كتبت مقالي السابق " الصفعة " والذي أشرنا فيه إلى غباء الدبلوماسية السودانية التي فاتها أن تعتذر مبكرا عن دعوة قمة الرياض ، ولم يجف حبره بعد حتى جاء الاعتذار المخجل المخزي للرئيس البشير عن عدم حضور القمة والمخجل أكثر ذلك التبرير الفطير الذي ساقه الرئيس رسميا قائلا إن الاعتذار جاء " لأسباب خاصة " فيما جاء حديث القصر متسما بالغباء على طريقة النكتة السودانية الشهيرة " العريس نضم " .. حيث قال المتحدث باسمه إن اعتذار الرئيس " كان قرارا مدروسا لتفويت الفرصة على المتربصين " لكن هذا العيي الغبي الدعي لم يقل لنا من هم المتربصون ؟ فلم يكن هناك من يتربص بهم سوى سوء ما فعلت أيديهم من رعاية.. فهم أهل الدعوة التي فرحوا بها وأعلنوها مبكرا على لسان الرئيس ثم جاء وزير العريس ، وزير الخارجية غندور ليعلن بملء فيه وفي جنيف إن الرئيس سيحضر قمة الرياض وأكثر من ذلك تناقلت وسائل إعلامهم مواعيد مغادرة ووصول الرئيس للرياض !!. والسؤال الذي لا إجابة له هو " ماذا كنتم تدرسون ومتى ؟ " بل ماذا كنتم ستفعلون إن لم تدرسوا ؟ " وأنتم تخرجون بقرار الاعتذار بعدما فات الأوان وقال لكم ترامب لن تحضروا ونصحكم أصحاب الدعوة بالاعتذار !! كان على المتدارسين أن يتداركوا الأمر قبل وقوعه لكنهم بدلا من ذلك أخذتهم العزة بالدعوة قبل وصولها فانبرى الرئيس يفاخر بها على جريدة الشرق القطرية ويعتبرها ردا على من زعم أنه لا تتم دعوته للمؤتمرات الدولية ثم لم يلبث أن " لفحها " وزيره المتهور ليعلن عن مشاركته . هؤلاء المصفحون ضد الإحراج لا يرف لهم جفن فقد تبلدت أحاسيسهم وتورمت وجوههم من أثر اللطم والصفع الدولي بل تساقط لحمها من فرط وقوفهم بأبواب الاستجداء وبيع الوطن فلم تعد فيها مزعة لحم من الكرامة. هؤلاء يذكرونني بمثل خليجي سائر ساخر من العروس التي يبغضون والفرحة التي يعلمون نهايتها المأساوية في كل أمر فيقولون " لا تفرحين ترى الطلاق باجر / باكر " الرئيس ونظامه للأسف لم ينتظر عرسهم حتى الغد ليكتمل الزفاف بل تراجع أهل الدعوة عن دعوتهم ورفض المعازيم حضورهم فصاروا كالبعير الأجرب يتجنبه كل صحيح. الحقيقة أن الرئيس لم يعتذر لأسباب خاصة بل لأسباب عامة يعلمها القاصي والداني وأعلنتها السفارة الأمريكية بل نقلت صحف عالمية هذا العنوان " ترامب لا يريد رؤية البشير في القمة الإسلامية " ونقلت مواقع عديدة نقلا عن مسؤول أمريكي رفيع هو مساعد الرئيس قوله " إن الرئيس ترامب تلقى تأكيدات سعودية مفادها أن الرئيس السوداني لن يشارك في القمة " وبالتالي فإنه وبعد التأكيدات السودانية بحضور الرئيس يعني ذلك أن السودان رد بقبول الدعوة سلفا ويبقى التفسير الوحيد أن السعودية هي التي طلبت منه الاعتذار وعدم إحراجها رغم أنها رفعت أعلام السودان في طرقاتها لأنها تعلم تماما أن أمريكا ما كان لها أن تجامل أو تقبل حضور رئيس لنظام تضعه على قائمتها السوداء وتعتبره راعيا للإرهاب وهو أمر كان ينبغي ألا يفوت على طالب سنة أولى سياسة وليس حكومة بقيت في الحكم قرابة ثلاثين عاما حسوما. ثم أن الرئيس كلف الفريق طه بالحضور ولو كان وحكومته على علم ما فعلوا ذلك وهو مجرد مدير لمكتبه منح وزير دولة ومع ذلك وفي محاولة يائسة من الرئيس لإضفاء صفة أنه يمكن أن يكون له دور قال إنه مفوض " للمشاركة في كافة الفعاليات " فما هي الفعاليات التي سيشارك فيها ؟ لا نعتقد أنه سيحظى بأي اهتمام مع رؤساء دول ورؤساء حكومات وسوف يتجنب الجميع الجلوس بجانبه وسيكون مكانه قصيا في الصفوف الخلفية بحيث يتم إبعاده حتى من احتمال المصافحة... وباكر الخبر " يجيبنوا الدلاليات ويتندر به الواتسابيون والواتسابيات " . وما دام الرئيس قد اعتذر عن قمة قادة ورؤساء حكومات كان عليه عدم إرسال أي ممثل آخر ولو كان فعلا يمكنه ذلك لكان المفترض أن يمثله رئيس الوزراء بكري " لكن هذا أيضا سيتم رفضه " .. وربما بعث الفريق طه لأنه يزعم أنه قريب من ولي ولي العهد السعودي وكذلك من قادة الإمارات ولذلك ربما يعتقد أن ذلك كافيا لأن يشفع له ويجد كرسيا في مكان ما من القاعة لكنه على كل حال سيبقى " بعير القمة الأجرب". وهذه المشاركة المرفوضة والعرس المفترض أصبح " شيلة حال " للبلد حيث أصبح رئيس السودان هو طريد المؤتمر كما كان من قبل طريد العدالة الدولية. قلت إن هؤلاء مصفحون ضد الإحراج حيث أنه بالأمس القريب تحدى الرئيس الحظر المفروض عليه ليذهب لجنوب أفريقيا لكنه لم يكن على قدر التحدي وخرج خلسة على عجل قبل اكتمال جلسات المؤتمر متخفيا ومن مطار مجهول بعد أن ارتفعت الأصوات المطالبة بالقبض عليه ومن ثم تحول لمادة من السخرية بل وعرض الحكومة الجنوب أفريقية لمساءلة محرجة. وقبلها حلف بالطلاق وغيره من الحلف المغلظ بأن قوات الأممالمتحدة من ذوي الكابات الزرقاء لن تطأ أقدامهم الخرطوم الطاهرة ثم كانوا بعد وقت قليل يطيرون ويحطون في مطار الخرطوم على بعد أمتار منه يكاد يرى طائراتهم تحلق من شرفة قصره وبيته وهو يحتسي شاي الصباح والمساء !!. وحتما نحن موعودون بمزيد من المواقف المحرجة في ظل نظام أصبح جلده أكثر سمكا من جلد الفيل فهو مصفح ضد الإحراج. إضاءة: لا خيرَ في القومِ من طولٍ ومن عظمٍ جسمُ البغالِ وأحلامُ العصافيرِ كأنكم خُشُبٌ جُوفٌ أسافلُهُ مثقّبٌ ، فيه أرواحُ الأعاصيرِ [email protected]