تحتفل الخرطوم اليوم (الأحد) باستقبال قادة الجبهة الثورية الموقعين على اتفاق سلام جوبا الموقع في الثالث من أكتوبر الماضي، في احتفال حاشد تم الإعداد له منذ التوقيع النهائي للسلام بجنوب السودان، لتطوي بذلك البلاد صفحة طويلة من الحرب، وتبدأ بعدها مرحلة جديدة من البناء والسلام والاستقرار، ولكنها لن تكون بالمرحلة السهلة، فمازالت هناك الكثير من العقبات والتحديات التي تواجه تنزيل اتفاقية السلام إلى أرض الواقع، بما يستلزم إرادة سياسية جادة من الأطراف المختلفة الموقعة على السلام، مع بذل أقصى جهد للعمل على إلحاق الحركات غير الموقعة حتى تنعم البلاد بسلام شامل يعمل على الاستقرار والرخاء. استحسان واستياء قرار العفو العام في حق قادة الحركات، وكذلك جعل اليوم (الأحد) عطلة رسمية بالبلاد لاستقبال قادة السلام لاقى استحسانا كبيرا من الجبهة الثورية، مؤكدين أن هذه الخطوة تؤكد حرص الأطراف وتمسكها بما ورد في إتفاقية السلام، وأنها تعزز الثقة الموجودة المتنامية أصلا بين أطراف العملية السلمية، بيد أن الجبهة أبدت استيائها من نقص الميزانية الموضوعة للاحتفالية من قبل وزارة المالية، وأوضحت الثورية بأنها تفاجأت بهذا النقص، في وقت يعرب فيه البعض عن استيائه لهذه الاستقبالات الضخمة التي ستكلف خزينة الدولة الكثير، والبلاد تمر بهذه الضائقة المالية الكبيرة، متعجبين من الصرف على الإجراءات الشكلية بهذا الشكل، فيما ينتظر تنفيذ السلام الفعلي فاتورة أخرى باهظة ستقع على عاتق المواطن البسيط. أطراف معيقة محمد حسين شرف رئيس مكتب حركة العدل والمساواة بالقاهرة، والقيادي البارز بالحركة أوضح من جانبه أن استعدادات استقبال القادة اكتملت من ناحية حشد القواعد والجاهزية النفسية، لطي صفحة الحرب نهائيا وبداية صفحة جديدة من السلام والاستقرار، وقال شرف ل (اليوم التالي) إن الحكومة من الناحية النظرية أبدت استعدادات كبيرة، وكذلك اتخذت إجراءات كثيرة، وأمرت بالعفو العام عن منسوبي الحركات، موضحا أن هذا القرار له بعد سياسي وقانوني، ولم تعد تهمة العداء للدولة موجودة، ومن حق الحركات الدخول والخروج بحرية، وتابع أما من ناحية الإمكانات الحكومة اجتهدت في توفير معينات الاستقبال، مستدركا في الوقت نفسه لكن الحكومة ليست على قلب رجل واحد، مضيفا أن هناك أطراف معيقة للعملية السلمية، وتريد أن تخرج صورة الاستقبال بما لا يليق، من باب المكايدة السياسية من أطراف قد نجد لهم العذر السياسي في ذلك من باب الغيرة السياسية أيضا، مؤكدا أن قادة الحركات سيدخلون البلاد، وأن يوم الاستقبال سينجح وسيمر، وقال إن كل حركة لديها برامجها ورؤيتها وفكرها السياسي، وكل يستعرض نفسه وقت الاختيار، مضيفا ليس بالضرورة أن تكون الاستعراضات الشعبية بالعاصمة القومية، يمكن أن تكون في أي ولاية من ولايات السودان، موضحا أن الحركات تولت عملية تمويل الاستقبال، وأن الحكومة تولت عملية توفير الأمن والحماية، مؤكدا أن الحركات لم تكلف الدولة كثيرا في هذا الاستقبال، وأنه من ميزانيتها الخاصة، وقال وماذا يضير لو أن الحكومة صرفت على هذا الاحتفال فهو مسؤوليتها أيضا. مجموعات مسلحة في الوقت نفسه أكد مصدر مسؤول بحركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي عن وصول عدد من القيادات العسكرية مدججين بالسلاح أطراف العاصمة الخرطوم ، استعداداً لاستقبال رئيس الحركة مني أركو، وقال المصدر في تصريح صحفي بالخرطوم أمس (السبت) إن 300 عربة تحمل قوات الحركة العسكرية تمركزت غرب أم درمان، وستقوم الحركة باستعراض عتادها وجيشها، والطواف بالعاصمة تبشيراً بقدوم قائدها مناوي، وأضاف المصدر أن القائد العام لجيش الحركة جمعة حقار ونائب الاستخبارات يعقوب أركو من ضمن القيادات. استغراب وقلق حديث المصدر عن وصول قيادات عسكرية من حركة مناوي و300 عربة تحمل قوات من الحركة مدججين بالسلاح لاستقبال قائدها يثير الاستغراب والقلق، فكيف يسمح بدخول السلاح للخرطوم قبل تنفيذ اتفاق الترتيبات الأمنية؟ محمد شرف القيادي بحركة العدل والمساواة قال ل (اليوم التالي) لم أسمع بدخول مجموعات مسلحة للبلاد، مضيفا في النهاية مسألة تأمين الاحتفال هي مسؤولية الأجهزة الأمنية للدولة، مؤكدا أنها استقبالات شعبية، وقال أن الترتيبات العسكرية كلها أمور حسمت في اتفاق الترتيبات الأمنية، ومعلوم أماكن تمركز قوات الحركات وعلاقتها بالدولة وبالقوات المشتركة، وكل ذلك تم حسمه، مضيفا أن هناك مصفوفة بها جداول زمنية بتواريخ محددة وقعت عليها الحركات، وبالتالي كل الترتيبات مفصلة فيها، صحيح تأخر التنفيذ بعض الشيء ولكن هناك تدارك لهذا التأجيل وسيتم معالجته، لافتا إلى أن أي طرف أو جهة يروج لمثل هذه الأفكار بوجود مجموعات مسلحة من الحركات داخل الخرطوم قبل تنفيذ اتفاق الترتيبات الأمنية لديه غرض. اعتداءات وإصابات على صعيد متصل تناقلت الأخبار في الخرطوم أمس (السبت) أنه أصيب العشرات بإصابات متفاوتة من قيادات حركة وجيش تحرير السودان المجلس الانتقالي بقيادة دكتور الهادي إدريس في ندوة جماهيرية للحركة بالخرطوم مساء أمس الأول (الجمعة)، وأن الناطق العسكري باسم قوات الحركة ونائب رئيس هيئة الاركان أحمد جدو أصيبوا فيه، كما أصبب أمين التنظيم والإدارة الصادق برنقو بإصابات بالغة في الرأس نقل على إثرها للمستشفى مع عدد 33 من قيادات الحركة، وقال الناطق العسكري باسم قوات الحركة أحمد جدو في تصريح صحفي إن مجموعة من شباب تابعين لحركة عبدالواحد هجموا على الندوة للمرة الثانية في الحاج يوسف واستخدموا الذخيرة الحية والسواطير والملتوفات، وكشف جدو عن إصابات متفاوتة وسط قيادات حركته من بينهم الرفيق بحر الدين الذي أصيب بطلق ناري أدى لكسر قدمه، وقال جدو إنهم طلبوا من الشرطة قوة لتأمين الندوة وتم التصديق بقوات من المباحث ومن الشرطة الشعبية لكن لم تصل القوات، وكشف عن خطوات مفاجئة حيال ما يحدث لحركتهم وأكيد بأنهم سيلقنون المعتدين درساً في القريب لم يحدد كيفيته، لكنه أمد بأنهم لن يسكتوا أمام هذه الممارسات، وعن الأسباب التي قادت للهجوم يرى جدو بأن بينهم وحركة عبدالواحد قواعد مشتركة تخشى حركة عبدالواحد من فقدانها بعد توقيع السلام، وأضاف جدو بأن السلام خاطب جذور الأزمة، وإذا ما تم تطبيقه في أرض الواقع ستكون حركة عبدالواحد خارج المشهد، وهذا ما يجعلهم يتربصون بحركة وجيش تحرير السودان المجلس الانتقالي. عقبات السلام ويبدو أن مثل هذه الاعتداءات قد تحدث في الأيام المقبلة وأنها ستشكل عائقا إضافيا في مواجهة السلام، وقد تنشغل الحكومة بها في سبيل توفير الأمان في وقت كان ينتظر فيه تحقيق الاستقرار بقدوم الحركات حتى يتسنى للجميع مواجهة تحديات أخرى قد تكون أكثر منطقية، لكن يبدو أن تفاصيل التنفيذ الفعلي للسلام وإفرازاتها ستمثل خميرة عكننة إضافية، فهل هذا معناه وقف البندقية في دارفور والمنطقتين وإطلاقها في العاصمة الخرطوم؟ شماعة للفشل من جانبه نفى كمال عبد العزيز رئيس مكتب حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور بالقاهرة والشرق الأوسط ما تردد من هجوم من حركته على الندوة. وقال عبد العزيز ل (اليوم التالي) إن حركتنا مستهدفة منذ زمن طويل، ودائما نحن كبش فداء للاتفاقيات السياسية الفاشلة، مضيفا أننا أصبحنا شماعة لكل فشل سياسي الآن وفي كل اتفاقيات السلام السابقة، وتابع أن الاتفاق مرفوض من المجتمع نفسه، وأن جماهير شعبنا في الشوارع رافضة لاتفاق جوبا، وزاد نحن كمنظومة لا نشجع العنف ولدينا حجة وطرح سياسي ظللنا نناظر به كل القوى السياسية وعلى رأسهم المؤتمر الوطني نفسه، وليس من سياستنا الاعتداء على الناس في المدن، موضحا أن ماحدث يعبر عن رفض الجماهير لما حدث، فهم ضحايا الحرب الحقيقيين وهم الذين عانوا، وأن السلام الذي حدث لا يعبر عنهم، وقال حذرنا من ذلك ولدينا طرق ووسائل مختلفة لتحقيق السلام والاستقرار، مضيفا بدلا من طرح القضايا الأساسية يعرضون أشياء ليس لها معنى ولا أي ارتباط بالمواطن، ونحمل المسؤولية لهذه الأطراف في جر الشعب السوداني إلى مهب الريح، مشيرا إلى زيارة نائب رئيس الحركة إلى جوبا ومقابلة سلفاكير، وقال إن الدعوة جاءت من سلفاكير وتم شرح رؤيتنا وخطتنا له، وسوف نطوف على دول الجوار لطرح رؤيتنا أيضا، مضيفا يمكن أن تكون جوبا جزءا من الحل في رؤيتنا، ولكننا لن نكون جوبا2، رغم احترامنا لجنوب السودان ومشاركتها في النضال ولكنها ستكون جزءا مع دول الجوار لعرض رؤيتنا. اليوم التالي