برغم النفي والإدعاءات الكاذبة بشأن السيطرة على الوباء، فإن مرض الكوليرا ينتشر إلى مناطق جديدة،ومعدل الإصابات يتصاعد،الأمر الذي دفع بعض الولايات لتأجيل بداية العام الدراسي خوفاً على التلاميذ،ولأن الحقائق باتت مكشوفة فإن دولاً خارجية مثل مصر فرضت تحوطات لعدم انتقال الوباء إليها من السودان. عدم الإعتراف بالمرض-لأسباب سياسية واقتصادية-كما جاء على لسان معتمد بحري،بالإضافة للتردي في القطاع العام الصحي،واهماله المتعمد من قبل النظام،هو المسؤول عن تفشي مرض الكوليرا،منذ أغسطس 2016،وإلى يومنا هذا في مناطق البحر الأحمر،والنيل الأزرق،ثم النيل الأبيض والخرطوم،وكردفان ودارفور،وبعض مناطق الشمالية. ومع هذا فإن بعض المسؤولين يلقون اللوم على اللاجئين الجنوبيين،وقيلت هذه الإدعاءات لدى ظهور الكوليرا بالخرطوم والنيل الأبيض، وهاهي تتكرر في شرق دارفور بمحلية الضعين،فقد صدر قراراً من المعتمد المكلَّف بمنع دخول اللاجئين الجنوبيين للمدينة،واخلائهم خلال(72)ساعة،وفرض غرامات على أصحاب المركبات إن نقلوهم،وفي أبريل الماضي أعلن معتمد اللاجئين أن الخرطوم تدرس إبعاد اللاجئين الجنوبيين منها. وإذ نعلن إدانتنا لهذا القرار،وندعو قوى المعارضة لهزيمته،فإنه لا يقدم ولا يؤخر في قضية انتشار الكوليرا لأن الوباء-للأسف- استوطن ببلادنا وتحميل المسؤولية للاجئين الجنوبيين،هو ذر للرماد في العيون،وهروب من استحقاقات اللجوء باعتبار السودان دولة مضيفة،كما أن منع التنقل وتقييد حرية حركة الأجانب بمن فيهم اللاجئين من صلاحيات السلطة السيادية،وليس أي معتمد مكلَّف. لقد قلنا من قبل،ونكرر القول بضرورة تطبيق الحريات الأربع بين السودان وجنوب السودان،وتطبيع العلاقات بما يعزز المصالح المشتركة بين الشعبين،وتفويت الفرصة أمام دعاة التصعيد وتكريس الخلافات،وهم الذين أسهموا بقسط وافر من قبل في انفصال الجنوب عن الوطن الأم،تنفيذاً لأجندة داخلية وخارجية مفضوحة. أما الكوليرا فالنظام الفاسد هو المسؤول عنها بالدرجة الأولى،وجريمة في حق الشعب تضاف لسلسة الجرائم الأخرى إلى يوم الحساب القادم.
