جبلنا نحن معشر السودانيين ابتداء ومنذ تاريخ نيلنا استقلالنا في العام 1956م الى مابعد ثورة ديسمبر المجيدة وحتى تاريخه على عشق وإدمان الفشل وحب الاختلاف والمعارك الهلامية من غير معترك حقيقي بالاضافة الى تقديس الذات والتغني والتباهي فقط بامجادنا وارثنا وتاريخنا الزاخر بالبطولات والتضحيات بينما العالم الذي يحيط بنا اقليميا وعالميا يتقدم ويخطو بسرعة في مضمار الحضارة والرقي والتقدم ونحن لانزال نلهث ونتصارع ونتدافع في الصفوف، ونسيئ ونشتم بعضنا من أجل الحصول على جالون بنزين ، أوعشرة رغيفات ، أواسطوانة غاز، أو ايجاد مقعد في حافلة أو بص مواصلات عامة ، بينما الساسة في ساس ويسوس ، والحرية والتغيير وخروج الحزب الشيوعي من قوى الاجماع الوطني ولجنة نبيل اديب ، ولجان المقاومة، وسدنة العهد البائد ، ولجنة ازالة التمكين وهلم جرا على قول الحبيب الامام الصادق شفاه وعافاه الله في موقف مشابه ومماثل تماما وأقرب للمقولة التي تتحدث عن ملك روما ورئيس وزرائه وهما يتجادلان هل الدجاجة من البيضة ؟ أم البيضة من الدجاجة ؟ بينما الجيوش تحاصر وتقتحم روما عاصمة امبراطوريتهم العظيمة في ذلك الوقت . المقدمة أعلاه اقتضتها تداعيات مايحدث في جالياتنا بالخارج من تشظي وتشرزم وخلاف ورؤى ومصالح شخصية ضيقة قاصرة اقعدتها كثيراً عن ممارسة دورها الطبيعي وحالت بينها وبين تحقيق أغراضها واقصد بذلك تحديدا جالياتنا المنتشرة في المملكة العربية السعوية لما تمثله من ثقل معتبر وباعتبارها من الدول التي تتواجد بها أكبر الجاليات السودانية المنتشرة بالخارج وانها تعد من أكبر اسواق العمل في المنطقة وحسنا فعل الامين العام لجهاز المغتربين مؤخرا بقراره رقم (34/20) الذي حل بموجبه كافة الجاليات السودانية بالمملكة ، وتكوين لجان تسيير باشراف السفارة والقنصلية للفراغ من مهامها المتمثلة في وضع خارطة الطريق الصحيحة لتكوين الجاليات وفقا للنظام الاساسي المعتمد لكل جالية الى حين تعديله او الابقاء عليه كما هو بواسطة الجمعيات العمومية ممثلة في المجلس العام للجالية ، وأن يتم ذلك خلال فترة اقصاها 6 شهور من تاريخه أو حسب مايستجد. قد لايستوعب الكثير من الاخوة المغتربين ان الغرض الرئيس من تكوين الجاليات هو خدمة السودانيين المقيمين اقامة قانونية نظامية في بلد الاغتراب ، ورعاية مصالحهم، والدفاع عن حقوقهم المهدرة وانتزاعها انتزاعا ، وإن الجالية هي كيان خدمي طوعي انساني خيري بحت لامجال فيه للسياسة ، والعمل فيها مجانا بدون مقابل ، وأن لامجال من خلال تبؤ منصب فيها لأي كسب أو منفعة أو مصالح غير مشروعة وقد لايستوعب العديد من المسئولين بالداخل كذلك مدى ماقدمته شريحة المغتربين الفاعلة للوطن في اوج محناته وازماته العميقة ، بالاضافة لدورها الفاعل والكبير والمؤثر في انتصار ثورة ديسمبر المجيدة ، وان ابسط مايستحقونه هو تنفيذ مطالبهم العادلة ،وتحقيق احلامهم وامنياتهم المشروعة لاسيما بعد تغير ظروف وبيئة الاغتراب في بلدان المهجر وتطبيق سياسات الاحلال والتوطين للوظائف ، وقلة وندرة فرص العمل، بالاضافة الى كبر الابناء ، وزيادة المسئوليات، وامتداد سنوات الاغتراب بلا هدف، الامر الذي نتج عنه مؤخرا حدوث هجرة عكسية غير مسبوقة الى الوطن بدون وجود اي خطة او برنامج عمل من الدولة لاستيعاب وتاهيل هذه الخبرات العائدة ، والاستفادة من تجاربها ومدخراتها في المهجر، او تقديم النذر اليسير من الخدمات والمزايا التي تناسب تضحياتهم وبعدهم عن الوطن والاحباب لسنوات طويلة ، لاسيما إن منهم من قضى نحبه وتوسد الثرى ، ومنهم من هّده الاعياء ورهق الغربة واصبح حطاماً ، ومنهم من ينتظر الفرج ويلوك الصبر ، ومنهم من يقاوم ضنك وشظف العيش وعدم المقدرة على العودة للوطن ، ومنهم من لايملك رسوم تجديد اقامته ورخصة عمله أو قيمة تذكرة العودة للوطن ، ومنهم من مقيد ضده بلاغ هروب وتغيب عن العمل ، ومنهم من توفى عائله الوحيد ويعيش على هبات المحسنين واهل الخير ، ومايلي ذلك من آثار اجتماعية مدمرة تفصح عنها التقارير المخيفة المفزعة التي ترد الى قنصلياتنا يوميا المتعلقة : بارتكاب جرائم القتل والسرقات ، وحيازة وتعاطي المخدرات ، وانحراف شبابنا ، وجرائم الاختلاس وخيانة الامانة والتزوير ، وما لايخطر على البال – الخ الامر الذ ي لانملك معه سوى دق ناقوس الخطر بشدة لضرورة الانتباه والحذر من مغبة مايحدث والا فالطوفان قادم لامحالة . تعتبر جالية المنطقة الشرقية من الجاليات المتميزة نوعياً على امتداد مهاجر السودانيين في الخارج ، وكانت من الجاليات المتزنة نوعا ما رغم سيطرة منتسبي النظام البائد عليها في ذلك الوقت ، ووجود شرفاء قاوموها بشراسة وناهضوا ماكانت تقوم به من فعاليات عبثية انصرافية تمثلت فقط في : حفلات التكريم والوداع والاستقبال للوفود القادمة من الوطن لتسويق مالديها من منتجات وقبض بعض العمولات والاتاوات ، وبعض الخدمات الاجتماعية التي لاترقى لمستوى الطموح والامال المعقودة عليها ، وبعد اندلاع الثورة الباسلة استبشر الجميع خيرا بعهد جديد للجالية تسود فيه قيم المواطنة ، ويتساوى فيه ابناء السودان المغتربين في الحقوق والواجبات مع رصفائهم بالداخل، وتتحقق فيه امنياتهم العادلة على الاقل ومطالبهم التي طالما حلموا بها ولكن ماحدث كان على خلاف ذلك حيث انبرت مجموعة من الاشخاص بالمنطقة الشرقية اجمعوا أمرهم بليل على اعتلاء واجهة الجالية والهيمنة عليها تحت غطاء الثورية واتهام كل من يعارضهم بانهم كيزان وزواحف مخالفين بذلك ماهو مستقر وراسخ في تكوين الجاليات ، وماهو منصوص عليه في نظام الجالية الاساسي المعتمد من جهاز المغتربين ، ووزارة الخارجية، والسفارة ، بمبرر انه نظام خاص بالكيزان والعهد البائد ، ولايشبه الثورة وشعاراتها ، بينما هو في الواقع نظام عكفت على اعداده وتنقيحه نخبة من أميز القانونيين بالمنطقة ومن ضمنهم أحد القانونيين المنتمين لتلك المجموعة وكان من المدافعين بشدة عنه ، بالاضافة لكونه نظام لايختلف اصلا عن غيره من الانظمة المنظمة لعمل الكيانات المماثلة ، ولاعلاقة له البتة بالنظام البائد ، وفي الوقت نفسه غير مفصل عليه ، ولايتبنى اي من اطروحاته وافكاره، وانه مجرد نظام اساسي عادي يحدد الاغراض والاهداف ، وشروط العضوية ، وفقدانها ، ومالية الجالية وايراداتها ، وكيفية تكوين هياكلها واجسامها ومجلسها العام ، واختصاصات كل من المجلس العام واللجنة التنفيذية ، وكيفية الانتخابات والترشيح —الخ – الامر الذي ترتب عليه تبني نفر من الناشطين في العمل العام بالمنطقة لمبادرة بغرض تصحيح الوضع واعادة الامور الى نصابها واضعين في الاعتبار اهمية الوفاق والوحدة والقوة والتعاضد والتكاتف بين السودانيين في هذه الرقعة من بلد الاغتراب وللاسف الشديد لم تجد هذه المبادرة اي حظ من الاهتمام من قبل من نصبوا انفسهم كلجنة تنفيذية انتقالية للجالية . ومن هذا المنبر ( صحيفة الراكوبة الالكترونية العملاقة ) ودورها الاعلامي الفاعل في الشأن العام المجتمعي والثقافي والسياسي والفكري، وإنفاذا لقرار الامين العام لجهاز المغتربين رقم (34) اناشد كل الحادبين على المصلحة العامة في جالية المنطقة الشرقية ، وكافة الناشطين في العمل العام من اجيال المهجر (القديمة والجديدة والمتوسطة) وجميع رؤساء الكيانات الاجتماعية والثقافية والرياضية ، ورؤساء الروابط الجغرافية والمهنية ، وتجمع الشباب السوداني الحديث النشأة الى : ضرورة الوحدة والوفاق والتكاتف والتعاضد بالاتفاق على برنامج عمل وخارطة طريق واضحة تحدد مستقبل ومصير جالية المنطقة الشرقية ، والعمل بقوة على تنفيذ هذا البرنامج بالاضافة الى أهمية ممارسة قدر عالي من الشفافية والشورى والديمقراطية وضبط النفس لاختيار لجنة تسيير تتكون من : اشخاص مشهود لهم بحسن الخلق والاستقامة والخبرة والتخصص ، وممن اشتهروا برجاحة العقل والحكمة وطهارة اليد وعفة اللسان، وأن يكونوا من الناشطين في العمل العام ، ولديهم الوقت الكافي ، مع مراعاة التنوع والتعدد الجغرافي والمهني والثقافي والاجتماعي والرياضي الذي تذخر به المنطقة، وان يوكل لهذه اللجنة مهمة الاشراف على تكوين هياكل واجسام الجالية ، وعقد الجمعيات العمومية للروابط والجمعيات ، وتنقيح واجازة انظمتها الاساسية تمهيدا لتصعيد واختيار ممثليها للمجلس العام للجالية في اطار تراعى فيه معايير الشفافية والديمقراطية والشورى الهادفة بالضرورة الى خدمة ابناء الوطن في بلد الاغتراب وأن يقترن جميع ماتقدم باحترام اعراف وتقاليد وانظمة البلد المضيف بحيث يكون هدف الجالية المرتقبة الوحيد في النهاية هو خدمة السودانيين ورعاية مصالحهم وحل مايجابهونه من عقبات ومشاكل في هذه الرقعة من بلد الاغتراب، وأخيرا ان يمتزج كل ماتقدم بعكس المتلازمة السودانية الرائعة والوجه المشرق للوطن وابنائه في هذه المنطقة من بلد الاغتراب.