سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موكب 6 أبريل.. إذا زلزلت الأرض زلزالها.. المتظاهرون يتفوقون على الأجهزة الأمنية في عمليات التمويه والتكتيكات الجيش يقيم أسلاكاً عازلة أمام مقر "القيادة العسكرية المركزية"
حشود ضخمة للغاية تتدافع صوب "القيادة العامة للجيش السوداني" المتظاهرون يتفوقون على الأجهزة الأمنية في عمليات التمويه والتكتيكات قوات الأمن تدهس متظاهراَ بشارع القيادة ليلاً.. والشرطة الأمنية تتعامل بوحشيّة الجيش يقيم أسلاكاً عازلة أمام مقر "القيادة العسكرية المركزية" إغماءات بالجملة وثبات بطولي للمتظاهرين موكب شبكة الصحفيين السودانيين يطلق صافرة البداية.. ومواكب المهنيين تتوالى بعده تباعاً ترحيل المعتقلين من الأمن السياسي لسجن الهدى الخرطوم: خالد فتحي زلزل المتظاهرون شوارع الخرطوم بسالة وصموداً وتدفقت حشود المتظاهرين في موجات بشرية متتالية في مليونية 6 أبريل، حيث تدافعت الحشود الجماهيرية العريضة صوب مقر القيادة العامة للجيش السوداني؛ استجابة لنداء تجمع المهنيين السودانيين وقوى إعلان الحرية والتغيير. وحبست الخرطوم اليوم أنفاسها، وسادت حالة من الترقب والقلق تضاعفت مع ساعة الصفر الأخيرة التي سبقت الموكب التاريخي الذي انتظرته الأوساط السياسية داخل وخارج السودان للحكم على درجة حرارة الثورة السودانية وقوة تأثيرها. تقاطرت حشود المتظاهرين إلى وسط الخرطوم منذ وقت مبكر وشنت قوات الأمن حملة اعتقالات شعواء لصد جحافل المتظاهرين، وبدأت الاعتقالات في شارع الجامعة وفي السوق العربي وطالت معظم المارين سيْراً على الأقدام. كما أغلقت القوات الأمنية كوبري المك نمر والنيل الأزرق أمام وسائل النقل العام لتقليل تدفق الحشود القادمة من الخرطوم بحري قبل بدء الموكب؛ لكنّ بسالة المتظاهرين وإصرارهم أفشل خطط النظام الأمنية، وتفوق المتظاهرون على الأجهزة الأمنية والشرطة في عمليات التمويه والتكتيك، وأفلحوا في الإفلات من شراك الأمن، ونفذوا موكبا أسطورياً ستتحدث عنه الأجيال القادمة سنين عددا. وأطلقت شبكة الصحفيين السودانيين صافرة البدء لمواكب المهنيين بوسط الخرطوم حيث انطلق موكب قوامه صحفيون ومتظاهرون آخرون انضموا إليه قرب المجلس البريطاني بوسط الخرطوم عند الساعة الواحدة ظهراً بالزغاريد والهتاف، ورفعوا الأعلام واللافتات على بعد أمتار قليلة من "تاتشرات" الأمن التي هجمت على المكان بعد دقائق معدودة وأمطرت المتظاهرين بوابل من قنابل الغاز المُسيّل للدموع؛ لكنّ ثبات وبسالة المتظاهرين أفسدت خطة الأمن والشرطة التي اعتمدت على تشتيت المواكب وقطع الطريق أمامها حتى لا تلتحم ببعضها البعض. وتعاملت الشرطة الأمنية بوحشية مُفرطة مع المتظاهرين، وقطعت الطريق أمامهم لمنعهم العبور من شارع المك نمر إلى شارع السيد عبدالرحمن، حيث أغلق أفرادها المدججون بالسلاح والعصي والهراوات شارع المك نمر قبالة السفارة النيجيرية؛ لكنّ سطوتها تحطمت تماماً أمام صمود المتظاهرين الذين حصبوها بالحجارة حتى اضطرت إلى الانسحاب إلى شارع فرعي، وبدأت في إطلاق قنابل الغاز الأمر الذي تسبب في وقوع حالات إغماء وسط المتظاهرين والمتظاهرات حيث تمّ نقل بعضهم إلى المستشفى لتلقي العلاج. وعند الساعة الثانية ظهراً التحمت المواكب عند تقاطع شارعي السيد عبدالرحمن والمك نمر وسمح أفراد الجيش الذين أغلقوا الطريق بالأسلاك العازلة وناقلات الجنود للمتظاهرين بالعبور. غير أن الشرطة الأمنية التي ارتكزت قرب المركز الثقافي الفرنسي حاولت قطع الطريق أمامهم مرة أخرى وأمطرتهم بوابلٍ من قنابل الغاز لكّن المتظاهرين حصبوها مرة أخرى وأجبروها على التراجع أيضا. بعدها انفتح الطريق تماماً أمام الوصول إلى القيادة العامة حيث تدفقت حشود بالغة الضخامة وامتلأ المكان بالكامل حتى شارع الجامعة شمالاً وحتى نمرة "2" جنوباً كما أغلقت الجموع شارع المطار، وهتفت طويلاً هناك وتساقطت الدموع غبطة بالخطوة الأسطورية التي تحققت. ولم تتوقف قوات الأمن والشرطة التي ضربت طوقاً على المكان عن إطلاق قنابل الغاز المُسيّل للدموع لتفريق المعتصمين أمام مبنى القيادة العامة، ودهست إحدى "تاتشرات" الأمن أحد المتظاهرين بعد غروب الشمس بشارع القيادة. كما لجأ المتظاهرون إلى تكتيكات الأحياء وسدوا الشوارع بالحجارة والحواجز الإسمنتية لشل حركة عربات الأمن التي تناصب المواطنين العداء بجانب عربات الشرطة الأمنية التي أظهرت صورة شديدة العداء للتظاهرات السلمية. هذا وقد اعتقل اليوم آلاف المواطنين قبل وأثناء الموكب بينهم الصحفيون ماجد محمد علي وسارة ضيف الله وعائشة السماني ومحمد إبراهيم الخليفة، واقتيدوا إلى مقر الأمن السياسي، حيث قضوا ساعات طويلة رهن الاعتقال قبل أن يتم ترحيلهم إلى سجن الهدى غربي أمدرمان. مواكب اليوم أظهرت مدى تماسك اللحمة الوطنية بين أفراد وقيادات الشعب السوداني الذي اعتصم أمام مقر "القيادة العامة للجيش السوداني" بمختلف فئاته، وأعماره شيباً وشباباً؛ رجالاً ونساءً، وكان لافتاً هتافات بعض ضباط الجيش وأفراده مع الشعب، وحضور عدد من الفنانين والرياضيين على رأسهم البرنس هيثم مصطفى "سيدا" ونانسي عجاج وغيرهم؛ مما أكسب الموكب زخماً بطعم مختلف، مفاده أنّ الجميع شُرقٌ بحب الوطن. كما شكّل التكاتف وتبرعات رجال الأعمال وأهل الخير بالمياه والطعام لوحةً إنسانية زاهية على إيقاعات أغاني الثوار وهتافاتهم الفرحة بالانتصار في معركة "القيادة العامة" اليوم.