إسماعيل جمال: تعرضت فتاة تركية في مدينة إسطنبول إلى اعتداء بسبب ارتدائها سروالاً قصيراً، في ثاني حالة في المدينة خلال أشهر تتزامن مع حوادث أخرى شملت الاعتداء على أشخاص بسبب إفطارهم في نهار رمضان، وهو ما زاد المخاوف من أن تتحول هذه الحوادث التي توصف ب«الفردية» إلى «ظاهرة» تثير الشقاق في المجتمع. وولدت هذه الحوادث غضباً شعبياً واسعاً ظهر على شكل عشرات آلاف التغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط اتهامات للحكومة بالتساهل في التعامل مع هذه الحوادث وعدم إنزال عقوبات رادعة بحق منفذيها، بينما سعى آخرون للتأكيد على أنها حوادث فردية وقليلة ولا يمكن اعتبارها ظاهرة أو توجها جديدا في المجتمع. وبثت وسائل الإعلام التركية مقطع فيديو يُظهر لحظة قيام شاب بالاعتداء بالضرب على فتاة في أحد باصات المواصلات العمومية بمدينة إسطنبول، حيث يقوم بلكم الفتاة على وجهها وهي جالسة قبل أن يدفعها ويسقطها أرضاً وذلك على خلفية ارتدائها سروالاً قصيراً خلال شهر رمضان. وقالت الطالبة الجامعية أسينا ميليسا سكلام إن الرجل كان يتهجم عليها لفظيا منذ لحظة ركوبها الحافلة وقال لها «يجب أن تخجلي من نفسك وألا ترتدي هذه الملابس في رمضان» وتضيف: «على الرغم من عدم ردي عليه ووضعت السماعات في أذني إلا أنه قام ووجه لكمة إلى وجهي». وبعد أن تصاعد الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب أنباء عن إفراج الأمن التركي عن الشخص المعتدي، قالت مصادر أخرى إنه معتقل فعلياً لكن على خلفية اتهامات أخرى، في حين نددت جمعيات حقوقية وأخرى متخصصة بحقوق المرأة بما وصفته تساهل السلطات مع المعتدين، وكتبت منظمة «أوقفوا وأد البنات» على تويتر إن «الإفراج عن المهاجم هو تهديد لجميع النساء. سنرتدي ما يحلو لنا في الخارج. لن نتخلى عن حرياتنا». لكن السلطات التركية التي تنفي التساهل في هذه الحالات، تقوم حالياً بمحاكمة شخص آخر متهم بقضية مماثلة شهدتها مدينة إسطنبول نهاية العام الماضي، حيث يتوقع أن يصدر حكم بالسجن لمدة 9 سنوات بحق شاب ضرب فتاة بقسوة في إحدى وسائل المواصلات العامة لأنها ترتدي تنورة قصيرة. وكان عبد الله جاكير اوغلو ضرب فتاة تعمل ممرضة بالجانب الآسيوي في اسطنبول أيلول/سبتمبر الماضي بسبب ملابسها القصيرة، وبعد أن أطلقت السلطات التركية سراحه لكونه يعاني من «اضطرابات نفسية» اضطرت لاعتقاله مجدداً ومحاكمته تحت ضغوط من النشطاء والجمعيات الحقوقية. ورداً على هذه الحادثة، نشرت فتيات تركيات يرتدين سراويل قصيرة فيديو وهن يقمن بوصلة رقص في أحد باصات المواصلات العامة بمدينة إزمير غربي البلاد، وأكد مئات الأشخاص الذين شاركوا الفيديو على أن هذه الأحداث لن تتمكن من تغيير طابع المجمع أو التضييق على الحريات العامة ومنها حريات اختيار الملابس. وتقول المعارضة إن هذه الحوادث جاءت كنتيجة طبيعية للسياسات التي يتبعها حزب العدالة والتنمية الحاكم والرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ وصولهم إلى الحكم قبيل 15 عاماً، لا سيما محاولة إبراز الطابع الإسلامي للمجتمع وطمس العلمانية وظواهرها والتضييق على الحريات العامة، على حد تعبيرهم. وفي الأيام الأولى من شهر رمضان الجاري، وقعت اشتباكات واسعة بين نشطاء يساريين وأكراد من جهة وآخرين قوميين على خلفية إفطار المجموعة الأولى في نهار رمضان داخل حرم الجامعة، ما أوقع العديد من الإصابات واستدعى تدخل الشرطة على نطاق واسع. ولا يوجد في القانون التركي، الذي يتبنى الأسس العلمانية، ما يُجرم الإفطار في نهار رمضان أو يضع معايير معينة للملابس. من جهة أخرى، بث شاب من اللاجئين العرب في تركيا فيديو له بلغة تركية مكسرة وهو يحاول التعرف على فتاة تركية بمدينة أضنة عبر طلب أرقام هواتف الفتيات في مشهد أثار غضب الشارع التركي واعتبره «تجرأ في معاكسة الفتيات والتباهي بهذا الفعل غير المقبول». والخميس، قام شبان أتراك من المحافظة بإلقاء القبض على الشاب وبث فيديو له وهو يقدم اعتذاره للمجتمع والفتيات التركيات على ما بدر منه، قبل أن يتعرض لعملية ضرب مبرح من قبل الشبان الذي وصفوا فعلته بالمخالفة لعادات وأصول المجتمع.