عادة الشلوخ عرفها السودان منذ القدم، خاصة في أقصى الشمال، ويرى مؤرخون أنها بدأت منذ عام سبعمائة وخمسين قبل الميلاد، وهي علامات في شكل خطوط على الوجه بعضها على هيئة خطوط أفقية مستقيمة، وأخرى مائلة، وبعضها هلالية الشكل عند الرجال والنساء. وتضع النسوة في السودان (الشلوخ) أساساً للتمييز بين مجموعة ثقافية وأخرى، وأحياناً بقصد الزينة، وعرف جنوب السودان عادة الشلوخ، لكنها توضع عند نسائهم في الغالب على الجبهة. أسماء شهيرة من أشهر أنواع شلوخ الرجال، (الواسوق والشبور)، ولا تختلف شلوخ النساء عن الشلوخ التقليدية عند الرجال كثيراً، ولكن النساء يضعنها على الخدود بغرض الزينة والجمال والموضة في الماضي، ومن أشهرها (العارض) و(المطارق). عن طريق الحجام في السياق، قال النور حسين الطيب الباحث في تراث المجموعات الثقافية ل (اليوم التالي): "تتم عملية الشلوخ عادة للرجال في سن مبكرة لا تتجاوز الخامسة على الأرجح، وتؤخر عند الإناث ربما حتى يبلغن العاشرة من العمر، وتتم عادة عن طريق الحجام أو المزين أو البصير (الطبيب البلدي)". وأضاف: "أصبحت الشلوخ ذات دلالات ومعانٍ دينية عند الرجال، وخرجت بذلك عن المفهوم القبلي الضيق بالانتماء للقبيلة، فانتشرت أنواع معينة منها لدى بعض المجموعات". واستطرد: "وتعد الشلوخ من العادات والتقاليد الموروثة التي كانت متأصلة في المجتمع السوداني في الماضي القريب". وتابع: "على الرغم من اندثار هذه العادة المتفردة في ظل التطور العام، إلا أنها لا تزال ماثلة خاصة في وجوه كبار السن". خطورة بالغة يرى البعض أن أسباب اندثار الشلوخ في الوقت الراهن يعود للألم الشديد الذي تسببه من جراء الجروح والآثار الصحية الخطيرة المترتبة عليها، بحسب الحاجة نفيسة التوم، التي قالت ل (اليوم التالي): "تجري عملية التجميل بواسطة (الموس)، وغالبا تكون غير معقمة ومن دون تخدير وتقوم بها سيدات مختصات". في فن الغناء مجد الشعراء هذه العادة وصوروا الفتاة المشلخة في أبهى صور الجمال، وساهم فن الغناء في السودان في اندثار تلك العادة بالتغني والتغزل في الخدود المشلخة، مثل الشاعر المعروف عبد الرحمن الريح في رائعته (انت حياتي)، حين كتب "ما شوهوك بفصادة على الخدود السادة طبيعي خلقة ربك ما دايرة زيادة مع لونك الأسمر ورد الخدود محمر لا بودرة لا أحمر". اليوم التالي