يرمز ثوب المرأة السودانية لمجموعة من الدلالات والمعاني، إذ أنه يشي بالكثير من الحكايات التي تعبر عن ملامح تفيد في خدمة رؤى المحللين المتخصصين الذين درجوا على تحليل الشخصية من خلال الزي الشعبي والقومي لسكان الدولة المعنية. لا ينحصر الثوب السوداني في محيط مدن ومناطق السودان فقط، فهو يحظى بشعبية كبيرة في دول كثيرة، لجهة أن العديد من نجمات المجتمع من بلاد عربية وأفريقية، بل وأوروبية حرصن على ارتدائه والتغزل فيه. ثياب زمان يرجع تاريخ الثوب السوداني إلى الحضارات القديمة، وذلك منذ ميلاد الحضارة البيجراوية، أي إلى أربعة آلاف عام قبل الميلاد، وكذلك الحضارة الفرعونية والمروية، حيث كان خاصا بالملكات والكنداكات في ذلك الزمان، وفي هذه المساحة نستعرض تسميات لثياب زمان ارتدتها جداتنا وأمهاتنا وبنات الجيل الماضي، وتمتد التسميات إلى جيلنا هذا، ويبقى الثوب السوداني الرمزية الخالصة للمرأة السودانية. من الاستقلال إلى الوحدة وجدت تسميات هذه الثياب بتشكيلاتها مصحوبة بأسعار بيعها في معروضات (تويبا) بالخرطوم ومحلات أقمار للأقمشة من ماركة رتينا المقاومة للكرمشة وجدتها بصحيفة (السودان الجديد) الصادرة في العام 1957، وقد أفادتنا الحاجة (سعاد عبد الكريم) ذات الشلوخ المطارق من سيدات الزمن الجميل وزمان تلك الثياب الجميلة قائلة: "الما لبست الثياب دي ما لبست والما جابوا ليها الثياب دي في عرسا ما جابوا ليها، إذ تتباهى بها كل فتاة وكل امرأة وكل عروس بامتلاكها". وأضافت: "لكل زمان ولكل حدث ولكل مناسبة تسمية ثوب، فمثلا عندما أعلن استقلال السودان ظهر ثوب (الاستقلال) وثمنه 19 ونص قرش، وثوب (الاتحاد) بنفس السعر، وأيضا ثوب (السلك الدبلوماسي) عند تكوين ما يعرف بالسلك الدبلوماسي، وثوب (السفير) كذلك بنفس سعر ال 19 ونصف قرش، وتبعا للمناسبات فقد ظهر ثوب (الجلاء) وثوب (الجمهورية) بسعر 29 قرشا وثوب (الثورة) بسعر 32 قرشا الأبيض منه، أما الملون فبسعر 42 قرشا, وكذلك (أسبوع المرأة) بسعر 49 قرشا". توب الدلع تقول الحاجة سعاد إنه قد اشتهر في فترة من الفترات وانتشر، وكان أكثر رغبة عند النساء ثوب (الدلع) في الخمسينيات أيضا بسعر 32 قرشا الأبيض منه، أما الملون فيبلغ 42 قرشا. واشتهرت تسميات ثياب أخرى منها (الوسادة الخالية) الأبيض منه بسعر 39 قرشا أما الملون في حدود 49 قرشا, وكذلك ثوب (المراهقات) سعر الأبيض منه 39 قرشا أما الملون ب 49 قرشا. أماني العمر وواصلت الحاجة سعاد عبد الكريم في سردها لتسميات ثياب تلك الأيام، فذكرت منها ثوب (أبو قجيجة) و(طريق السعادة) و(السلك الإداري) و(موكب النور) و(بسمة الأيام) و(فرحة العيد) و(سكون الليل) و(ليلة الذكرى) (أماني العمر) (الإخلاص) (السلك السياسي) (أجراس المعبد) (ليالي الفرح) (القائد العام) (الكرب الكحلي الممتاز) (المظاهر) (محراب النيل) (رموش شادية) و(الخرطوم بالليل) (السكري اب سيحان) (الوردة البيضاء)، ويبقى لكل زمان رمزيته وأناسه وتسمياته موضات ثياب تأتى وتشكيلات تتجدد وفقا لكل مناسبة وتطورات عهد، ولكن يبقى الثوب السوداني الرمزية الخالدة والحشمة المميزة للمرأة السودانية على مر العصور والأزمان وتستوجب المحافظة عليه. رمز الحشمة في السياق، قالت مصممة الثياب إيمان آدم ل (اليوم التالي) إن الثوب يرمز للحشمة ويميز المرأة السودانية من بين نساء العالم على كافة العصور والأزمان، وتفتخر به النسوة في كافة المحافل العربية والعالمية والمحلية، ولم تتعد عليه الموضة، وإنما يتجدد ويبقى الرمز المميز لكل سودانية. وأضاف: "اختلفت أنواع الثياب وتعددت خاماته وأشكاله وتشكيلاته ومسمياته التي تتماشى كمواكبة لكل مناسبة أوحدث ذي صدى في المجتمع". حالات المناسبات والوفيات من جهتها، تقول الحاجة فاطمة الرضي ل (اليوم التالي): "يمثل الثوب السوداني الزي القومي المميز للمرأة السودانية في كافة المناسبات والمحافل العامة، وهو أحد معالم الانتماء إلى الوطن، ويتم ارتداؤه عن طريق لفه على جسد المرأة، ويبقى جزء منه يغطي الرأس وتحرص النسوة على ارتداء فستان أو وبلوزة تتناسب مع لون الثوب والحذاء وحقيبة اليد لتكتمل الأناقة مع الإكسسوارات الأخرى". واستطردت: "ترتدي المرأة العاملة الثوب الأبيض الخالص وأحيانا تتخلله ورود ونقوش ملونة، وفي حالة وفاة الزوج تواظب الزوجة على ارتداء الثوب الأبيض المصنوع من القطن الطبيعي طيلة فترة العدة، ويمثل رمزا للحزن والحداد، على عكس ما هو متعارف عليه في العالم بارتداء الثياب السوداء أثناء مراسم الجنازة". وتابعت: "يفضل الثوب المصنوع من قماش التوتال المشجر للمناسبات العامة، وفي أوقات النهار، أما المصنوع من الحرير، فهو للسهرات". اليوم التالي