في الغرب حيث تعودنا ان نضرب المثل عندما يتعلق الأمر بالحديث عن السلوك الإنضباطي في العمل العام اوالخاص ، نادراً ما نجد أو نقرأ أو نشاهد صوراً مقلوبة ، كتلك المشاهد التي تم إقحامها في العمل العام في بلادنا ، فأصبحت ديدن المسؤولين أو كل من يلهيه العمل العام ، لإيهام بسطاء المواطنين بإنهم في دولة يقودها رجال عاهدوا الله أن يسهروا على راحتهم ، على الرغم من ان واقع الحال في غنى عن أشعة الرنين المغناطيسي لتشخيصها ، ولا لبائع الورد ليزينها حتى تسر مشاهدها المقززة كل من ينظر إلى الأشياء بعينه المجردة من وهم الإنتماءات الضيقة والمصالح الدنيوية الزائلة . إن الصلاة في أصلها تعني الدعاء إلى الله وأي صلاة غير مقرونة بالعمل الصالح المخلص النية لا تؤتي أكلها ، والصلاة بدون أفعال باطلة كبطلان من يتذرع بها . لو كان لصلاة التقية نتائجها المرجوة لتحررت فلسطين من قبضة إسرائيل ، ولإنهارت سيدة النظام العالمي الجديد (أميركا) جراء زلزال الدعاء والتطلع إلى زوالها من الوجود بسبب سياساتها العدائية . احد تعريفات الصلاة الشائعة والأكثر تداولاً بين العامة تقول الصلاة علاقة بين العبد وربه ، وبما ان العمل العام يقتضي رعاية مصالح الناس ، فالرئيس أو الوزير غير مطالب بأن يظهر لناس إيمانه الخاص . إذا كانت تلك المشاهد لتحقيق السلام فهي باطلة ، لأن السلام وقوده الحقيقي الإرادة والعزم والعمل ، وليس ترديد التراتيل وقراءة آيات مقدسة والقلوب بحاجة إلى الصنفرة لإعادتها إلى حالة ضبط المصنع ، حتى تتهيأ لقبول الواقع الجديد والمفروض ان يكون . التجارب أكدت ان معظم الدول التي يتم إبتدار كل ما يتعلق بالعمل العام فيها بالصلاة ، هي الأكثر فسادا وكبحاً للحريات وهضماً للحقوق وتغيب فيها ابسط متطلبات الإنسان الحياتية ، وإن وجدت فهي لمن إستطاع إليها سبيلاً من فئة آكلي قوت الشعب ، إذا كنا في دولة الإيمان (و هذه فرية أطلقها الواهمون لأن الناس هم من يؤمنون وليس الكيانات) فلماذا نعيش في الشتات فضلاً عن النزوح الداخلي ، رغم تلك الأرقام الفلكية التي تم نهبها على رؤوس الاشهاد في وضح النهار ، ولم نقرأ قط عن محاكمة سارقي المال العام ، حتى أولئك الذين حوكموا في قضايا فساد لا يمثلون مثقال ذرة من رمال الفساد التي تغطي معظم الارجاء في بلد كالإبل تموت من العطش والمياه على ظهورها محمول . المحزن حقآ ليس كل ما سبق ، إنما إنخراط شباب كنا نأمل منهم رفع لواء هذا البلد المنكوب ، في الترويج لتلك المشاهد بأنها ركناً من أركان تحقيق السلام ، ذلك هو المحزن والطامة الكبرى في نفس الوقت وكأن القلم لم يغير في أمرهم شيء.