هنادي الصديق لا زلت أذكر تصريح القيادية البارزة بحزب المؤتمر الوطني (سعاد الفاتح)، عن الشباب السوداني ودعوتها له قبل عامين بالاتجاه الى الزراعة بدلاً عن (العطالة)، ووصفها لجلوسهم مع بائعات الشاي بأنه (جريمة)، وجميعنا يذكر نصَ حديثها الصادم (الخريجين قاعدين مع ستات الشاي في الشوراع اتنين وتلاتة ودة عمل إجرامي). قبل أن تواصل هجومها له مطالبة الدولة برفع الدعم عن السلع المدعومة أو زيادة الضرائب حتى يتحسن الوضع الاقتصادي والمعيشي بالبلاد، فهم دكتورة الفاتح هو ذات فهم قيادات حزبها، وهم يصفون الشعب السوداني بأبشع الصفات وكأنه جاء من كوكب آخر رغم أن (لحم كتافاهم من خير هذا الشعب). نعود لموضوعنا وهو أن (إجرام الشباب) والعطالة التي يعيشها بسبب سياسات الحزب الفاشلة وهي السبب المباشر الذي أدى لتمرد الشيب والشباب عليهم وخروجهم للشارع مطالبين بالحرية والعدالة التي لن تكون إلا بإسقاط النظام بحسب الشعارات التي يرددونها. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة، أين هي الاراضي الزراعية ومدخلات إنتاجها التي تطلب دكتورة الفاتح من الشباب أن يتجه لها بدلا عن الجلوس مع (ستات الشاي) منعا لارتكاب الجريمة بحسب رأيها؟ وهل وفرت حكومتها المزارع والحواشات لهؤلاء الشباب حتى تطالبهم بالاتجاه للزراعة؟ ولماذا أقدمت حكومتها على فتح مئات الجامعات والكليات بالقرى والمدن والازقة والحواري لدارسة الطب والصيدلة والهندسة والإعلام والإدارة وغيرها من العلوم النظرية والتطبيقية إن كانت متأكدة من أنها ستخرج عطالة مجارمة لا عمل لهم سوى الجلوس مع(ستات الشاي)؟ أم أن القصة هي إستنزاف وإستحلاب جيوب أولياء الامور واستنزافهم ماديا وعاطفيا لتعليم أبناءهم في ظل الظروف الاقتصادية الطاحنة وتحويل رسوم دراستهم الهائلة إلى جيوب سماسرة التعليم من جوكية النظام؟ من حق الشباب ان يثور ويطالب بحقه في العمل ذي العائد المجزي وله الحرية في إختيار مجال عمله حسب رغبته وتخصصه، طالما أنه وبعد أن يتخرج و(يعدم اسرته القرش)، يجد نفسه عاطلا وجميع أبواب العمل مغلقة في وجهه ولا تفتح إلا لإبناء النافذين بالنظام والموالين والمنتفعين فقط. ومن حقه الإنعتاق من قسوة العطالة وأزمة البطالة، وهو الأولى من غيره بأن يكون له نصيب في ثروات وخيرات بلده بدلا عن الدول التي استفادت من فشل قيادة الدولة وإستولت على الثروات دون وجه حق وبثمن بخس لم يدخل خزينة الدولة. من حق شعبنا المجرم وشبابنا العاطل إذن أن يخرج ويطالب بذهاب كل من أفقره في بلده، ومنح أراضي بلاده للإستثمار الأجنبي بصفقات سرية، والجواز السوداني لجنسيات لا تحترم المواطن السوداني، بينما وضعته كمواطن أمام خيارين، إما العطالة والبطالة والفقر والمرض في بلده أو الدفع به لخارج حدود الوطن وتقديمه وجبة شهية لأسماك البحر المتوسط. الحكومة كان بأمكانها الخروج من هذا المأزق بالكثير من السياسات الاقتصادية الحكيمة، ولكنها بطبيعة الحال تفتقد الذكاء السياسي والاجتماعي، وبدلا عن سياسة الاعتماد علي الصادر وخيرات البلد لا حصر لها اعتمدت اقصر الطرق بالاعتماد على الوارد وعلى جيب المواطن بالضرائب والجبايات وغيرها من اساليب اجرامية فاشلة فجففت خزينة الدولة وأثارت غضب المواطن، وبدلا عن اتباع سياسة التقشف وترشيد الصرف، والاستغناء عن الوظائف والمناصب الوهمية، وتقديم فرص عمل جادة لكافة شباب السودان وليس لابناء الحزب والموالين له فقط، اعتمدت على فرض سياسة التمكين وتقديم الولاء على الكفاءة، فتسببت في خروج الصغار من حوش التعليم وقذفت بهم خارج اسوار المدارس وبالتالي على مقاعد الجامعات ، ومن اتيحت له فرص الدراسة الجامعية كان مصيره العطالة والتي هي في عرف اهل الانقاذ (جريمة)، حتى بعد ان اصبح التعليم سلعة غالية الثمن لم تعد في متناول الجميع. هنادي الصديق [email protected] الجريدة