مشروع الجزيرة والمناقل عملاقاً انحدر إلى إملاق يقع مترامياً في أرض طينية منبسطة بمساحة (2.2) مليون فدان بالقديم، أهم المحاصيل الاستراتيجية المزروعة في العروة الصيفية والتي دائماً ما تبدأ منتصف مايو بداية بالنظافة وحفار أبو عشرين ثم تطهير الحشائش وإزالة الأطماء يزرع فيه محصول القطن، أما في العروة الشتوية والتي تبدأ في أواخر أكتوبر محصول القمح والمحصولين الوحيدين اللتين تمولان من قبل البنك الزراعي والشركات والتمويل على شكل مد المزارعين بالتقاوي وسماد اليوريا ومخصب الداب والفسفور ، هنا في هذا الموسم 20162017م استهدفت زراعة القمح من قبل وزارة الزراعة الاتحادية وإدارة المشروع ببركات (500) ألف فدان ولكن ما تم زراعته لا يتجاوز عن (300) ألف فدان وذلك بسبب اتجاه المزارعين إلى زراعة محاصيل تدر بعائد نقدي سريع ولا يكلف زراعته الكثير من العمليات الزراعية ومدخلات الإنتاج مثل محاصيل (الكبكي والعدسية والبصل) على حساب المساحة التي قررت لمحصول القمح ويشير المزارعين امتناعهم عن زراعة محصول القمح لعدة أسباب منها أن السياسة الزراعية الرعناء اقتضت رفع النظام يده عن دعمها وبكافة المشاريع الزراعية القومية وهي ( الجزيرة ، السوكي ، حلفا الجديدة ، الرهد) وترك المزارعين عرضة للشركات التي تنشد الربحية فقط ولا يهمها ماذا يعني الأمن الغذائي لمحصول يساعد في الاستقرار خاصة في الولايات ولا يتركهم يهاجرون إلى المدن بالداخل أو الهجرة إلى الخارج كما تجهل الشركات كيفية تلافي المجاعة تحاشياً عن الأزمات المترادفة في خبز الرغيف والتي شملت كل البلاد وصارت الرغيفة صغيرة الحجم رديئة النوع وقليلة الوزن (2) منها بواحد جنيه ، أطلقت للرأسمالية الطفيلية المتوحشة اليد القذرة للعبث بالمزارعين عبر روافدها البشعة اشتراطاتها التعسفية دونما مراقبة تحت مظلة قانون الإزعان المسمى بتنظيمات مهن الإنتاج الزراعي والحيواني وجمعياته الكارثية التي قاطعها معظم المزارعين حدد السعر التركيزي لجوال القمح زنة مائة كيلو خالي من الشوائب تسليم مواقعها وبعد تنديدات من المزارعين وتحالف مزارعي الجزيرة والمناقل تمت زيادة السعر خمسين جنيهاً ليصبح (450) جنيه للجوال، وتدنت إنتاجية فدان القمح لهذا الموسم مقارنة بالموسم السابق من خمس إلى سبع جوالات لعوامل نذكر منها المناخ حيث تأخر فصل الشتاء إبان نمو القمح مرحلة (حِمْله) فترة تخلق السنابل التي تطلب طقس بارد وعند ما جاء البرد كانت فترته قصيرة أضف إليه فساد مبيد الحشائش الذي لم يكافح النباتات الطفيلية التي تعيق النمو مما أضعف حجم السنابل وأدّ إلى ضعف الحبوب، جأر المزارعون عن التكلفة الغالية لمدخلات الإنتاج الزراعية حيث بلغ سعر جوال الداب زنة (50) كيلو (380) جنيهاً وتحتاج الحواشة أربعة فدان إلى ثلاث جوالات وسماد اليوريا الجوال زنة (50) كيلو (280) جنيهاً وتحتاج الحواشة إلى ست جوالات والتقاوي زنة (60) كيلو (420) جنيهاً تحتاج الحواشة إلى أربعة جوال ، هنالك حفار أبو عشرين وإزالة الأطماء وتطهير الحشائش والسقاية تسع ريات ، أما عند الحصاد الحواشة (1000) جنيهاً وضريبة المياه (600) جنيهاً والزكاة كل عشرين جوال يؤخذ جوال منها وفي حالة عدم اكتمال النصاب عشرين جوال يؤخذ من كل جوال (17.5) جنيهاً ، هنالك رش الطيران (150) جنيهاً والترحيل والعتالة طالع نازل من الحواشة إلى مخازن بركات بود مدني (40) جنيهاً لكل جوال ، وسعر الخيشة الفارغة (25) جنيهاً، ثم كيلة الشحادين والذين لم يراهم المزارع إلا في يوم الحصاد (وقت القلقول ما لقينا زول وقت الحصاد كتر الأصحاب) وكثيراً ما يشكو المزارعون تماطل البنك الزراعي في تأخير مستحقاتهم من الأرباح ، وكان تحالف مزارعي الجزيرة والمناقل قد أصدر بياناً مغتضباً يناشد فيه المزارعين بعدم تسليمهم محصولهم من القمح للبنك الزراعي أو الشركات الممولة إن لم يرتفع سعر التركيز إلى (600) جنيهاً وهنا في القسم الجنوبي التابع لمشروع الجزيرة والمناقل بعض المزارعين باعوا محصولهم في السوق لأن السعر يوازي سعر البنك (450) جنيهاً واستطاعوا توفير قيمة الترحيل إلى ود مدني الجوال (40) جنيهاً وسددوا مديونيتهم نقداً والبعض الآخر منهم باع جزء من محصوله وورد إنتاجه من القمح بسعر التكلفة فقط وذلك لأن المزارعين وقعوا شيك على بياض تلافياً إلى عدم الاصطدام بالقانون الجنائي المادة (179) لقانون 1991م شيك مرتد خشية من البقاء بالسجون حتى السداد أو الممات ولم تتغير هذه السياسات الزراعية النسيئة والتي تسعى بخطى متسارعة لإفقار المزارع حتى يترك حواشته ويقضي على آخر مزارع بمشروع الجزيرة والمناقل وعلى المزارعين الوحدة لمقاومة هكذا نظام عدو المزارع عدو إنسان الجزيرة عدو الأرض (تباً لقابلة أخرجتهم وأحرجتهم). إن نطقت مت وإن سكت مت فقلها ومت الميدان