الدموع إذاً .. الدموع وحدها قادرة على استيعاب المشهد التاريخي الذي ظل يرسمه شعبنا خلال الأسابيع الماضية وتَوّجه بصموده ووقفته المهيبة الرائعة أمس واليوم. كل قطرة دمعٍ ستكون هدية لكل شهيد، لكل فقير وكل معذبٍ في السجون .. لكل سوداني عاش الرعب والإذلال والحرمان من الحقوق في عهد "الإنقاذ" الغاشم. كل قطرة دمعٍ ستكون أيضاً هدية لأولئك المناضلين والمناضلات الذين صمدوا في وجه الحرب الشعواء التي ظل نظام "الإنقاذ" يشنها، على مدى ثلاثين عاماً، لمصادرة حلم السودانيين بالحرية وكرامة حياة .. في طليعة هؤلاء هذا الرجل الذي لم تمنعه عقود عمره التسع من المشي الدؤوب مع أبناء شعبه في درب الحرية .. لم تكسر فترات السجن المتعددة إرادته، ولم تبثّ في روحه جرثومة اليأس. الجيل الجديد يجب أن يعلم أن العم صديق يوسف كان أحد القلاع التي تحصّنت فيها مطلوبات النضال الوطني كيما يصل إلى هذه "اللحظة التاريخية"، دفع في سبيل ذلك ثمناً باهظاً على حساب حريته وصحته وأسرته .. وعلى هذا الجيل أن يتذكر أن ثمة صخور مبدئية راسخة وصلبة يمكنه الوقوف عليها وهو يتقدم لانتزاع وطنه من خاطفيه وبنائه من جديد كما يليق بشعبه العظيم، من هذه الصخور العم صديق يوسف. سالت دموعي نهار اليوم مرتين وسط جموع شعبنا المعتصمين أمام مباني القيادة العامة للقوات المسلحة .. مرةً لإحساس الإنتماء لهذا الشعب العظيم وهو يكتب تاريخاً ويصنع مجداً جديداً، ومرةً لشموخ هذا الرجل الذي وقف بجانبي – على منصة الخطابة – وهو يحمل أثقال السنين ويواصل التأَتِّي الهمام لمطلوبات النضال من أجل الوطن وشعبه. لك السلام والمحبة، يا عم صديق، أيها الثائر النبيل.