اثار الخروج الدراماتيكي للفريق طه الحسين الي السعودية كثير من التساؤلات المشروعة حول دوره السياسي السابق كمدير لمكتب الرئيس البشير و كيف تحول بصورة مفاجئة الى مستشار لوزير الخارجية السعودي باعتبار انه منصب رفيع لا يحوزه الا ذو علم و باع طويل في دهاليز السياسة و الدبلوماسية الاقليمية. و لعل الدهشة لازالت ترتسم علي وجوه كثير من ممارسي السياسة السودانية و متلقيها علي مواقع التواصل الاجتماعي كون ان طه ظل يوصف بتوصيفات تنميطية علي هذه المواقع علي شاكلة ( طه الدلاهة) - (طه التمرجي) - (طه المسئول عن شؤون الحريم الرئاسي). و ظلت تسخر من صوره و معاركه الشخصية كنوع من التشفي و الانتقام الذي يبدو مشروعاً بالنظر الي حالة الغبن العام علي حكومة الانقاذ و فساد اخلاق و ذمم منتسبيها. و لكن هذا التشفي اعمى الكثيرين حول شخصية الرجل و قلل من قدراته و ظلت تلك النظرة النمطية تحوم في اذهاننا كلما جاء ذكر الرجل. و غاب على فطنة الكثيرين منا ان التنظيم الاسلامي درج علي طوال تاريخه ايلاء مناصب حساسة و سيادية كمنصب سكرتير الرئيس لاشخاص مخصوصين من كوادر التنظيم المدربين و الاكفاء و ربما كانت كوادر سرية تعمل في الخفاء و نحن لا ندري عنها الكثير. و هناك امثلة كثيرة لسياسيين اسلاميين و رجال دولة ظلت الحركة الاسلامية تدخرهم سراً للقيام بمهام معينة و في اوقات معينة حتى اذا اتي وقت ظهورها للعلن تفاجأ الناس بها و تضاربت الاقوال عنها و كثرت الاقاويل و الاشاعات حول طبيعتها. و ليس من المستبعد ان يكون طه الحسين من الكوادر التنظيمية التي عملت و تدربت في الخفاء رغم انتسابه السابق للختمية و لكنه معلوم حالة التغويص التي ضربت بها الانقاذ كل الاحزاب السياسية بالتجسس و التخابر و التخريب و هاهو الرجل - طه الحسين يوصف بانه جاسوس الخليجيين اي ان لديه خبره في التجسس و التخابر. فمن اين له بها؟ و كيف و متي تدرب عليها؟ تلقف الناس الكثير من الرسائل الملغومة حول صراع الفريق طه مع كوادر التنظيم الاسلامي وهو صراع وصف بان مسبباته هي استشراء فساد طه و دوره في ملف الازمة الخليجية و محاولته جر الانقاذ الي صف الحلف السعودي المناوئ للاخوان المسلمين. ولعل المتفهم لطبيعة السلطة في السودان و استشراء الفساد فيها يدرك للوهلة الاولي ان الصراع حول الفساد ليس محل تساؤل فكلهم فاسدون و فاقدي ذمم و متحللون. و انما ارادوا التشويش علي طبيعة الصراع باثارة موضوع الاموال التي بحوزة طه الحسين بل ان السبب الثاني هو السبب الحقيقي الذي افاق المارد من سباته. انه التيار العقائدي داخل السلطة الذي لازال متمسكاً بتبعيته وولائه للتنظيم الدولي للاخوان المسلمين. و من هذه النقطة بالذات نخلص الى ان هذا التيار لازال مسيطراً و متنفذاً داخل حكومة الانقاذ عكس ما يراه الكثيرين انه صار الى تحجيم دوره و انتهاء حقبته. هذا التيار يدرك لعبة الاستغماء السياسي في احوال التضييق على الحكومة اقليميا و دوليا و يمارس التضليل و ايهام الراي العام بأن السلطة صارت للعسكريين و ان هناك تحولات جذرية في توجهاتها. و الحقيقة انه لازال ممسكاً باغلب خيوط اللعبة السياسية تاركاً هامشاً ضئيلاً للتكهنات و الاشاعات التي يتم تداولها علي مواقع التواصل الاجتماعي. اعتقد ان القوي المعارضة التي تنادي بالتغيير و تسعي لاسقاط هذا النظام عليها ان تمتلك ادوات تحليل سياسي اعمق و ان لا تستهين بقدرات خصمها و ان تحذر من اجهزة الامن التي اصبحت بارعة في اساليب توجيه/تضليل الراي العام و بالاخص في وسائل التواصل الاجتماعي. فيسبوك