أثير من جديد جدل الغواصات والتغويص بين الإسلاميين، كان هذا الجدل قد ثار من قبل بين المؤتمرين المتفاصلين، الشعبي والوطني، والآن يدور بين الوطني الذي أصبح قاسماً مشتركاً أعظماً في كل جدالات التغويص وحركة الإصلاح الآن "المنبثقة" عنه، فمن قبل خرج الحزب الحاكم على الناس بنفي يدرأ فيه عن نفسه تهمة لم يكونوا قد اطلعوا عليها ابتداءً بسبب التضييق على الصحف، وكان مما جاء في ذاك النفي أن الحزب الحاكم ليست له أية علاقة بما تردد حول زرع أجهزة تنصت داخل عربة ومكتب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي، بل وأكد أحد قادة الحزب أن حزبه لا يقود توجهاً تجسسياً ضد أيٍ من قوى المعارضة أو قادتها، وإنما يسعى لعكس ذلك بترسيخ حياة سياسية مستقرة يتمتع فيها المعارضون بحرية في إدارة نشاطهم وعملهم!!، كان هذا هو مضمون خبر النفي الذي نشرته الصحف يومها، أما ما لم تنشره كان هو الخبر المنفي الذي لم يطلع عليه قراء هذه الصحف من قبل، ولكنهم تفاجأوا به كامناً في سياق النفي وثناياه وتلك قضية أخرى ..الآن يتجدد اتهام الحزب الحاكم بذات التهمة ومن رفقاء درب آخرين أيضاً، حيث يتهم قادة حركة الإصلاح الآن الحزب ببث عيونه وبصاصيه وجواسيسه داخل حركتهم، ورغم أني شخصياً لم أطلع على نفي من المتهم يدرأ عن نفسه التهمة، إلا أن المؤكد عندي أنه قد لا ينفيها فحسب، بل ربما يردد عين ما ردده حول التهمة السالفة ... المعلوم عن التغويص السياسي أنه مستمد من التغويص البحري، وأن عمل الغواصات السياسية يماثل مهام الغواصات الحربية، بجامع أن كليهما متخصص في الغوص تحت سطح المجال الذي يتحرك فيه ثم الطفو إلى السطح مجدداً، ويكون الغرض في الغالب هو الاختراق والتجسس عند كليهما، بينما قد ينفرد الغواصة السياسية بمهمة اضافية، هي محاولة التسلل إلى مواقع القيادة في الكيان المستهدف، بهدف التأثير على توجهاته وقراراته وتوجيهها أو تجييرها لصالح جماعته السياسية، هذا غير أن للتغويص السياسي أكثر من أداة، فقد يتم عن طريق زرع أجهزة للتنصت لجمع المعلومات ورصد التحركات أو بزرع كوادر بشرية مدربة على هذه المهام، وللحقيقة فإن التغويص ظل وسيظل ممارسة معروفة بين الكيانات والجماعات وربما لم ينجُ منها كيان أو جماعة، وهنالك الكثير من الحكاوى والروايات التي لا يسعها المجال عن الاختراقات المتبادلة بين القوى السياسية المتصارعة، صحيح أنها لا يتم الاعتراف بها جهراً ولكن ذلك لا ينفي وجودها، إذ كيف يتم الإعلان عن مهمة تقوم أساساً على السرية فيتم الإعتراف بها علناً على رؤوس الاشهاد، فالمؤتمر الوطني مثلاً أو غيره، لن يكون في سذاجة عم آدم الشاويش ليعترف بممارسة التغويص، قيل إن عم آدم الذي عرفه الناس خلال سنين طويلة شرطياً يرتدي الكاكي، تفاجأوا به ذات يوم على غير هندامه المعتاد يلبس الجلابية وعلى رأسه العمامة وعندما سألوه مستغربين "مالك الليلة يا حضرة الشاويش، معاش ولا إجازة "قال بكل براءة " لا أنا الليلة بوليس سري نقلوني البوليس السري" التغيير