فضاءاتنا السياسية ملبدة بالغيوم، . ولا تطول قامة الفرح فينا ولا يقيم الفرح طويلا في سرادق فضاءاتنا السياسية في بلدنا السودان، وكأنه يسرق بعضا من الزمن والعمر ، كلما نبتت شتلة فرح هنا أو هناك ، يقتلعها صبيان لم تنضجهم التجارب ولا الخبرات ، وتدور بهم رحى المشاكسة والمناكفة ، ويطول الإنتظار لفرح قادم مأمول ، أجهزت الثورة على النظام القديم ، وكان مصدر فأل لأن يتغير الحال ، وكان الثمن غاليا ، مفقودين ومأسورين وجرحى ، أمهات وآباء مكلومين ، ينتظرون معرفة الجاني و يطول الإنتظار ، ولجنة التحقيق ( لجنة أستاذ أديب ) لم تصدر بيانا يحدد سقفا زمنيا للتحقيقات ،لأن التفاصيل توسع دائرة الإحتمال ، ويضيق الحال بالناس ، ولجنة إزالة التمكين وتفيكيك نظام الإنقاذ أو الثلاثين من يونيو ، دائما هي تطعن في الظل ، والأفيال تتفيأ الظلال،وواقع الحال يكفي عن السؤال. إستبشروا الناس بالسلام ، وهللوا للقادمين في قطار السلام، زينت الساحات وبحت الحناجر بالترحيب ، فتحت لهم كل المنابر وأجهزة الإعلام ، ليأتوننا بآخر الكلام ، لكن كان الكلام غير الكلام ، وثيقة سلام جوبا المحاصصات وتغيب من الأجندة الأولية معاش الناس، دواء الناس ، أمن الناس ، لم يكلفوا أنفسهم الذهاب الى مناطق التهميش والتهجير ومخيمات النزوج ، لم يأتوا الى الخرطوم وهم يحملون في مؤخرة أدمغتهم صورة حقيقية حديثة لواقع الحال هناك ، حتى الذين يمثلون صوت الوسط ، لم يتلمسوا المشاكل التي تواجه العروة الشتوية من أسمدة ومياه وتمويل وعلاقات مختلة بين إدارات المشروع والبنوك وأصحاب الأرض الذين يزرعون ويحصدون الفتات ، تثقل كالهم تكاليف تحضير الأرض والبذور والري والسماد وحتى تكاليف الحصاد ويضيع الجهد كالشمار في المرق إلا لمن رخم ربي وعرض الدولة المهين لمحصول القمح الذي هو العوض والمعين والعشرة آلاف في حساب القوة الشرائية زهيد وزهيد . وتلوح بارقة الأمل في أنهم جاءوا وأصبحوا طرفا في السلام ووضعوا السلاح ، وعادوا الى حضن الوطن ، ليستكين ولينهض من عثرات عطلت المسير ، جاءوا من جوبا ، وهم يحملون كتابا ، فيه طلاق بائن لما يسمى للتجمع الثوري ، أن لا وجود له بينهم ، وآخرون ينعون قحت و متلازمة الفشل في فواتح الإنتقال، وقحت لا تجد حائطا تبكي عليه سوء المصير والمآل ، وحكومة قادمة تتشكل بوجوه جديدة ورؤى جديدة وحاضنة وليدة تسمى في شهادة ميلادها مجلس شركاء الفترة الإنتقالية ، تحرسه جيوش وكتائب ، ومن خلف كل ذلك عقود ومواثيق ، مرجعية فوق مرجعية الوثيقة الدستورية ، إتفاق جوبا يبقى وتذهب الوثيقة للمحرقة إن تعارض بند من بنودها مع إتفاق جوبا ، وأصوات القادمين مجلجلة وداوية أن لا حاضنة لأركان الحكم إلا مجلس الشراكة ، الوليد الشرعي والوريث الحقيقي لثورة ديسمبر أما مجلسكم التشريعي المرتقب اأن يكون أو لا يكون ، قحت وتجمع المهنيين والأحزاب التي إنتهزت فرصة الركوب في موجة الثورة وبدأت في ممارسة التمكين المعاكس لتمكين الإنقاذ تجد ظهرها مكشوفا ، وبساط الإمتيازات قد سحب من تحت قدميها في حين غفلة دامت لعامين عجافا على شعب فقد كل ضرورات الحياة ، قوته وحتى أمنه وصحته ، ولم يتمكن من الإنتصار أو العبور لأي من مقاصده وإن تواضع فيها الطلب. ما أذهل كل الشعب التصريحات المتضاربة التى تأتي من كل صوب ، تقلل من شأن الوثيقة الدستورية وقدسيتها ، وقدسية منحت لمجلد جوبا ، الذي أعطى مكانة لمجلس شركاء الفترة الإنتقالية فوق مجلسي السيادة ومجلس الوزراء ، وإصطفاف لا يخفى على عين لموقعي السلام للجناح العسكري في المجلسين ، ويبقى الجناح المدني حبيسا بين مطرقة الجناح العسكري في مجلس السيادة والجناح الذي كان يحمل السلاح والذي ما زالت قواته ترابض في مناطق النزاع الى حين عمل الترتيبات الأمنية ، بهكذا تكوين تكون الجهة التنفيذية طائرا بلا أجنحة ، ومن قال إن هذا إنقلاب عسكري ، كلامه صواب يحتمل الخطأ ، أما إذا إستمر الخلاف بين المكونات القديمة والمتحالفة الجديدة ، ترفع بطاقة التهديد التي بدأ إشهارها وذلك بإرجاع الحق الى أصحابه عبر صناديق التصويت ، إجراء الإنتخابات في ظل الظروف الإقتصادية الحالية سيظل إمنية ونحن تجابهنا الموجة الثانية من كوفيد 19 وإقتصاد منهار وخزينة خاوية . الفترة الإنتقالية المتبقية إن صح التقدير ، ستواجه بمتطلبات إنفاق مالي فوق لطاقة مجلس الشراكة و الحكومة .. قضايا الشعب الملحة والتي تتعلق بمعاش الناس ووقايتهم من الأمراض ستكون في مؤخرة إجندة الحكومة.. تشكيل الحكومة الجديدة لن يكون متجانسا وليس متوافقا في الرؤى والأولويات مما يؤدي لتدخلات تؤدي لتعطيل الأداء الحكومي . أما الأحزاب التي تفقد بريقها وإمتيازاتها في الفترة القادمة، سؤال ، هل ستتحول لأحزاب معارضة عاقلة ، أم تلجأ للشارع أم لحمل السلاح.؟ مؤتمر الشرق والذي لا نعلم مخرجات وتوصيات مؤتمره ، هل ستأتي متوافقة مع رؤى مسار الشرق أم تحمل جديدا يؤدي لتعديل المواثيق التي صدرت في جوباوالخرطوم ؟ والمحاصصات دائما تقصم ظهر البعير. الفصيلان اللذان لم يوقعا على إتفاق جوبا ، هل ستطالهم قسمة عدول في المحاصصات أم ستتغير قواعد كل اللعبة التي نحن بصددها الآن؟ . الدعوة التي تبنتها أطراف عملية السلام للمصالحات دون إستثناء لفصيل سياسي أو إقصاء آيدولوجي ،هل ستلقى القبول والرضاء من الذين سادوا في العامين المنصرمين من الفترة الإنتقالية؟ سنتابع