حذاري أن يكون خروج الدعم السريع من بيوت المواطنين هو أعلى سقف تفاوضي للجيش    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    لم يقنعني تبرير مراسل العربية أسباب إرتدائه الكدمول    نشطاء قحت والعملاء شذاذ الافاق باعوا دماء وارواح واعراض اهل السودان مقابل الدرهم والدولار    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    وزير الخارجية السوداني الجديد حسين عوض.. السفير الذي لم تقبله لندن!    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    سيكافا بطولة المستضعفين؟؟؟    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    شاهد بالفيديو.. بعد فترة من الغياب.. الراقصة آية أفرو تعود لإشعال مواقع التواصل الاجتماعي بوصلة رقص مثيرة على أنغام (بت قطعة من سكر)    مصر.. فرض شروط جديدة على الفنادق السياحية    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    مقتل 33899 فلسطينيا في الهجوم الإسرائيلي منذ أكتوبر    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    محمد بن زايد وولي عهد السعودية يبحثان هاتفياً التطورات في المنطقة    ترتيبات لعقد مؤتمر تأهيل وإعادة إعمار الصناعات السودانية    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة تنضم لقوات الدعم السريع وتتوسط الجنود بالمناقل وتوجه رسالة لقائدها "قجة" والجمهور يسخر: (شكلها البورة قامت بيك)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء فاضحة.. الفنانة عشة الجبل تظهر في مقطع وهي تغني داخل غرفتها: (ما بتجي مني شينة)    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    حمدوك يشكر الرئيس الفرنسي على دعمه المتواصل لتطلعات الشعب السوداني    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    محمد وداعة يكتب: حرب الجنجويد .. ضد الدولة السودانية (2)    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلقت (4) ساعات في سماء العاصمة .. وهبطت على رغوة بعد نفاد الوقود .. «الفوكرز» تحبس أنفاس الخرطوم .. كابتن ياسر .. بطل جديد في فضاء الطيران - شاهد صور للطائرة في سماء ومطار الخرطوم وصورة الطاقم.
نشر في الراكوبة يوم 03 - 10 - 2011

لما انتصف نهار الخرطوم بالامس.. اتجهت الأنظار إلى كبد السماء بعد تفشي خبر احتمال سقوط طائرة اصيبت بعطب، وقد أعلن مطار الخرطوم حالة الطوارئ لمقابلة الواقعة.. وفي بال الاعين التي كانت تشخص في السماء بحثا عن الطائرة، أحداثا جرت لسقوط طائرات بالخرطوم في المطار، وعلى مقربة منه ما زالت الأحزان والجراح تنكأ ذوي الضحايا..
وظلت الأقدام تتدفق نحو مطار الخرطوم، بحثا عن صحة الخبر الذي لم تعلنه أية جهة اعلامية رسمية حتى الثالثة من ظهر امس.. ليمضي الشارع في ذات الشائعات عن انها طائرة فلان او فلان.. لكن افادت المعلومات الراشحة عقب ذلك بانها طائرة قادمة من مدينة ملكال من طراز (الفوكرز) تتبع ل (سودانير)، وأنها ضمن اسطولها المخصص للطيران المحلي.
ترقب
لما قاربت الساعة الحادية عشرة والنصف من صباح أمس، بدأت الطائرة تلوح في فضاء الخرطوم واحتشد العشرات في الشوارع القريبة من مطار الخرطوم لمعرفة مصيرها والذي غلب عليه ظن الكارثة بعد أن علموا أن العطب الذي ادى لعدم هبوطها يتعلق باطاراتها..
وكشف مصدر بالمطار ل (الرأي العام)، ان الطائرة أصاب أحد اطارتها عطب، مما يصعب من هبوطها بصورة سليمة، وأنه تم اعلان حالة الطوارئ في المطار منذ أن نما الى هيئة الطيران المدني خبر العطل الذي أصاب الطائرة وتوجهها للهبوط في مطار الخرطوم بعد أن تعذر ذلك في مطار ملكال.
الطائرة تقترب
الابصار المتسمرة في سماوات الخرطوم بعد ان دخلت الطائرة اجواءها.. لحظت انها باطارين فقط ,فالاطار الذي يقع على جهتها اليسرى في غير موضع الهبوط، وهذا سبب يدعو للقلق.. وعلى حد قول خبير سابق بالطيران، فان الطائرات (الفوكرز) مقارنة بالانواع الأخرى من الطائرات أكثر سلامة، ولم يرجح تعرضها لكارثة وأوضح أن ذلك يتوقف على خبرة الطيار.. ونوه إلى أن كثيرا من كوارث الطيران سببها ضعف الكادر البشري، وأنه معروف فنيا ان اخطر اوقات الخطورة على الطائرة هي التي تقع بعد ثلاث دقائق من الاقلاع وقبل ثمان دقائق من الهبوط، فان كان هناك عطب فني فانه يقع في الإحدى عشرة دقيقة هذه، واسترجع بذاكرته أن كوارث الطيران المحلية كلها وقعت في الإحدى عشرة دقيقة هذه.
حكاية رحلة
الطائرة التي نجت بخبرة قائدها وطاقمه المساعد، بعد عناية الله، اخذت طريقها الى مدرج مطار الخرطوم بعد أن صعد اليها الركاب في تمام الساعة السادسة وخمس واربعين دقيقة متجهة الى مدينة ملكال في رحلة لا تتجاوز الساعتين.. وعلى متنها (39) راكبا بالاضافة الى طاقم الطائرة ليصل العدد الى (45) راكبا برقم سفرية (3d312)_asd.. ليس هناك معوقات مناخية وموانع طيران ليرتفع ذيل الطائرة عن الارض في تمام السابعة من صباح الامس - حسب جدولة الطيران المدني لرحلات يوم امس الداخلية والخارجية.. ومع اقتراب الطائرة من مطار ملكال والايذان بالهبوط، تعذر عمل إحدى اطاراتها ما يجعل هبوطها هناك مخاطرة لعدم توافر اجراءات السلامة في هكذا حالات.. ما جعل كابتن الطائرة يتخذ قرار التوجه بها الى مطار الخرطوم بعد اخطار برج المراقبة بذلك، والذي بدوره اخلى ممر الطائرات، وأضطر العديد من الرحلات التي من المفترض ان تصل الى الخرطوم الى التوقف لحين متابعة امر طائرة ملكال.
اهتمام رسمي
خف الى ارض المطار الفريق اول عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع والمهندس ابراهيم محمود وزير الداخلية ومهندس الطيران ومدير عام الشرطة، وتم اعلان حالة الطوارئ والاستنفار بالمطار ووضع احتياطي عربات الإطفاء والاسعاف والقيام برش رغوة كيميائية خاصة لتسهيل عملية اصطدام الطائرة بالارض، بعد ان تعذر هبوطها بصورة رسمية تقليلا للكارثة، وهذا امر متبع في كوارث الهبوط بالمطارات وهو الأمر غير المتوفر بمطار ملكال ما جعل الكابتن يتجه الى مطار الخرطوم.
مسؤول بالمطار قال ان حالة كهذه لم يشهدها المطار منذ سنوات.. كانت حينها الطائرة على وشك الهبوط وهي قادمة من الاتجاه الغربي لمطار الخرطوم في تمام الساعة الواحدة والنصف لتأخذ طريقها بشجاعة نحو المدرج، وبداخلها كان الركاب تتنازعهم الأفكار.. هل ننجو ام تحيق بنا الكارثة؟!
الهبوط بسلام
اخذت الطائرة طريقها في وسط المدرج وسط ترقب حذر لمن هم بالمطار وخارجه, فاكثر من (200) شخص يتابعون امرها بالهواتف النقالة خصوصا بعد ان حلقت لوقت طويل في سماء العاصمة حتى تتخلص من الوقود كيلا يؤدي ارتطامها بالارض إلى انفجار.. هبطت الطائرة بسلام من الناحية الغربية للمطار الى شرقه.. لم تخرج عن المدرج الا لعشرة امتار فقط وتوقفت باطارين فقط ونزلت الى ارض المطار.. في وقت كان فيه زملاء الطاقم وذوي الركاب يكثرون من الدعاء, وها هم ذووهم على مرمى بصرهم تتقلب بهم الاقدار في حياة او عدمها ويفصلهم عن ذلك لحظات.. لحظات فقط.
دموع في المطار
مع خروج اول الراكبين الى الصالة الرئيسية استقبلهم ذووهم بالدموع.. مشهد مضيفات (سوادانير) اللائى خففن الى المطار بعد ان نما الى علمهن خبر الطائرة كان حشدا من دموع الفرح وهن يلتقين رفقياتهن وزملاء العمل والركاب.. بينما خرجت ثلاث عربات اسعاف نقلت بعض الركاب بعد تعرضهم لحالات اغماء تصحب كثيرا هذه المواقف في حالات الطيران الطارئة، ولكن احدا لم يصب بأذى جسيم.. التهليل والتكبير كان يخرج من الأفواه صادقا بعد ان نجا الركاب والمطار وطائرة سودانير (على قلتهم) من كارثة محققة.. ولحظتها كانت الابصار تتجه الى قائد الطائرة الذي كان آخر الخارجين من الطائرة بعد ان تأكد تماما ان كل الركاب خرجوا بسلام.
كابتن شجاع
(الرأي العام) التقت بالكابتن ياسر محمد الصوفت.. الشاب الشجاع الذى انقذ ارواح (44) راكبا وزميلا كان هو مسؤول عن سلامتهم بعد أن اصاب الطائرة عطل فني.. كان ياسر يتلقى التهاني بالنجاة من أهله وزملائه الذين خفوا الى المطار منذ سماعهم لخبر تعرض الطائرة لعطب قد يودي بحياة من فيها.. كانت دعواتهم تلاحق الطائرة والتي في مبصرهم تحلق في السماء.. هبوطها على الارض بسلام جعلهم يرفعون الأكف شكرا وحمدا للنجاة.
ياسر شاب يقترب من اربعيناته، اكتسب خبرة جيدة في الطيران, فهو يعمل لاكثر من عامين قائدا للطائرات.. قال انه حلق بالطائرة لخمس ساعات في الجو ليضمن نفاد الوقود حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه عند الهبوط.. مرافقوه من الطاقم اضافوا ان الاطار ابى ان يخرج من طياته ما تعذر هبوطهم في ملكال واتجهوا بالطائرة الى الخرطوم.. ساعده في عملية الهبوط الشجاعة هذه مساعد الكابتن سامر السيد وهو في مثل بسالته واربعة من طاقم الضيافة والامن على رأسهم المضيف سامى النقر، قال سامي ان همهم الاول كان سلامة الركاب والهبوط بسلام.
كابتن ياسر قوبل بالتصفيق من زملائه.. فبسالته فتحت صفحة جديدة للشباب السوداني في التضحية ونكران الذات.. خرج ياسر وقد علق بهندام الطيران الابيض خاصته كثيرا من الطين اثناء معافرته لتوقيف الطائرة. وهو في طريقه فى تمام الثالثة من ظهر امس لمستشفى الاطباء على شارع المطار لاجراء فحوصات طبية روتينية في مثل هذه الحالات.. كان يقابل ثناء ذوي الركاب والمواطنين في تواضع جم.. قال انه لم يفعل اكثر من واجبه.. ويتحاشى ان يظهر انه من كان يقود الطائرة.. قال ياسر: انها لحظات عصيبة على المرء ليس خوفا ولكنك مسؤول عن سلامة آخرين.
وقد نقل مركز (كومون) الاعلامي عن فيصل حماد وزير النقل أمس، تأكيده أنه تم اصدار توجيهات بترقية قائد الطائرة المتميز والشاب الذي حقق هذه المعجزة. وأوضح حماد ان هبوط طائرة (سودانير) رغم عطل العجلات تأكيد على كفاءة الطيارين السودانيين وشهادة بفاعلية اجراءات السلامة والطوارئ بمطار الخرطوم.
رحلة كانت قد تنتهي بالدموع وسرادق عزاء هنا وهناك.. ولكن شجاعة وصبر شاب من بلادي انهاها بعد ان هبطت (الفوكرز) بسلام وذهب كل الى اهله وعشيرته فرحا.. في ذات الوقت سطرت الرحلة باحرف باسلة حكاية كابتن ياسر الشجاع الذي هو مفخرة لفضاء بلادي وشبابها.
الرأي العام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.