مازلنا نتطلع للزيارة المعلنة التي من المقرر أن يقوم بها الدكتور عبد الله حمدوك رئيس وزراء السودان إلى دولة قطر تلبية لدعوة معالي رئيس مجلس الوزراء و وزير الداخلية القطري معالي الشيخ خالد بن عبد العزيز آل ثاني و تأتي أهمية هذه الزيارة أنها ستعطي قوة دفع كبيرة للعلاقات بين الخرطوم و الدوحة، و هي علاقات مازلنا نتأمل منها الكثير لخير أهلنا و شعبنا في البلدين الشقيقين، كما ستؤكد هذه الزيارة نأي السودان بنفسه عن سياسة المحاور التي أعلن الشعب السوداني رفضه لها رغم المماحكات السياسية و هي سياسة أعلن عنها و تبناها الدكتور حمدوك لإخراج السودان من الضائقات التي يعيشها. في هذا الإطار تواصلت جهود الدبلوماسية الشعبية التي تبنتها الأطر التنظيمية السودانية في دولة قطر و التي كان آخرها الرسالة التي وقع عليها رؤساء الروابط المهنية و رابطة المرآة (سوا) و الموجهة إلى رئيس الوزراء السوداني د. عبد الله حمدوك بتعجيل هذه الزيارة. و نأمل أن تُستكمل الخطوات لإتمام هذه الزيارة المباركة و التي ستفتح أبواب الأمل لغد مشرق في علاقات التعاون بين البلدين الشقيقين، و هذا ما أكدته كل القوى الفاعلة و النخب المتميزة من أن العلاقات السودانية القطرية لا تحتاج إلى شهادة من أحد و أنها ماثلة للعيان في مختلف المجالات و الميادين و لها أفق و مستقبل واعد. تواصلت حميمة العلاقات بين الدوحة و الخرطوم بوصول وفد أميري قطري برئاسة وزير الثقافة و الرياضة القطري سعادة صلاح بن غانم آل علي ممثلاً لأمير دولة قطر سمو الشيخ تميم بن حمد أل ثاني لأداء واجب العزاء في فقيد البلاد الراحل الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي و إمام الأنصار و كان في استقبال الوفد بمطار الخرطوم الدولي وزير الثقافة و الإعلام فيصل محمد صالح و كان في استقبال الوفد بدار الراحل الإمام الصادق المهدي اللواء فضل الله برمه ناصر رئيس الحزب و نواب الرئيس و الأمين العام للحزب و أسرة الحبيب الراحل و تحدث في اللقاء رئيس الوفد القطري معدداً مناقب الفقيد الراحل و افضاله على الأمة العربية و الإسلامية ناقلاً تعازي دولة قطر أميراً و شعباً و حكومة للأسرة و الكيان و من جانبه شكر اللواء فضل الله برمة ناصر الوفد على هذه اللفتة البارعة مقدماً شكر الحزب و الأسرة و الكيان للحكومة القطرية و الشعب القطري. و كان سمو الأمير المفدى الشيخ تميم بن حمد قد أرسل برقية تعزية إلى فخامة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الإنتقالي بجمهورية السودان الشقيقة في وفاة الصادق المهدي كما بعث سمو نائب الأمير برقية مماثلة و عزى رئيس مجلس الوزراء القطري معالي الشيخ خالد بن عبد العزيز آل ثاني نظيره السوداني ببرقية تعزية و مواساه في فقيد الأمة. لأن ما هو إنساني أبقى أجرى حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى اتصالاً هاتفياً باللواء الركن عبد الرحمن الصادق المهدي معزياً في وفاة والده و أشار سموه إلى الأدوار العظيمة الفكرية و السياسية و الإجتماعية للفقيد في العالمين العربي و الإسلامي منوهاً إلى دعم و سند الإمام للدور القطري في عملية السلام بالسودان و من جانبه و أنابه عن الأسرة شكر اللواء عبد الرحمن سمو الأمير متطلعاً لأدوار قطر الإيجابية في دعم السودان و قضاياه. هذا البعد الإنساني النبيل هو ما يربطنا بالأشقاء في قطر و لن ننسى مواقف الأمير الوالد المماثلة في مثل هذه المحطات الهامة و تقديمه العزاء شخصياً في وفاة المشير عبد الرحمن سوار الذهب بصحبه سمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند حرم سموه. و إن انسى فلن انسى لحظة فوز السودان بالمركز الأول في مبادرة ملتقى الشباب التطوعي و التي استضافتها الدوحة عن طريق أون لاين خلال الفترة من 6 إلى 13 سبتمبر الماضي بمشاركة 18 دولة و ترأس الملتقى في دورته السادسة الدكتور يوسف الكاظم رئيس الإتحاد العربي للعمل التطوعي الذي أعلن في ختام الملتقى فوز المهندس محمد عطا فخري بالمركز الأول على المستوى العربي ضمن المبادرات التطوعية و هي مبادرة "مواهب بلدنا من الأطفال المحرومين" و التي عكست معاناة أطفال الشوارع و الأطفال المحرومين و فاقدي النسب و المشردين و بهدف توظيف الرياضة في التغيير و إكتشاف المواهب الكامنة في هذه الشريحة المهملة و التي يبلغ تعدادها في السودان نحو أربعة ملايين طفل حُرم اكثريتهم حتى من نعمة التعليم. و أشاد المهندس و الكابتن و الخبير محمد عطا فخري الذين قدموا أيادي الخير لهؤلاء الأطفال المحرومين من خلال مشاريع ذات تكاليف محدودة و عبر شراكات ذكية مشيراً إلى أن هذه المبادرة لا تقتصر على الجوانب الرياضية فقط بل تشمل مختلف المواهب في مختلف ضروب المعرفه و الإبداع. هذا و قد اكتملت سعادتي عندما وقع صندوق قطر للتنمية مذكرة تفاهم مع وزارة التربية و التعليم في جمهورية السودان لمشروع دعم حصول الأطفال غير الملتحقين في المدارس على فرص للتعليم الرسمي و الغير رسمي عالي الجودة و يضمن المشروع تعليم 50 ألف طفل غير ملتحقين بالمدارس و الذين لا يتلقون تعليم رسمي على فرص للتعليم الرسمي والغير رسمي عالي الجودة، حيث تقوم مؤسسة التعليم فوق الجميع بتنفيذ هذا المشروع. قام بتوقيع الإتفاقية الإفتراضية عن بعد مُمثلاً عن صندوق قطر للتنمية سعادة السيد خليفة الكواري المدير العام و سعادة السفير عبد الرحيم الصديق سفير السودان لدى قطر مُمثلاً عن وزير التربية و التعليم بجمهورية السودان بروفيسور محمد الأمين أحمد التوم. في مثل هذه المنعطفات هذا ما نحتاجه لأهلنا في السودان و يبقى الشكر موصولاً لقطر قيادة و حكومة و شعباً و نهنئهم على هذه الرؤية الصائبة فالتركيز على الأطفال هو استثمار في المستقبل.
