قالوا قديماً حسنات الأبرار سيئات المقربين.. ومعناها أن من يسر الله له الأعلى من الطاعات فانشغل عنه بالأدنى كان ذلك من سيئاته.. وعند أهل المعرفة بالله أن من منّ الله عليه بالدرجات العلى والمقام الأسنى وقربه إلى الحضرة الإلهية فمن العظائم في حقه أن يلتفت إلى سوى مولاه.. وقالوا من شغل قلبه بالفعل عن الفاعل عد من المتغافلين كمن انشغل بالنعمة عن المنعم.. فقد انشغل بالمعروف عن الشكر. ومما يقرب فهم المعنى قولهم الصوم ثلاث درجات: صوم العموم.. وصوم الخصوص.. وصوم خصوص الخصوص.. أما صوم العموم فهو الكف عن شهوتي البطن والفرج.. وهو أدنى درجات الصوم.. و هو الضروري من الصوم.. وأما صوم الخصوص فهو كف الجوارح عن المحرمات والمخالفات والشهوات، وأما صوم خصوص الخصوص فهو انصراف القلب عن الهمم الدنية والانشغال عما سوى الله بالكلية فإذا صام العامة عن الشهوتين فهي حسنة لهم بلا مراء، وإذا صام الخاصة صوم العامة كان ذلك في حقهم سيئة وليس أنه في حقيقة أمره سيئة.. وكذلك إذا صام خاصة الخاصة صوم الخاصة كان ذلك في حقهم سيئة ليس ذلك أنه في نفسه من السيئات وعلى هذا المعنى كنا نتمنى أن لو استطعنا أن نقول حسنات الأحزاب سيئات الإنقاذ.. أي أن الإنقاذ لو اكتفت بحسنات الأحزاب في الحكم لكان ذلك من سيئاتها هذا ما كنا نرجوه.. وهذا ما كنا نتوقعه ونتوقه وهذا ما كان يجب أن يكون.. وهذا ما وعدتنا به الإنقاذ.. وما عاهدتنا عليه. بل ما عاهدت عليه ربها جل وعلا فما أوفت بما وعدت ولا صدقت ما عاهدت عليه الله. لو أن فساد الإنقاذ كان في حجم فساد الأحزاب لكان ذلك من حسنات الإنقاذ.. أما ما نراه ونسمعه ونقرأه من فساد الإنقاذ فلا ندري معه كيف نمشي في الأسواق وكيف نخالط الناس.. وكيف نأمرهم بمعروف أو ننهاهم عن منكر.. بل كيف ننظر في وجوههم!! «أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم». إن الإنقاذ فتنة وأي فتنة.. إن فتنة الإنقاذ ليست فتنة للذين كفروا .. وقد كان اتباع الأنبياء يتعوذون من أن يكونوا فتنة للذين كفروا «ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا». أما الإنقاذ فقد أصبحت فتنة للذين آمنوا وأصبحت حجر عثرة في وجه الدعوة إلى الله!! وفي وجه الدعاة فإلى أي شيء ندعو الناس.. إلى أي شيء ندعو أهل الإيمان، دعك من أهل الكفر؟! وما زلنا نحاول أن نفك رموز وشفرة الأرقام الفلكية التي ترد في الإعلام عن حجم فساد الإنقاذ، ونحاول أن نفهم على ضوء ما تعلمناه من الرياضيات في جامعات الدنيا ما معنى «2000» مليار جنيه سوداني.. كيف تُكتب؟ وكيف تُختلس؟ وكيف تُكنز؟ وكيف تُحفظ؟ في الإنقاذ أصبحت الأمور مختلطة حتى الأرقام والكميات ألف جنيه اليوم.. تعني مليون جنيه بالأمس.. ومليون جنيه اليوم تعني مليار جنيه بالأمس.. فماذا تعني «2000» مليار جنيه اليوم؟ فأرقام الإنقاذ فلكية.. وخطايا الإنقاذ فلكية.. والسيئة تضاعف ألف مرة.. وكذلك الحسنات إن وجدت، والإنقاذ الآن مشغولة بسيئاتها ولا وقت لها للتفكير في الحسنات.. ومقابل كل حسنة ترتكبها الإنقاذ.. تكفرها بألف سيئة..لذلك فلا غرابة في أن يختلس مدير مكتب مسؤول ومعه جماعة من العاملين معه «شوية» مليارات لا تصل إلى ألف مليار فتقوم الدنيا ولا تقعد ويقول لنا عزيز المكتب أو فرعون المكتب تمهلوا قليلاً وتأكدوا أولاً واستوثقوا من الفئة هل هي مليون أم مليار؟! إن السؤال الحقيقي ليس متعلقاً بفئة المسروق ولا بالرقم الحقيقي.. إنما هو «متعلق بفئة الموظفين أنفسهم وبفئة الأخ عزيز المكتب نفسه وليس مديره فقط». إن مجرد الأكل في الطريق عند أهل الفقه وأهل العلم قادح في المروءة.. وكان عندنا أخ في مكة يدرس العلم الشرعي وكان لا يأكل في الطريق ولا يركب الموتر وينهي عن ذلك وكان يقول إن من يراني من أهلي آكل في الطريق فلن يقبل منى فتوى في نواقض الوضوء!! والآن الإنقاذ تتحكم في العقائد والشعائر والشرائع، ومنسوبوها تجاوزوا مجرد الأكل في الطريق أو حتى السير عراة في الطريق بالله عليكم أيهما أخف في حق المسلم: أن يسير عارياً في الطريق أم أن يأكل أموال الناس بالباطل وباسم الدين؟ ما هذا الذي يجري؟ ما هذا الذي يدور؟ أين ذهب الإباء والتعفف والتذمم والشمم والكبرياء؟ أين ذهبت الرجولة والمروءة؟ أين.. أين ذهب الحياء؟ لا تسأل عن التقوى ولا الورع ولا خشية الله ولا ذكر الموت!! ما هذا يا أهل السودان؟ أما في القوم رجل رشيد؟ لا مدير المكتب ولا عزيز المكتب؟ فما بال عزيز القوم لا ينطق ولا يتكلم؟ دعك من أن يستشيط غضباً ويضرب الطاولة ويركل الكراسي. ويشد شعره ثم يعلق المشانق!! فعلاً متى تعلق المشناق؟ وحقاً وصدقاً ما كان سيئة في الأحزاب أصبح يعد حسنة في الإنقاذ. يعني اختلاسات الأحزاب إذا حدثت في الإنقاذ فإنها تعد من حسنات الإنقاذ!! ملاليم في مقابل مليارات!! ومع ذلك فإن سيئات الأحزاب مجتمعة لا تساوي ولا تكاد تساوي حسنة واحدة من حسنات الإنقاذ إياها وعليكم بالأرقام. { إلى الدكتور عبد الرحيم عمر محيي الدين: قطعاً أنت لا تعرفني جيداً. لن أتركك ولن أترك قضية الرافضة حتى أصل فيها إلى نتيجة إما لي وإما عليّ. وانتظر منك رداً على أسئلتي الخمسة عشر ورداً على مقالاتي. وأنا لم أفرغ من كتبك وتفرغت لها.. وأمهلك يوماً أو يومين قبل أن انطلق.. وخنجري على حلقوم الرفض والتشيع!!