لا نريد تكرار حكاية تلك (الغمتات) التي قبضها المخلوع من أمراء الخليج، ومن يدرى فربما كانت هناك (غمتات غميسة) أخرى لم يتم كشفها، بل ربما كان هناك (مغموتين) آخرين من النافذين، فطالما أن رب البيت فتح جيوبه لتلقي الغمتات فلا شك أن أهل البيت شيمتهم قبض الغمتات، المهم أن حكاية تلك الغمتات صارت معروفة وتجري بشأنها المحاكمة المشهودة ولا داعى لاعادتها، وانما نحن هنا اليوم بصدد وجه آخر من أوجه الفساد، فالمعلوم أن للفساد أوجه وضروب وفنون عديدة ولقبيلته خشوم بيوت وبطون وأفخاذ، أقلها شأناً وخطراً هو ما يستطيع المراجع المالي كشفه، أما أخطر أنواع الفساد وأكثرها فتكاً بالمال العام ومقدرات البلاد هو ذاك غير المكتشف، ومن هذا النوع ارساء العطاءات على طريقة (الغمتي) بعد قبض البلصات والكوميشنات، ففي الأنباء أن منظمة (زيرو فساد) كشفت أن أحد اشقاء الرئيس المعزول عمر البشير ونافذين في النظام السابق تحصلوا على عمولة (كوميشنات) لتسهيل ارساء عطاء ميناء بورتسودان للشركة الفلبينية. وقالت المنظمة في بيان أصدرته الخميس الماضي، إن شقيق للبشير ونافذين آخرين تحصلوا على مبلغ (90) مليون دولار كعمولة للمساعدة في ارساء عقد تشغيل ميناء بورتسودان للشركة الفلبينية.. هذه والله بلصة دولارية معتبرة قبضها هؤلاء (البلباصين)، وعلى رأسهم البلباص والقباض الأكبر الذي يستحق عن جدارة لقبMr ten percent))، ومستر تن بيرسنت أو صاحب العشرة في المية إن شئت الترجمة الى العربية هو مصطلح ذائع وشائع ومعروف على نطاق العالم ويطلق في الغالب على كل صاحب سلطة ونفوذ أصيل أو (مجاور) على غرار الحقوق المجاورة، يستغل نفوذه الأصيل أو المكتسب نتيجة القرابة أو القرب، كأن يكون قريب من السلطة أو على علاقة قربى بأحد أساطينها لتحقيق منافع شخصية لنفسه وربما لآخرين معه يقاسمونه الغنيمة، كما في حالة جماعتنا قابضي الكوميشنات المذكورين أعلاه، فهؤلاء قد (تكمشنوا وقشوا خشومهم) ولا عزاء للشركة الفلبينية التي سيصبح (خشمها ملح ملح)،ومن أشهر هؤلاء القباضين على نطاق العالم رئيس نمسك عن ذكر اسمه وبلده بصريح العبارة، ولكن لا بأس أن ندلكم عليه على طريقة (نفيسة بت عبد القا)، أو بقول باع وبضبحوا في الضحية، فهذا الرئيس كان قد اعتلى سدة الرئاسة في أعقاب اغتيال زوجته ذات الحسب والنسب وابنة رئيس سابق لذات البلد بل شغلت هي نفسها منصب رئيس الوزراء مرتين ورأست الحزب الذي أسسه والدها الى لحظة إغتيالها، ومن سوء سمعة هذا الرئيس على النطاق العالمي يقال على سبيل النكتة أن رئيس وزراء بريطانيا السابق ديفيد كميرون كان يعد أصابعه في أعقاب أي مصافحة تجمعه به، أما على النطاق المحلي في سوداننا (الفضل) فقد تبحبح منهم نفر كثير خلال العهد البائد، والعهدة على نافع على نافع الذي قال (من أراد أن يستوزر فعليه بالمؤتمر الوطني) وأضاف البعض (ومن أراد أن يستنفع وينفع فعليه به أيضا)..