة السمعة وهي سابقة قضائية لأن الأفراد هم من يتظلمون وليس أجهزة الدولة الاعتبارية وفي العام 2015 رفضت المحكمة الدستورية عريضتهم ...
في العام 2012 تم اعتقالي من وقفة تطالب بأطلاق سراح المعتقلين اقامتها مبادرة لا لقهر النساء مع حركة قرفنا وتم اعتقالنا خمسة نساء بعد الوقفة .وتم اعتراض العربة التي كانت تقلنا في شارع الفيادة واغلقوا الشارع منة الجهتين ووايقاف العربة وبدأوا يصرخون ويهددوننا بالضرب وعندما رفضنا الخروج من العربة جاءت قوة من الشرطة وطلبت منا الخروج والذهاب معهم واقتادونا الى مكاتب الأمن في العمارات شارع 57 هناك اوقفونا في الشمس لفترة بسيطة ثم ادخلونا الى الداخل وطلبوا منا الجلوس وتم التحقيق معنا في نفس اليوم حتى منتصف الليل وبقينا جالسات على الكراسي لمدة ثلاثة أيام وفي اليوم الأول تم منعنا حتى من النوم على البلاط وطالبونا للبقاء جالسات على الكراسي فقط ...ومازلت اعاني من آثار الجلوس الطويل الى الآن واذكر أنني حينما اطلق سراحي في ايوم الرابع اعتذر لي مدير المكتب من انه ينفذ الأوامر فقط لا غير وفي مكاتب جهاز الأمن يمكن ان ما يعاملك احدهم بلطف بلطف لا يشبه صلف المكان وشراسة اهله ،لاكتشف انه قريبي من مناطق اهلنا في النيل لابيض أو كان يتابع العمود قبل ايقافه من قبل جهاز الأمن ...وهناك من يخبرك بأن المعايش فقط هي ما جمعته (بهذا النظام السيء ) وأنه فقط عبد المأمور ينفذ الأوامر ..وهذا ليس مستغربا في ظل نظام يفقد الدافع الايديولوجي والاخلاقي للدفاع عنه ..فجل من يعملون في جهاز الأمن يعلمون أنهم يحمون نظاما فاسدا ومجموعات من رجال العصابات والبلطجية يحكمون هذا السودان ... لذلك تجد معظمهم في الداخل ينطبق عليهم المثل (المحرش ما بكاتل ) لأنهم محرشين بمزايا الوظيفة ودخلها المادي الجيد بالنسبة لظروفهم التي أتوا منها .....
في العام 2013 تم اعتقالي اثر انتفاضة سبتمبر من جنازة الشهيد صلاح سنهوري وقضيت عشرة أيام في المعتقل قبل أن يطلق سراحي ....حيث اعتقلت بعد نهاية المظاهرة في شارع الستين دخلت في احد الشوارع الجانبية وقررت أن اتوجه لقناة امدرمان التي كنت اعمل متعاونة فيها ببرنامج أشياء صغيرة حينها .. لكن بوكس الامن لاحقني في الشارع ونزل منه عدد من الامنجية يصرخون في وجهي ويطلبون مني الركوب وهم يهددوني بالضرب بالخرطوش قبل ان ينزل احدهم ويطلب من الركوب بيا أستاذة أمل تفضلي معانا ..تم اعتقالي في العمارات شارع 57 واتم تفتيش الهاتف قالوا لي انه امر بسيط وساخرج الا انني بعد ساعات تم ربط عيني ونقلي الى مبنى آخر لا اعلم اين يقع تم اخراجي من العربة واقتيادي الى داخل مكتب بدأ احدهم بالتحقيق معي وانا معصوبة العينين ...رفضت التحقيق تحت هذا الوضع ..وصمت تركوني عدة ساعتا قبل أن يحضروا ويأخذوني معصوبة العينين مرة أخرى لمبنى اظنه في جهات السوق الشعبي ..كانت الساعة حوالي الثالثة صباحا ....ادخلوني في مكتب يجلس فيه شخص يرتدي زي شرطة وكان هناك رجال يرتدون زي الجيش ...وآخرون بالزي المدني .. الرجل الذي يجلس على المكتب قال لي أن هذا المكتب يعتقل فيه الكبار تم فيه اعتقال الترابي والصادق المهدي ..
في صباح اليوم التالي تم ربط عيوني مرة أخرى وتم نقلي الى مكاتب الأمن بموقف شندي ..هناك تم اخذ عينة من دمي وتم تصويري وااعطائي حقنة لا ادري ماهي حتى الآن ...وتم نقلي معصوبة العينين مرة أخرى الى زنزانة في سجن ام درمان قسم الأمن ...
الزنزانة مثل القبر في ضيقها لا احد يتحدث معي او يخبرني بالوقت .... ... كنت اعرف الوقت عند اخراجي للصلاة .....صرت اترقب الممر طوال اليوم خلال فتحة صغيرة في الباب لاعرف هل هناك معتقلات أخريات ...رأيت يوما شاب صغيرة في عمر الجامعة عرفت فيما بعد أنها (أيثار) الطالبة بجامعة الخرطوم ..بعدأيام احضروا لزنزانتي ريان شاكر زين وهي شابة تمتليء وعيا وايمانا بالتغيير تم اعتقالها اثناء زيارتها لصديقتها داليا الروبي ...تشاركنا الزنزانة حتى خرجنا كانت صبورة وقوية رغم صغر سنها ...علمنا فيما بعد أن هناك أمل سليمان في زنزانة أخرى وبعد أيام أخرى احضروا احسان عبد العزيز ..كنا نذهب للتحقيق منذ الصباح وحتى وقت متأخر من الليل ...احيانا الواحدة والثانية صباحا ...في اليومين الأوائل كانت هنالك ثلاثة نساء يحققن معي بفظاظة ويصرخن ويدخل شخص يهددني بأن اتأدب والا ....بعدها تغيرت اللهجة واصبحوا افضل فيما بعد ....في يوم خمسة اكتوبر 2013 كانوا قد استدعونا للتحقيق وبقينا هناك حتى وقت متأخر .فجاءة أخبرونا أن الرئيس عفى عنا وقال أنه لا يعتقل النساء حتى لو كن معارضات له ......
لم يتوقف الاستهداف والمضايقات عند هذا الحد فقبل أشهر في العاشر من نوفمبر الماضي خرجنا من محكمة تراكس بمحكمة الاوسط بالخرطوم فقامت قوى من الأمن بمطاردتنا واعتقالنا أنا و الزملاء ريم شوكت ومحمد عروة بحجة أننا التقطنا صور لرجال الأمن تم اقتيادنا الى مكتب قرب محكمة الاوسط في الخرطوم 3 بعربة ريم واثناء نقاشي واحتجاجي على ضرب العربة قام رجل الأمن واسمه ايمن فاروق الحاج بضربي (كف) ...قبل أن يطلق سراحنا بتفتيش موبايلاتنا والتحقيق معنا ...
بعدها باسابيع واثناء تغطيتي لمحكمة موظفي تراكس ايضا جاء رجل شرطة يحمل أمر قبض وقال لي أن رجل الأمن (أيمن) الذي ضربني فتح بلاغا ضدي ،وتم اقتيادي للحراسة في ذات المحكمة قبل أن يطلق سراحي بالضمان في ذات اليوم ..
في الجلسة الماضية انكر الامنجي الشاكي (أيمن) أنه ضربني واتى بثلاثة شهود يؤيدون كذبه ...وفي انتظار رأي العدالة في الجلسة القادمة ...
هذه التجربة بآمالها العراض وآلامها واحباطاتها ورهقها الجسدي والنفسي اضافت لي الكثير واخذت مني الكثير ..وانا اعتبر أن ما اتعرض له من اعتقالات ومحاكم وسخافات مجرد أثمان زهيدة مقارنة بعطاء نساء ورجال قاوموا وناضلوا وقاتلوا هذا النظام قتالا شرسا ونبيلا بكافة الطرق السلمية .بل وقدموا أرواحهم رخيصة كي يذهب هذا النظام بكل سوءه ..
وفي كثير من الأحيان أشعر أن فترة الاعتقال هذه هي افضل لحظات النضال والمقومة رغم قسوتها لأنها تجلو الروح كما يجلي الذهب النار ... ولأنها اصدق الطرق في البذل والعطاء والالتزام الجاد تجاه هذا السودان الحبيب وانسانه الذي يستحق أن يحي بكرامة . فنحن مقاتلات ومقاتلون في ساحة معركة حقيقية دون أن نحمل سيوفا أو بنادق لأننا نثق بجدوى طريق التغيير السلمي فهو يتجمع قطرة قطرة حتى يصبح بحرا أونهرا دافق وطوبة طوبة نضعها ونذهب ليكملها من بعدنا حتى يكتمل حلمنا ببناء دولتنا المتحضرة المتمدنة بكل قيم حقوق الانسان وحرياته ومواطنيته ..ويتملكني ذاك الحلم وامتليئء به حتى أشعر احيانا بالشفقة على أولئك (الأمنجية ) الذين يقومون بأسوأ الأدوار من أجل حماية السوء والفساد لأنهم كما كل السودانين حرمهم هذا النظام من حقهم في التعليم وكل أسباب الحياة الجيدة المحترمة وصغر انسانيتهم ...وابتز ظروفهم وحوجتهم ليكونوا دوما يده الباطشة بدلا عن عقله الواعي لأنه بلا عقل ولا وعي ....
أمل هباني
تجربتي مع السجن والاعتقال
حملة ( صحافيون ضد الاعتقال ) للتضامن مع المعتقلين
#المعتقلات_مقبرة_النظام_لدفن_حريتنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.