خمسون دولارا أميركيا تتقاضاها الصحفية السودانية التي تعمل في مؤسسة صحفية ورقية بالعاصمة الخرطوم منذ 5 أعوام لم تحصل خلالها على ترقية داخل الصحيفة . تقول الصحفية التي اشترطت عدم الكشف عن اسمها تجنبا للمحاسبة من صحيفتها، إن حقوقها تكاد تكون من الأشياء التي تفضل عدم المطالبة بها لأنها تخشى من الاستغناء عن خدماتها . مخاوف الصحفية جاءت بحسب إفادتها بحكم وضعها الوظيفي داخل المؤسسة التي تجد يعتبر فيها الاستغناء عن الصحفيين من " أسهل الأجراءات " لتفادي مطالبهم طبقا للصحفية التي تبلغ من العمر 26 عاماً. ومؤخراً أدت أزمة صحيفة "الجريدة" التي تصدر في النسخة الورقية بالعاصمة السودانية إلى عودة قضايا حقوق الصحفيين إلى سطح الأحداث اليومين الماضيين بعدما أوقفت إثنين من الصحفيين عن العمل بعد مشاركتهما في إضراب احتجاجا على تدني الأجور . وتتراوح رواتب الصحفيين في السودان بين ألف جنيه إلى ثلاثة آلاف جنيه مايعادل بين 30 دولارا إلى 60 دولارا في بلد تبلغ نسبة التضخم فيه 55%. وتعمق أزمة الصحفيين في السودان هيمنة اتحاد مهني موالي لنظام البشير على الأوضاع الصحفية وفقا لإفادات الصحفية التي ذكرت أن غياب النقابة التي تمثل الصحفيين أدى إلى بروز مشكلات الحقوق والتهرب من سدادها من غالبية المؤسسات بجانب عدم اهتمامها بالتدريب والترقيات الإدارية . ويقول عضو شبكة عبد الواحد إبراهيم " المؤسسات الصحفية لاتكترث بالترقيات الإدارية للصحفيين يعملون سنوات دون أن يتم نقلهم رأسيا إلى الأقسام وزيادة الأجور ويظل الصحفي كما هو دون مسمى وظيفي وهذا خلل كبير ".وتصدر في العاصمة السودانية ما لايقل عن 30 صحيفة ورقية ويتولى مجلس الصحافة "هيئة حكومية " عملية تنظيمها الإداري والقانوني وإجراءات الترخيص للصحف وتشمل العقوبات الإدارية وحتى عملية تعطيل الصدور وهي هيئة تتبع لرئاسة الجمهورية منذ عهد النظام البائد ولم يبت في أمره مع اقتراب تشكيل مجلس الإعلام كأعلى سلطة لتنظيم النشاط الإعلامي في البلاد ضمن الحكومة الانتقالية. وتسعى منظمات مهنية تضم صحفيين لتشكيل مجموعات ضغط غير أن انقسامات طالتها بجانب ملاحقات أمنية في عهد المعزول حدت من تحركاتها فضلا عن عدم اعتراف المؤسسات الحكومية بها واتهامها بالولاء للمعارضة . ويقول الناشط في منظمات المجتمع المدني بشرى الصائم إن " الصحفيين بحاجة إلى تأسيس قانون مهني يراعي أوضاعهم المهنية والصحفية فلا يمكن لجهاز يمثل السلطة الرابعة أن يتعرض منسوبيه إلى هذا الإذلال من الناشرين لابد من تكوين نقابة تعمل على حماية حقوقهم وتعبر عنهم ". ويرى الصائم أن " الصحافة مثل المحاماة يعبرون عن دور وطني لأنها ليست منتجة مثل نقابة المهندسين الصحافة والمحاماة يلعبان دور وطني ينبغي أن يجدا حظهما من الاهتمام ببيئة العمل والأجور وإحترام المؤسسات التي يعملون فيها" ويعتقد الصائم أن " ملاك الصحف جزء كبير من الأزمة لأنها لاتصدر من دور نشر تمثل مجموعات بل عن أفراد لافرق بينهم وبين التجار في الأسواق ". ولازالت أوضاع الصحفيين في السودان تنزلق إلى مرحلة سيئة سيما مع تدهور الأوضاع الاقتصادية ورغبة الغالبية في الهجرة خارج البلاد لتحسين أوضاعهم الاقتصادية بحسب صحفي تحدث ل"سطر" . الصحافة العربية غير مدعوة لحفلة الحرية ولم تنجو الصحف من ضربات متتالية نالتها من نظام الرئيس المعزول عمر البشير بإيقاع عقوبات مالية فادحة حيث يجبر رجال الأمن الصحف على إيقاف التوزيع في ساعات متأخرة من الليل عقابا على انتقادها للسلطة فتضطر إلى تكبد خسائر فادحة بجانب وضع ضرائب عالية على مدخلات الصحافة . ويؤكد الكاتب ومدير التحرير الأسبق لصحيفة الصحافة حيدر المكاشفي أن " الصحافة بحاجة إلى قانون ينتزع نقابة تعبر عنهم وضبط عملية صدور الصحف لأن إصدار الأفراد للصحف وإمتلاكها يلحق ضررا كبير بالصحافة والصحفيين ". ومع تشكيل حكومة انتقالية بعد الإطاحة بالبشير ينتقل السودانيون إلى مرحلة جديدة محاطة بالصحافة الباقية من النظام البائد يسعى صحفيون للتخلص من الأوضاع المعقدة لكن في "مراكب لا مجاديف" كما يقولون. المصدر: "سطر"