٭ لم يكن ينقص «سودانير» من الساحق والماحق والبلا المتلاحق إلا أن تروح أرواح خمسين راكباً على متن الفوكرز خمسين... في ستين داهية!! حتى يكتشف سعادة العميد الوزير فيصل حماد وزير الدولة بوزارة النقل «إن وزارته لن تتمكن من إجراء أية إصلاحات جوهرية لأن سودانير ما زالت تحت الشراكة مع عارف الكويتية!! والتي لم تكتمل معها خطوات فض الشراكة!! بالرغم من الاتفاق معها على ذلك!! كانت هذه العبارات جزءاً من تصريحات معالي الوزير عقب نجاح كابتن ياسر محمد الصفي في إنقاذ طائرته بركابها من براثن الموت الذي نشَب أظفاره في أعناق خمسين نفساً على مدى أكثر من ساعتين ولم تنفعهم «التمائم» إلا لطف الله الذي قدّر نجاتهم.. وثمّ رباطة جأش الطيار الشاب وبراعته.. ثم خط? الطوارئ التي عمدت الى تنفيذها بمهنية عالية سلطات الطيران المدني بمطار الخرطوم نهار أمس الأول.. ولما كانت «الخيل تجقلب فتجلب الشكر لحماد».. فإن فيصل حماد «أخد الشكره» وانحى باللائمة على السياسات الاميركية التي تحرم بلادنا من قطع الغيار اللازمة لصيانة الطائرات ذات المنشأ الاميركي «يا أخي هم أحرار يدونا أو يحمونا» ومع ذلك فإن الوزير «حماد» قد أشار إلى أن الطائرة الناجية قد أُخرجت من الصيانة مؤخراً وأُجريت عليها بعض التعديلات ورُفعت.. حسب الموجهات الجديدة للشركة المصنعة والتي إستحوذت أميركا على معظم أسهمها!! ٭ أول طائرة منكوبة لسودانير كانت من طراز فوكرز أيضاً قادمة من ملكال أيضاً. أسقطتها نيران الرائد لام أكول أجاوين الكوماندز بالحركة الشعبية وقتها المناويء لها الآن.. فقضى جميع ركابها في تحدٍ صريح للأعراف والقوانين الدولية بشأن الطائرات المدنية في مناطق النزاعات والحروب.. ومن عجب فإن هذه الخسائر المدنية المتعمدة والارواح البريئة المزهقة والانتهاك الحاد للقانون الدولي لم تجد طريقها للنقاش وفتح مثل هذه الملفات وتعويض المتضررين من ذوي الضحايا أدبياً بالاعتذار ومادياً بما تنص عليه قوانين «الآياتا» وغيرها من القوا?ين. ٭ وطائرة البوينج 737 والتي هَوَت بُعيد إقلاعها من مطار بورتسودان الدولي ولم يتمكن طاقمها من الهبوط ولا ركابها من النجاة إلا من طفل واحد تبنى المغفور له بإذن الله الشيخ زايد آل نهيان أمر علاجه وتربيته وترتيب أوضاعه.. أين هو ذلك الطفل؟! لست أدري.. ولماذا لست أدري.. ولماذا لست أدري؟ لست أدري.. وطائرة الايربص والتي إحترقت عند تجاوزها حدود المدرج من الجهة الشمالية لمطار الخرطوم وهرع اليها الناس داخل المطار بخليهم ورجلهم وكنت أرافق السيد وزير الدفاع في سيارته الخاصة ونقف على مقربة من الطائرة المنكوبة والمكان يسو?ه الهرج والمرج حتى أن الركاب الناجين من هذه الكارثة ذهبوا مباشرة إلى ذويهم دون المرور باجراءات المطار فدخلوا البلد بلا تأشيرة دخول حتى تعذّر معرفة الضحايا من الناجين!! فكانت فوضى مذهلة ولا أعلم بأي إجراءات إتخذت حيال الموظفين ورجال الأمن العاملين بتلك المناوبة عن الأسباب التي أدت الى مبارحتهم أماكن عملهم دون إذن رسمي وذهابهم.. «للفُرجة» على الطائرة المحترقة؟ ولا أدري ان كان كابتن عبد القادر «قدورة» وهو ربان محنك وصاحب خبرة طويلة.. إليه تسند أسباب خروج الطائرة.. لأنه بدأ الهبوط من منتصف المدرج لا من بدايته ?لم يقدِّر إتجاه الرياح!! وبالتالي لم يتمكن من إيقاف الطائرة وكبحها من الاصطدام.. وإنه أخلى نفسه إلى مستشفى الشرطة ببري قبل أن يتمكن ركاب طائرته وطاقم رحلته من النجاة.. والربان هو آخر من يخرج من السفينة الغارقة أو الطائرة المحترقة فقضت من بين الضحايا المضيفة الباسلة التي إستماتت لإنقاذ إمرأة قادمة من العلاج حتى قضت نحبها إختناقاً.. والكابتن في أمان الله!! ٭ الكابتن ياسر محمد الصفي تحوّل إلى بطل قومي أو هكذا يجب أن يكون.. فالناجون مدينون له بحياتهم.. وسودانير مدينة له بسلامة طائرتها.. والدولة مدينة له لشجاعته التي أنقذت أرواح مواطنيها وحماية ممتلكاتها والحفاظ على سمعتها المشوَّهة أصلاً. وسلطات الطيران المدني مدينة له لفضحه تقصير إدارات الصيانة وصلاحية الطائرات.. لأن الطائرة خرجت لتوِّها من الصيانة والترفيع وعجزت عن إكمال رحلة من الخرطوم إلى ملكال.. «تكلة يعني».. كما أن ركاب الرحلة رقم «213» قد نعموا «بفسحة مجانية» إلى ملكال ثم الخرطوم ثم الأبيض ثم شنديفالخرطوم وما كان لهم أن يحلقوا إلا خائفين.. ولست أكيدا من أن الخطوط الجوية السودانية ستلاحقهم قانونياً لسداد قيمة التذاكر لهذه السفريات المجانية «وليس ذلك بمستبعد في زمن العجائب هذا»! ٭ ولا أملك إلا أن أكتب لبرنامج ما يطلبه المستمعون لبث أغنية الخليل ما هو «عارف» قدموا المفارق.. وأهديها لشركة عارف الكويتية وللأخ فيصل حماد وزير النقل بالإنابة ولهيئة الطيران المدني وللأخ العبيد فضل المولى المدير العام للخطوط «الأرضية» الجوية السودانية.. قال الرجل بيعجبوني تلاتة.. البت السمحة.. والفقير الحافظ كتاب الله.. والولد البيسوق الطيارة.. وهذا هو المفروض.