مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    تحرير الجزيرة (فك شفرة المليشيا!!)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    عائشة الماجدي: (الحساب ولد)    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    تحديد زمان ومكان مباراتي صقور الجديان في تصفيات كاس العالم    كريستيانو يقود النصر لمواجهة الهلال في نهائي الكأس    شهود عيان يؤكدون عبور مئات السيارات للعاصمة أنجمينا قادمة من الكاميرون ومتجهة نحو غرب دارفور – فيديو    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    واشنطن: دول في المنطقة تحاول صب الزيت على النار في السودان    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    شاهد بالصورة والفيديو.. نجم "التيك توك" السوداني وأحد مناصري قوات الدعم السريع نادر الهلباوي يخطف الأضواء بمقطع مثير مع حسناء "هندية" فائقة الجمال    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني الشهير "الشكري": (كنت بحب واحدة قريبتنا تشبه لوشي لمن كانت سمحة لكن شميتها وكرهتها بسبب هذا الموقف)    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    "الجنائية الدولية" و"العدل الدولية".. ما الفرق بين المحكمتين؟    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    لأول مرة منذ 10 أعوام.. اجتماع لجنة التعاون الاقتصادي بين الإمارات وإيران    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أثار التعذيب الجسدية والنفسية التي أحدثها جهاز الأمن والمخابرات السوداني وشهادات حية للضحايا من واقع ملفات مركز النديم 3
نشر في الراكوبة يوم 26 - 04 - 2017

ترك التعذيب فيما تركه علي السودانيين المذبين آثارا"جسدية بعضها أمكن علاجه ، وبعضها بقيت آثاره وبصماته ، علي ضحايا التعذيب لا تزول . فضحايا التعذيب في السجون والمعتقلات السودانية ، تعرضوا لأنواع من الأضرار لا تقل خطرا" ولا أثرا" ، عن أضرار جسدية أخري يتعرض لهل الجنود المقاتلون في الحروب . ومن هذه الآثار الجسدية التي لقيها المعذبون : الكسور شملت كسورا بالذراعين أو الساقين ، أو الأصابع ، أو الضلوع . فقدت أحدي السيدات جزءا" كبيرا من عظمة الساق والقدم بعد استئصال الأجزآء المتفتتة من العظام ، فأصبحت الساق أقصر بمقدار 30 سم تقريبا ، عن الساق اليمني ، واتصلت القدم بأعلي الساق من خلال عضلات فقط ، .كسور بالأصابع ، كسور وصلت في أحدي الحالات الي بتر أحدي السلاميات الطرفية كسور بالمفاصل ، سواء بمفصل الركبة ، أو المرفق أو الكتف . كسور بالحوض ،نتج عنها في أحد الحالات ، تمزق المجري الخارجي للبول ، مما استدعي التدخل الجراحي أكثر من شلاث مرات ، لتوصيل مجري البول . كسور متفرقة : في عظام الترقوة والفك ،والأسنان ، والحاجز الأنفي ، أضافة ألي عنف أدي الي انزلاق غضروفي ، في فقرة أو أكثر من فقرات العمود الفقرى .
أصابات الجهاز البولي : تضمنت التهابات مزمنة في الجهاز البولي ، وضعفا" في العضلة القابضة للمثانة ، مما تسبب في فقدان القدرة علي التحكم في عملية التبول . كما وجدت حالات التهابات متكررة ومزمنة بالجهاز البولي ، نتيجة التعذيب بادخال قضيب معدني في مجري البول . وقد أصيب أحد اللاجئين بفشل كلوي بسبب الوقوف في الشمس منذ الصباح وحتي الغروب كما أصيب الكثيرون بحصوات متباينة الاحجام في الكلية ، يرجح أن سببها الحرمان من المياه وفي أحدي الحالات أصيبت الكليتان بحصوات متشعبة ، بلغ حجمها حجم الكلية ذاتها ، وتم استئصال أحدي الكليتين . وأصبحت حياة المصاب مهددة بسبب أصابة الكلية الشانية . .. أصابات الجهاز التناسلي : التهابات بالخصيتين ، أو ضمور بالخصيتين . فتق أربي . حالات أجهاض لنساء تعرضن للتعذيب أشناء الحمل حرق النسآء في الأعضآء التناسلية الخارجية . أصابات بأمراض تناسلية . حمل نتيجة للأغتصاب .( حالات متكررة ) ... أصابات الجهاز الهضمي : التهابات وقرح بالمعدة والأثناعشر أضطرابات الهضم والأخراج نتيجة الأغتصاب بجسم صلب . وقد أصيب عدد من الضحايا بشرخ ، أو بناسور شرجي ، واستدعي كلاهما التدخل الجراحي . أصابات الجهاز التنفسي : ألتهاب في الشعب الهوائية والرئتين ، ، وازمات ربوية مزمنة ،نتيجة للأجبار علي استنشاق مواد مهيجة للأغشية المخاطية للجهاز التنفسي ، أو لسوء الأوضاع الصحية بأماكن الأحتجاز . أصابات العيون : التهابات الملتحمة ، وضعف الأبصار ،وفقد ألأبصار في بعض الحالات . أصابات الجهاز الدوري : ارتفاع ضغط الدم ، أو اختلال ضربات القلب أو أصابات بالشريان التاجي ، وتدهور حالات المصابين بامراض القلب ، الي حد فشل عضلة القلب . أصابات الجهاز العصبي : شلل أو ضعف بعضلات أحد الذراعين ، أو كليهما ، مع تأثر الأعصاب الطرفية ، ، بصورة تصل الي ضمور بعضلات الطرف المصاب ، نتيجة لتهتك بأحد الضفيرتين العصبيتين ، ، أو كليهما ، وذلك نتاج للتعليق من الذراعين . صداع نصفي ، أو جبهي ، أو بكل الرأس . :نوبات صرعية كبري نتيجة أصابة مباشرة علي الرأس . أنزلاق غضروفي . اصابات العضلات : ضمور العضلات ، نتيجة أصابة الأعصاب المغذية ( التعليق ) ضمور وتيبس في العضلات والمفاصل ( في الحالات التي تم تعذيبها بتقييدها بالحبال ، في وضع مشابه لوضع التعذيب في صناديق ضيقة ) أصابات الأذن : ضعف أو فقدان السمع . تهتك طبلة الأذن ، نتيجة للضرب المباشر علي الأذن . خلل في وظائف الغدد والهرمونات : تضخم في الغدة الدرقية . مرض البول السكري أضطراب بهرمونات المبيضين . أصابات الجلد : أمراض جلدية مزمنة بسبب سوء أماكن الأحتجاز ، والحرمان من الأستحمام أو عدم تغيير الملابس ، ونتيجة لتكدس المحتجزين ، وسوء الرعاية الطبية للمصابين منهم . حروق وتقيحات مختلفة العدد والحجم ، نتيجة الحرق بالسجائر المشتعلة ، أو قطع الحديد الساخنة ، أو بالبلاستيك المنصهر ، أو باشعال النار بعد سكب مواد قابلة للاشتعال جروح قطعية وتهتكية نتيجة الضرب بآلات حادة أو بالعصي ، وعادة ما تحدث التهابات ثانوية نتيجة انعدام الرعاية الطبية . أصابات بالأمرلض الجلدية المعدية والمزمنة ( عصية علي الشفآء ) . االصلع نتيجة لتشويه فروة الرأس بقطع الزجاج ، أو المواد الكيمائية الحارقة أو كلتا الوسيلتين ( حدث لسيدتين ) .
تري ما الذي بقي من أجساد المعذبين في سجون السودان ومعتقلاته ، ولم تصبه آشار التعذيب العارضة حينا ، والدائمة في كثير من
الأحيان ؟!
الآشار النفسية للتعذيب
ألآم الخبرة واستعادتها : من الملاحظ أن ضحايا العنف قد يعيشون بدون أعراض أو شكاوي لعدة أشهر أو سنوات ، تكون خلالها المشاعر المؤلمة محل أنكار أو كبت عنيفين . ومن السهل أن يفترض المشاهد عن بعد ، أن غياب الأعراض يعني غياب المعاناة . لكن هذه ألأعراض ، من المرجح ظهورها في المدي المتوسط أو البعيد ، حين يستعاد نسيج شبكة العلاقات الأنسانية جزئيا ويبدأ الأنسان الضحية محاولاته للتأقلم مع واقع جديد ، أكثر أمنا" ، لكنه في الوقت نفسه غريب وغير مألوف . . أن وصف خبرة القمع والخوف والهروب خاصة خبرة التعذيب ، أو الحديث عنها ، يتطلب ضرورة استرجاع الموقف ذاته ،بكل ما يحمل من ذكريات تفوق في الآمها طاقة التحمل البشرى ، ويكون الأحجام عن تناول الموضوع ، هو رد الفعل الطبيعي لكل من الضحايا والعاملين في هذا المجال علي حد السوآء . . ويمكننا دون أن نقع في خطأ التبسيط المخل ، تقسيم التقنيات المستخدمة في التعذيب الي قسمين أساسيين 1 تقنيات أضعاف الضحية : وتهدف الي خلق حالة من الأرهاق الشديد ، والخوف والقلق غير المحتمل . كما تهدف الي أيصال الضحية الي فقدان أي أمل أوأيمان ، باحتمال تحول الموقف الي الأفضل . وينتج عن هذا تدمير طرق التأقلم البيولوجية والنفسية للضحية . وهكذا يتولد الشعور بالأنكسار أمام قوة وجبروت السلطة ، ويبدأ الضحية بالتسليم بأنه ضعيف أمام قوة وجبروت السلطة ، ؤيبدأ الضحية بالتسليم بأنه ضعيف أمام خصم جبار لا يمكن مجابهته ، أو الصمود أمامه بل لا مفر من الأعتماد عليه نفسيا وبيولوجيا" .وبعد أن يكون الجلاد قد أوصل الضحية الي هذه المرحلة من الضعف الشديد والانكسار والأعتمادية ، فانه ينتقل الي هدفه النالي ، وهو تدمير الضحية من خلال أشعار صاحبها بأنه أنسان **** ، لا يساوي شيئا" ، وأن أصدقاءء ورفاقه سيعتبرونه خائنا" وجبانا ، ولن ينال منهم أي احترام او ثقة بعد ذلك . ..2 تقنيات تحطيم الشخصية : وتستهدف خلق حالة من الصراع الداخلي ، وما يصاحبه من قلق مدمر ، وأحساس بالذنب والعار ، وفقدان الثقة بالذات ، والأحساس بالتناقض ، وتشويه الأدراك الذاتي للضحية ، من حيث وعيها بنفسها ككيان له كليته ، ووجوده المستقل ، وبالتالي تنضب موارده الداخلية النفسية التي تساعده علي مواجهة الخطر الخارجي .
أن التدمير النفسي والعقلي الناتج عن التعذيب لا يرجع فقط الي الألم الجسماني في حد ذاته . وقد عبر أحد الضحايا عن ذلك قائلا: أنا لم أهتم كثيرا" بالألم الناتج عن الضرب والتعليق ، أنما الصراخ الصادر من الغرفة الأخري هو ما لم أنمكن من أحتماله .
أن أيا من الأمراض التي تتسبب في ألام شديدة ، لا تحدث أعراضا كتلك التي نلاحظها من ضحايا التعذيب ، كما لا نلاحظ هذه الأعراض أيضا علي ضحايا الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات وغيرها ، وذلك علي الرغم مما تحدثه من دمار ، وفقدان للكثير من الأرواح . أن هذه الكوارث ، وأن كان من الممكن أن ينتج عنها أضطرابات نفسية وجسدية حادة ، هي في النهاية أمور قابلة للاستيعاب والتحليل والفهم بواسطة العقل البشري ، وذلك علي عكس ما يحدث في موقف التعذيب ، حيث يستحيل علي الأنسان المعذب فهم الموقف ، أو أستيعابه ، أو التفاعل معه . ولكي نستوعب العواقب النفسية للتعذيب، يجب أن نفهم طبيعة الصدمة التي يسببها التعذيب . لقد مر ضحية التعذيب بتجربة شديدة التطرف، جعلته في وضع يمثل أقصي درجات العجز . فهو غير قادر علي تجنبه أو الهروب منه أنه تحت السيطرة الكاملة والمطلقة للقائم علي تعذيبه ولا مفر أمامه البتة .
الأعراض الاكلينيكية : تحدثنا عن الديناميكيات التي ينتجها موقف التعذيب ، وتتبدي هذه الديناميكيات في أعراض نفسية وجسدية ، عادة ما تلازم ضحية التعذيب لفترات طويلة ، وأحيانا لمعظم سنوات حياته . ويمكننا تقسيم هذه هذه الأعراض الي أربعة أقسام رئيسية : اعراض نفس جسدية : وهي الأعراض الأكثر شيوعا لدي ضحايا التعذيب . : وتشمل الصداع المزمن ، وفقدان الشهية ، وضعف الرغبة الجنسية ، والأرق ، والآم العظام والعضلات ، وأضطرابات المعدة والجهاز الهضمي ، واضطرابات القلب ، وضغط الدم ، واضطرابات الجهاز البولي والتناسلي ، وأضطرابات الغدد الصمآء ..الخ
أضطرابات سلوكية : وتتضمن تغيرات في السمات الشخصية ، مثل أدمان العقاقير والكحول ، والعزلة ، والأحساس بالعجز ، وضعف الثقة بالنفس ، واعتمادية ، وضعف القدرة علي المبادرة ، وعدم المبالاة ،والمراوغة ، والأندفاع ، والوسوسة وقد تتبدل شخصية الأنسان تماما"، فيصبح عصبيأ" سريع الأنفعال والتوتر . ..أضطرابات وجدانية وعقلية : واكثرشيوعا"والأكثر شيوعا" في هذه الأضطرابات هو الأكتئاب المزمن . . وةيعبر عنه في صورة عدم للقدرة علي الأستمتاع ، والرغبة في الموت ، والبشعور بالذنب ، وأفكار أنتحارية ، والشعور بالذنب ، والأحساس بالعجز واليأس ، واضطرابات النوم شاملة الكوابيس ،واضطرابات الذاكرة . وقد يفقد الأنسان مشاعره نحو أقرب الناس اليه ، ويشعر بالأغتراب في منزله ، ومع أفراد أسرته وأصدقائه .
الأعراض النفسية للأغتصاب : من المسلم به أن الأهانة النفسية ، والتدمير البشع للكرامة ، هو المستهدف من وراء هذه الوسيلة الوضيعة . ففي كل الحالات التي تعامل معها مركز النديم كان الأغتصاب بوسائله المتعددة ، أكثر الموضوعات حساسية وصعوبة في عملية التأهيل النفسي ، لما ينتج عنه من شعور بالدمار النفسى ، والأهانة ، والخجل ، والشعور بالذنب ، فهي مشاعر كثيرا ما تدفع بالضحايا الي تجنب الأختلاط بالمجتمع ، وفرض العزلة التامة علي النفس . وكثيرون من الضحايا لم يتطرقوا لهذا الأمر ، أثناء تعاملهم مع الأطبآء لفترات طويلة ، قد تصل الي عدة أشهر ، حيث البعض لم يستطع الحديث عما تعرض له ، وفضل كتابتها في الرسائل المطوية للطبيب .
أن صورة المشهد المؤلم للاغتصاب تظل تطارد الضحية في يقظته ، وفي نومه . وقد تتسبب له نوبات استرجاعية عنيفة ، عند رؤية أي مشهد له علاقة قريب أو من بعيد بهذا الحدث . وقد يحدث ذلك أيضا أثناء ممارسة العلاقة الزوجية ، فتستحيل العلاقة وتتعقد مما يضاعف من أحساس ضحية التعذيب بالعجز وبالذنب معا " . ويتفاقم الشعور بالذنب علي وجه الخصوص لدي النساء ، لانهن يشعرن بأنهن فشلن في صون أنفسهن ، أوأنهن خذلن أسرهن وعشيرتهن ، لكونهن أصبحن موضوعا مارس فيه الأعدآء انتقامهم وانتصارهم . ومن ثم تفقد النساء الثقة بأنفسهن وبالآخرين ، وصرن يتقززن من اجسادهن ، ويرفضن ، بل وأحيانا يخشين أي علافات جنسية لاحقة ،حيث يتملكهن أحساس بأنهن مشوهات وموصومات ، وأن ذلك هو رأي الآخرين فيهن ، ولا أمل في أصلاح مثل هذه الصورة ومما يزيد من صعوبة العواقب النفسية للأغتصاب، أن الضحاتا لا يستطيعون الأعلان عنه بسهولة ، لأنه يعتبر أمرأ" مخزيا" من الناحية الأجتماعية ، حتي ولو تم بين جدران الزنازين . وفي حالة النساء قد يحملهن المجتمع مسئولية ما حدث ، ومثم تمثل خبرة الأغتصاب بالنسبة للاجئات صدمة مضاعفة ، حيث يصبحن ضحايا مرتين ، ضحايا المغتصب ، وضحايا المجتمع الذي لم يكتف بأنه عجز عن حمايتهن ، بل بخل عليهن بالتعاطف ، وتقديم المساعدة واستقبلهن بالعدوانية والرفض .
وينعكس كل ما سبق من شكاوي ضحايا الغتصاب ومعاناتهم التي تتضمن ، علي سبيل المثال لا الحصر : أضطرابات النوم ، والكوابيس ، وتغيرات في مزن الجسم ، واضطراب شديد في الشهية ،وتخدر لإي المشاعر ، والشعور بالاكتئاب ، وتفضيل العزلة الأجتماعية ، وتجنب الآخرين ، وكذلك تجنب المشاعر العميقة، والخوف من الناس ، وخصوصا الغربآء وممارسة العنف مع الأطفال ووجود أفكار ومحاولات أنتحارية متعددة ، وتمني الموت ، والأهمال الشديد في المظهر والصحة العامة ،أضافة الي أعراض جسمانية متعددة .
الأضطرابات النفسية المترتبة علي التعذيب : الأكتئاب متعدد الدرجات ،وقد يصل بالمكتئب الي الرغبة في الأنتحار ، أو أن ينعزل تماما" كضحية للتعذيب ، عن كل محيطه الأجتماعي ، حيث يتملكه شعور بفقدان الأمل نهائيا في المستقبل ، وأستحالة الأنتظام في زواج أو عمل ، أو عملية تعليمية ..الخ
أضطرابات دائمة في الشخصية : أضطرابات ذهانية ( عقلية ) متعددة الدرجات والأنواع .
أضطرابات النوم والكوابيس المزعجة ، المرتبطة بأحداث التعذيب ، أو بخبرات التعرض للعنف . أضطرابات الشهية ، وفقدان الرغبة في الحياة ، ومحاولات أالأنتحار . أضطراب كرب ما بعد صدمة ، حيث يعيش الأنسان نوبات استرجاعية مؤلمة ، يعيش فيها أحداث التعذيب بتفاصيلها ، وكأنها تحدث من جديد ، مما يعود بالأنسان الي الحالة النفسية المصاحبة لعملية التعذيب . وقد يحدث ذلك في أشناء اليقظة أو النوم ، وقد تكون مصحوبة بهلاوس سمعية أو بصرية أو كليهما . كما تتحكم في الأنسان كوابيس مزعجة بنفس المستوى ، تؤدي الي الأستيقاظ المتكرر من النوم ، في حالة من الفزع . والأصابة بهذا الأضطراب قد تدفع الانسان لأن يتجنب التفكير في حدث التعذيب ، ويعزف عن التحدث عنه ، بل أنه يسعي الي الأبتعاد عن كل ما يذكره به ، سوآء كان ذلك متمثلتا" في أماكن معينة ، أو أشخاص ، أو جنسيات ، أو أنشطة بعينها . وقد يصل الأمرالي فقدان القدرة علي تذكر أي تفاصيل متعلقة بأحداث التعذيب . وهو آلية دفاعية تستخدمها النفس ، حين تكون الذكري شديدة الألم ، بدرجة تهدد بالأنهيار العصبي للأنسان .تغيرات في السلوك والمشاعر : مثل نوبات التوتر ، ، أو الغضب بدون سبب أو لأسباب بسيطة لا متناسبة مع رد الفعل ، أو الأنفعال بدون داع أو ضعف الذاكرة ، أو الشعور بصعوبة في التركيز
صعوبات التأهيل : من كل ما سبق وصفه ، يمكننا أن نتصور حجم المعاناة ، وقسوة الذكريات التي يحملها اللاجئ الهارب .يضاف الي ذلك الصعوبات التي يواجهها المعالج ، فضحايآه ، ليسوا حالات طبية أو مرضية يمكن وصفها وفقا" للمشاهدات الطبية والنفسية الخاصة بها ، أو تصنيفها ووفقا" للتصنيفات النفسية المعتادة للأمراض . ذلك أنهم يكونون في حالة من التمزق والتفتت ، وفقدان الذات ككل متكامل ، كما عبر أحد الضحايا عندما وصف نفسه بأنه كوب زجاج مهشم الي قطع صغيرة ويشعر بأنه فقد كليته وكينونته كأنسان . وعندما يصل أنسان الي هذا الحد من التفتت ، يصبح الأمل الوحيد لديه هو الموت أو التلاشي من هذا الوجود .
وكما أن تصنيف ضحايا القمع والتعذيب وفقا" للتصنيفات المرضية المعروفة أمر صعب ، وغير دقيق ، فأن المهمة العلاجية لا تقل صعوبة في تعقيدها ، وعدم تقليديتها. فهي لا تهدف بالأساس الي التقليل من ألام الضحية وحسب، بل تهدف أيضا" الي أنقاذه من التلاشي ، وتجميع شتاته ككيان أنساني كامل ومتحد ، وحمايته من المؤثرات من خارج ذاته أو
من داخلها .
وتأتي صعوبة الموقف وتعقيده ، من كون التعذيب شكلا" من أشكال العنف المقصود والمنظم ، الذي يعيش الضحية خبرته بكل وعي ، دون أن يمتلك أي قدرة علي التحكم فيه ، أو التعرف علي مداه النوعي أو الزمني ، ولايمكنه أن يتوقع نتيجة أي أستجابة من جانبه ، أو رد فعل هذه الأستجابة علي معذبيه ، فيقع بالضرورة في حالة من الأستحالة ، وعدم المنطقية النفسية . لذلك تتضمن عملية التعذيب ، وتهدف الي ألغآء الحد المطلق من حرية الضحية وارادته ، وبالتالي من قدرته علي السيطرة علي جسده وعقله ،بل انها تهيئه بالغآء ذاته كأنسان ، وتحوله الي مجرد موضوع للتعذيب . وتصبح الذات الوحيدة القادرة علي الفعل هي ذات الجلاد ، والسلطة التي يمثلها ، ويمارس التعذيب بأسمها . وهنا يكمن مغزي التعذيب ، وسر قوته كأداة للقمع والتحكم . فمن خلال السيطرة ة الكاملة علي جسد الضحية ، كجزء من ادراكه لذاته ، يتم السيطرة علي روحه وعقله ، وتشويههمابما يتلاءم وأغراض السلطة ومصالحها ...
يتبع شهادات حية لضحايا التعذيب بواسطةجهاز الأمن والمخابرات السوداني
أعداد هلال زاهر الساداتي 3
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.