…………………. يا أيها الأشعث الثائر في وطنك السودان يا لك من فارس لعين ومقاتل من النخب الأول ولو شئت أعطيناك بذلك شهادة إقرار ولو شئت أتيناك لنحتفل سويا بالإقرار. اذ يسطر الشاعر البريطاني روديارد كيبلينغ ملحمته بحق أولئك الغبش; النابتين من قلب الصخر. ( فيزي ويزي). وهم يحطمون بجسارة نادرة المربع الإنجليزي ويدكون بأقدامهم طريق النصر الذي سلكوه في شأن: الله الوطن الحرية الكرامة الحرية المكبلة بالخيانة لا تستعطف احدا ولا تنحني لأحد وأمير الشرق دقنة يمد يديه للأغلال ينظر في وجه الواشي متحسرا( فلان إن شاء الله ما بعتني بالرخيص). اليوم يقف أحفاد ذلك البطل من أبناء وبنات الشعب أمام قيادة الجيش يمدون أيديهم التي تكبلها الأغلال بيضاء من غير سوء ونظراتهم تردد ( إن شاء الله ما تبيعونا بالرخيص). صرخة مروعة انطلقت في صحراء ليبيا مستنجدة من الذئب البشري; فيهب الشاويش الثأئر عوض ويفرغ زخات نخوته في صدر قائده الضابط البريطاني برتبة البيرقدار. ويفدي كرامة الأمة أن تداس والعرض أن يدنس. ولا يأبه بالقوانين العسكرية. تلك الكرامة التي تردد صداها و أجنحة الطائرات تحمل النبأ إلى أصقاع الكون اللواء أ.ح. صديق الزيبق يأمر جنده: كتيبة أرضا ظرف. تسقط الظروف المكتنزة وتتحطم فرحة الساعات الفاخرة على أرضية نفوس يتجذز رحيق العزة في أعماقها كابرا عن كابر.. وتكون الخطوة العسكرية معتدلا مارش في درب النضال المرسوم بأهداب النجوم. بين الشجاعة والشهامة خيط سحري والأميرة في بلاط الإمبراطور ماكسميليان تعلق بعد وصولها سالمة وفرقة الحراسة من الجنود السودانيين التي رافقتها من فيرا كيرز بالمكسيك إلى ميدلين أبان حروب نابليون تزود عنها كما يزود الحر عن حياض شرفه: يا للروعة أن تكون في حراسة هؤلاء الأسود السود الذين يمنحنونك شعورا عظيما بالأمن والأمان…… الأمان الذي شعرت به تلك الأميرة تنشده بعد قرن من الزمان فتاة سودانية نحيفة سمراء بصوتها الملائكي. يجو عايدين إن شاء الله عايدين يا الله. يجو عايدين بالمدرع والمكسيم يا الله يجو عايدين الفتحو كرن بينين يا الله.. فيطرب النيل وهو يستمع إلى هنا أم درمان ويبرم شاربه و يمني النفس أن يكون منهم… وهم … هم… على خطى أسلافهم يهرولون صباحا في الطرقات بزيهم الرياضي يترنمون بنغم الجلالة الخالدة. كل يوم زد دا … كل يوم زي دا.. يعبر الطريق سرب من فتيات الثانويات الفاتنات الناهدات.. يتوقفون عن الركض ينظمون الصفوف; جباههم عالية ينز منها العرق; صدورهم مرفوعة وقد بللها طل النشوة أيديهم على حزام الوسط; يتخيلون الغزلان في المرعى في شكلها الصباحي الناعس; يقلدون زئير الأسود. بنية يا أم ضمير الصعيد بقى بطال.. بنية نهيدا طبنجة.. الدواس بقى لي زي طفي اللمبة…. الله… الله… لو بادلهم السرب باتسامة مفعمة وتلويحة خجولة… تخترق أجسادهم جدر المدى; وتحلق أرواحهم فوق الغيوم.. عازة اذ تغزل خيوط الغرام تترنم في خدرها… (يا قايد الجيش حبي ليك أنا غالي.. يا قايد الجيش إديتك الأمان.. ومن قلبي بديك الحنان). جمال الدين علي [email protected]