تسارعت خطوات الحكومة الانتقالية في السودان لترتيب أكثر الملفات إثارة للجدل منذ سنوات طويلة وفي مقدمتها مخصصات الدعم في محاولة لاحتواء أزمة الوقود التي طفت على السطح مرة أخرى. وسعى وزير المالية إبراهيم البدوي أمس إلى امتصاص غضب السودانيين بسبب نقص الوقود بالتأكيد على أن الحكومة لن تتجه حاليا إلى رفع الدعم عن السلع الأساسية. وقال خلال مؤتمر صحافي في العاصمة الخرطوم إن "الحكومة الانتقالية ستطلق خطة إنقاذ اقتصادي مدتها 9 أشهر لتحقيق الاستقرار". وأوضح أن الإجراءات ستتضمن ترشيد الإنفاق ومعالجة التضخم. وقال "سيتم الاستمرار في دعم الوقود والخبز حتى العام المقبل، ثم التحول من الدعم السلعي إلى الدعم المباشر". وأضاف "الدعم المباشر المقترح للمواطنين، لن يتجاوز 300 جنيه سوداني (6 دولارات) لكافة أفراد الشعب". وتشمل السلع المدعومة المحروقات، إضافة إلى القمح والأدوية وغيرها من السلع الأساسية. وتجددت في العاصمة أمس أزمة الوقود فيما عادت إلى الواجهة مشاهد اصطفاف عشرات السيارات أمام محطات التزود طلبا للخدمة. ونسبت وكالة الأناضول لمصدر بمصفاة الخرطوم للبترول، غير مخول بالحديث للإعلام، قوله إن "أحد الأجزاء الرئيسية لمعالجة البنزين في المصفاة تعطل وهناك جهود لإصلاحه". وتعمل المصفاة التي أنشئت في يونيو 2000 بطاقة تكريرية قدرها 50 ألف برميل يوميا، وتمت عمليات توسعة المصفاة على مرحلتين لتبلغ الطاقة الحالية 90 ألف برميل يوميا. وأكد المصدر أن الوضع يستدعي من السلطات ضرورة وضع مخزون احتياطي لمواجهة الطلب عند صيانة المصفاة خلال الأشهر المقبلة. ونقل المركز السوداني للخدمات الصحافية المقرب من الدوئر الرسمية عن إدارة ميناء بورتسودان تأكيدها تفريغ 3 بواخر للمشتقات النفطية بحمولة تصل إلى أكثر من 129 ألف طن تشمل الغازولين والبنزين وغاز الطبخ إلى جانب الفيرنيس. وتراجع إنتاج السودان النفطي بعد انفصال جنوبه في 2011 من 450 ألف برميل إلى ما دون 100 ألف، ما جعل الحكومة تلجأ إلى استيراد أكثر من 60 بالمئة من المواد البترولية لتلبية حاجات البلاد. ويعاني السودان من أزمات معيشية مستمرة تمثلت في شح السلع الاستراتيجية وارتفاع أسعار صرف الجنيه أمام الدولار، وندرة في السيولة بالأسواق السودانية. وبحسب إحصائيات حكومية سابقة تبلغ قيمة الدعم على المحروقات بجميع مشتاقتها 2.25 مليار دولار سنويا، فيما يصل الدعم للقمح إلى 365 مليون دولار سنويا. وفي ما يتعلق بسياسة الصرف استبعد البدوي دخول السودان في مغامرة تحرير سعر صرف الجنيه حاليا "لتجنب كوارث سياسية واقتصادية واجتماعية يمكن أن يسببها القرار". وتنشط السوق الموازية للعملة في السودان، بينما تعاني الحكومة والبنك المركزي من ضعف احتياطات النقد الأجنبي. وأكد وزير المالية أن تعويم الجنيه يجب أن يأتي ضمن منظومة مالية نقدية، وتوقع اتخاذ قرار من هذا النوع في النصف الثاني من العام المقبل، "بعد نجاح البرنامج الطارئ المحدد بمئتي يوم". ويعاني السودان من هبوط حاد في سعر عملته أمام الدولار وسط مضاربات بالأسواق السوداء تعمل على استمرار ارتفاع أسعار الصرف بما يؤثر سلبا على الوضع المعيشي بالبلاد. وكشف البدوي عن مجهودات من أجل بناء احتياطي من النقد الأجنبي عبر وضع تحويلات المغتربين بالعملة الصعبة في شكل وديعة لدى بنك السودان المركزي وإبرام وثيقة قانونية من الحكومة لإرجاع الوديعة قبل نهاية الفترة الانتقالية. ويأمل السودانيون أن ينهي الاتفاق بشأن المرحلة الانتقالية الموقع في أغسطس الماضي اضطرابات متواصلة في البلد منذ أن عزلت قيادة الجيش الرئيس الأسبق عمر البشير.