الولاة العسكريون المكلفون من قبل المجلس العسكري سابقاً، طالبوا أمس بإنهاء تكليفهم، وذلك في اجتماعهم مع وزير الحكم الاتحادي يوسف آدم الضي في الخرطوم، وقالوا أنه آن أوان اختيار حكام مدنيين للولايات بعد تشكيل الحكومة الانتقالية، وأضافوا أن فترة تكليفهم التي استطالت ألقت بظلالها السالبة على قواعدهم العسكرية، ونادوا وزارة الحكم الاتحادي ورئاسة مجلس الوزراء والمجلس السيادي باستصدار قرار الإعفاء بما يحفظ لهذه القيادات المكلفة رجوعها لقواعدها العسكرية —————— الولاة العسكريون يطالبون بإنهاء تكليفهم فهل ستنجح الأطراف في تجاوز جدل اختيار وتعيين الولاة ؟ الجريدة: حافظ كبير طوال الأسبوع الماضي، عاشت كثير من ولايات السودان أزمات عديدة، الأمر الذي دعا المركز إلى استدعاء الولاة، واعلان مجلس السيادة الانتقالي عقد اجتماعه اليوم الخميس بمدينة نيالا للوقوف على حقيقة الأوضاع، هذه الأزمات قادت إلى مطالبات من جهات عديدة بضرورة الإسراع في تعيين ولاة مدنيين جدد، واستكمال هياكل السلطة الانتقالية في المستويات الولائية. نقلت صفحة تجمع المهنيين على الفيس بوك بياناً حول الأزمة المشتعلة منذ أيام في نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور بسبب الندرة في الخبز والوقود وتنامي ظاهرة السوق السوداء لبيع السلعتين الأساسيتين، حذّر فيه من تأخير تعيين الولاة المدنيين الذين يمثلون الثورة وتطلعاتها، وطالب بتشكيل لجنة تحقيق في استخدام شرطة ولاية جنوب دارفور للعنف المفرط ضد المحتجين السلميين، كما سيرت لجان المقاومة بالمدينة مليونية للمطالبة بإقالة الوالي المكلف احتجاجاً على تردي الخدمات، بالإضافة إلى موكب موحد في عدة ولايات تضامناً مع أحداث العنف في دارفور، إلى جانب مليونية في ولاية الخرطوم الاثنين الماضي، دعت كذلك إلى إقالة الولاة ومحاسبة المتورطين في العنف وسلمت مذكرة بهذا الشأن إلى وزارة العدل، وتضامناً مع هذه المطالبات، غرد رئيس حزب المؤتمر السوداني المهندس عمر الدقير على حسابه في تويتر مبيناً أن الإدانة لما حدث في نيالا ليست كافية، بل الإقالة الفورية للوالي ومُحاسبة الذين لم يفهموا أن عهد الاستبداد والقمع قد ولّى. في شرق البلاد، شهدت ولاية القضارف تصعيداً خطيراً بين قوى الحرية والتغيير ووالي الولاية المكلف، وتبادل الأطراف هناك الاتهامات، وبلغ الأمر ذروته عندما حاصر مجموعة من المحتجين والي الولاية خلال زيارته لسوق الخضار بالقضارف ورددوا هتافات تطالب برحيله فيما قامت قوة من الشرطة بتفريق التظاهرة واقتادت العشرات من المحتجين، وألقت القبض على مجموعة من كوادر وقيادات قوى الحرية والتغيير بالمدينة في ساعات متأخرة من ليلة الأربعاء الماضي وفتحت في مواجهتهم بلاغات تحت المواد (63) تقويض النظام و( 177) الإزعاج العام وفقاً لمصادر صحفية. قوى الحرية والتغيير بالولاية سيرت مواكب للمطالبة بإقالة الوالي وإعلان محليتي الرهد وقلع النحل منطقتي كوارث جراء السيول والأمطار التي شهدتها المحليتان، والتي أدت الى تشريد عدد كبير من المواطنين، وطالبت قيادات قوى الحرية والتغيير خلال الموكب الذي نظمته الخميس الماضي بإقالة والي القضارف المكلف اللواء ركن نصر الدين عبد القيوم، بسبب عدم تعامله مع الحرية والتغيير في الولاية وفشله في عدد من الملفات، فضلاً عن تأكيد القيادي بقوى الحرية والتغيير الاستمرار في المواكب لحين إقالة الوالي وتعيين والٍ آخر من المدنيين. هذه الأزمات ألقت بظلالها على اجتماعات المجلس السيادي الانتقالي، فقد تداولت الأخبار ما دار في اجتماع عاصف ناقش فيه المجلس السيادي سحب جميع ولاة الولايات العسكريين المكلفين، وذكرت مصادر لصحيفة التيار الصادرة أول أمس أن المكون العسكري أشار في الاجتماع إلى ما أسماه ب" الاستفزازات " التي يتعرض لها الولاة العسكريون، وإن العسكريين بالمجلس السيادي ذكروا أنهم سيسحبون جميع الولاة، بما فيها الولايات التي تشهد اضطرابات أمنية، مثل ولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، واستمر الجدل ولم يتم حسم الأمر في ذلك الاجتماع، بل انتقل الأمر إلى اجتماع لاحق، ونقلت صحيفة آخر لحظة الصادرة أمس عن المجلس السيادي أن المناقشات بشأن سحب الولاة ما زالت مستمرة، ونقلت عن عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان قوله بأن دراسة بشأن سحب الولاة العسكريين مستمرة ومازال النقاش حول الأمر متواصلاً. الولاة العسكريون المكلفون من قبل المجلس العسكري سابقاً، طالبوا أمس بإنهاء تكليفهم، وذلك في اجتماعهم مع وزير الحكم الاتحادي يوسف آدم الضي في الخرطوم، وقالوا أنه آن أوان اختيار حكام مدنيين للولايات بعد تشكيل الحكومة الانتقالية، وأضافوا أن فترة تكليفهم التي استطالت ألقت بظلالها السالبة على قواعدهم العسكرية، ونادوا وزارة الحكم الاتحادي ورئاسة مجلس الوزراء والمجلس السيادي باستصدار قرار الإعفاء بما يحفظ لهذه القيادات المكلفة رجوعها لقواعدها العسكرية. يصف المحامي والقانوني محمد عبدالله ود أبوك الأزمة بأنها تسير في ثلاثة اتجاهات، اتجاه المظاهرات من قبل المواطنين مثل ما حدث من مطالبات في القضارفونيالا، واتجاه الالتزام بالوثيقة الدستورية التي حددت كيفية اختيار الولاة واكمال هياكل السلطة الانتقالية المدنية، والاتجاه الثالث هو ما طرأ جديداً فيما يتعلق بإعلان جوبا، في المادة ج(2) والتي تنص على ارجاء تكوين المجلس التشريعي والولاة لحين الوصول لاتفاق سلام، وقال ودأبوك ل" الجريدة" إن اتجاه المظاهرات وبعض المطالبين بتغيير الولاة يتقاطع مع اعلان جوبا، وكذلك الضغط الجماهيري ونص الوثيقة يتعارض مع ما تم الاتفاق عليه في جوبا، وهنا ستظل المغالطات سيدة الموقف، بالإضافة إلى الاتهامات المتبادلة والتي ستلقي بظلالها على الممارسة وعلى الهدوء المطلوب في الفترة الانتقالية، ويضيف ود أبوك أن كل هذا الأمر عبارة عن تناقضات ستضعف من الوثيقة وستضرب مصداقية الأطراف في التعامل مع الإعلان الدستوري وجعل الدولة دولة قانون ودستور. من جهة ثانية فإن الولاة شعروا بخطورة الموقف وبخطورة الفراغ الدستوري في الولايات، وهناك فجوة كبيرة بينهم وبين الأجهزة الرسمية وبينهم والمواطنين، وهذا ناتج عن التعبئة من بعض الأطراف المتناقضة في المواقف، مرة حكومة ومرة معارضة، وفقاً لمحمد عبدالله ود أبوك، والآن الولاة أنفسهم تحدثوا عن الإسراع في تكوين الحكومة المدنية وأبدوا رغبة واضحة في التخلي عن إدارة الولايات في هذه الظروف. ووفقاً لوجهة نظر ود أبوك فإنه إذا نظرنا إلى هذا الأمر من الاتجاه الذي جاءت به تفاهمات جوبا، فإن إرادة السلام يجب أن تعلو على ما سواها من المطالب، ويجب الالتزام بما تم التوافق عليه مع حركات الكفاح المسلح، وإن أي تشكيل جديد سيزيد من التباعد الموجود أصلاً بين قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية، وأن أي اتفاق سلام شامل بعد ذلك ستحرص حركات الكفاح المسلح أن يكون فيه نصوص تعمل على تغيير كل التفاهمات على المركز والولايات. دستورياً، يرى نبيل أديب المحامي والخبير القانوني أن تعارض النصوص في قضية الولاة محسوم لصالح الوثيقة الدستورية، وأن النص في الوثيقة الدستورية هو الأقوى، أما اتفاق بعض من مجلس السيادة والجبهة الثورية غير ملزم لمجلس السيادة نفسه، لأن القرار في مجلس السيادة يتخذ قراره بالثلثين، ولا يوجد ما يجعل النص الموقع عليه يسري ضد الوثيقة الدستورية، إلا إذا توصلوا لاتفاق آخر، السلطة واضحة هنا وهي سلطة رئيس الوزراء في تعيين الولاة بالوثيقة، ولا يمكن تجاوز الوثيقة الدستورية باتفاق سياسي، والنص الدستوري هو سلطة وممارستها بيد من يملك هذه السلطة. قبل أن ينتهي الجدل بشأن تعيين رئيس القضاء والنائب العام، وكذلك الجدل بشأن الوثيقتين الدستوريتين، فإن الساحة السياسية موعودة بجدل جديد، أطرافه هذه المرة متعددة، بينها مطالب شعبية وموضوعية، وأخرى اتفاقات وتفاهمات سياسية، جنباً إلى جنب مع وثيقة دستورية لم تنشر بعد، ولم يعلم أحد حتى الآن أي الوثيقتين أحق أن تتبع ؟