تمنح العادات والتقاليد في مجتمع الطوارق البدو الرحل الذين يعيشون في إقليم »أزواد« في شمال مالي المرأة حق التملك واتخاذ القرار واختيار شريك الحياة، بينما يتولى الرجال رعاية الماشية وإنجاب الأطفال وجلب المئونة والملابس. ويعيش الطوارق متنقلين في تلك الصحراء بين مالي والنيجر والجزائر وليبيا، لا يعبأون بالحدود المصطنعة بين تلك الدول، التي يقولون إنها قسمت صحراءهم التي استوطنوها منذ آلاف السنين بين دول لا تلقى لهم بالاً ولا تهتم لأمرهم. سكينة أبوبكر امرأة في خريف عمرها تنحدر من إقليم »أزواد«، وكانت »سكينة« سيدة قريتها الواقعة على بعد عشرات الكيلومترات شمال مدينة تمبكتو التاريخية بشمال مالي.وتملك سكينة قطعاناً من الإبل والغنم وبعض الحمير، فضلاً عن كونها محاربة ماهرة كما هو شأن معظم الطوارق. وفقدت سكينة زوجها »حمة« الذي قتل في تلك الأحداث، كما تركت وراءها ثروة كانت تملكها وتسيرها باعتبارها امرأة في مجتمع الطوارق، حيث تمنحها التقاليد حق التملك واتخاذ القرار والتدبير في المجتمع وحتى اختيار شريك الحياة.وتقول »سكينة« إنها لما تيقنت من ضياع ثروتها ومقتل زوجها، قررت بدء حياة جديدة فاختارت لنفسها زوجاً من الرجال الذين نزحوا إلى مخيم اللاجئين في شرق موريتانيا، وتوجهت معه إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط حيث عمل مشرفاً على مجموعة من المراحيض العمومية في وسط العاصمة.أما هي فتزاول مهنة تطريز ملابس النساء مما يدر عليها دخلاً متواضعاً للإنفاق على أسرتها، في حين يعود الزوج كل مساء بمحصوله المتواضع ليسلمه لسيدة البيت. وتقول سكينة إن عادات الطوارق وتقاليدهم لا تتزعزع رغم نكبات الدهر وتبدل الظروف، وأنه لا يوجد في الحياة ما يستحق التنازل عن تلك القيم والعادات. «وسكينة هي نموذج للمرأة في مجتمع الطوارق الصحراوي الأمومي، الذي تعود الكلمة الفصل فيه إلى الجنس اللطيف، رغم خشونة حياة الصحراء وقسوة الطبيعة وشظف العيش، لكنها سيادة على البيت تنالها المرأة مقابل ما تؤديه من أعمال شاقة ومسؤوليات جسام في المجتمع.والطوارق مجتمع مسلم بالكامل، ويتبعون المذهب المالكي، لكن المرأة تحتل مكانة متقدمة في المجتمع، ويعرف عن نساء الطوارق أنهن حاسرات كاشفات عن رؤوسهن، بخلاف الرجال الذين تفرض عليهم العادات اللثام بشكل أقرب إلى النقاب، منذ بلوغ الواحد منهم الخامسة عشرة من عمره حتى يدفن في قبره.وحتى الأبناء في مجتمع الطوارق والمتاع والماشية للمرأة لتبدأ به حياتها مع زوج جديد تختاره لنفسها بعد الطلاق أو وفاة الزوج الأول.والنساء في مجتمع الطوارق مسؤولات عن الحفاظ على شرف العائلة وتقاليدها وعادتها، سواء تعلق الأمر بمواساة الجار والمعوز، أو المواساة عند النوائب، أو حتى قرى الضيوف، وهي عادة عرف الطوارق بالمبالغة فيها .