يجوب السودانيون يوميا بين عدد من الصيدليات بحثا عن الدواء ، وخلال الفترة الاخيرة أضحى مظهر اصطفاف المواطنينأمام الصيدليات أمراًإعتياديا مثلما يحدث أمام المخابز ومحطات الوقود، إحدى فصول المعاناة كانت مع "أحمد جامع" حيث تم تشخيص حالته بمرض "الانزلاق القضروفي"، وقررالاطباء منحهوصفة علاجية عبارة عن "حبوب" يتناولها علها تخفف عنه الآلام خاصة وأن تقدم عمره لا يسمح باجراء عملية جراحية كما أبلغ الأطباء أسرته، غير أن رحلة البحث عن الدواء ارهقت أسرته ولم تنتهي حتى لحظة كتابة هذه الأحرف ، إذ لم يترك ابناءه صيدلية لم يطرقوا أبوابها بحثا عن الدواء وكانت جميع الإجابات " لا يوجد لدينا الدواء المعنيأو نفد" . أصناف ضرورية هذا الأمر لا يعاني منه "أحمد جامع"وابناءه لوحدهم وإنما هنالك المئات الذين يحتاجون الدواء ولا يجدونه متوفرا مما يؤكد استفحالازمة الدواء بصورة غير مسبوقة. ويشهد السودان ازمة حادة في وفرة الادوية خاصة الضرورية حيث بلغت الفجوة في الادوية اكثر من (70%) بحسب غرفة مصنعي الادوية،كما ارتفعت تكلفة صناعة الدواء بنسبة (350c/o) في العام 2020 وفقا لبيانات ذات الغرفة، وبدأت ملامح أزمة شح الادوية واضحةً في أرفُف الصيدليات وما تشهده من نُدرةٍ في العديد من أصناف الأدوية بما فيها الأساسية والمنقذة للحياة، المؤكد أن حتى الموجود من الأدوية في الصيدليات تضاعفت أسعاره بصورة غير مسبوقة. ودفعت هيئة الإمدادات الطبية الحكومية بمسودة إلى الجهات الحكومية لتحرير ورفع تسعيرة دولار استيراد الدواء من 18 إلى 55 جنيهاً، في وقت تعاني فيه البلاد والمرضى من أزمة ندرة وارتفاع لأسعار الدواء والمستلزمات الطبية. وتفاقمت أزمة الدواء بصورة ملحوظة في عام 2020، وانعدمت الكثير من الاصناف الضرورية من الصيدليات. مال قارون ويقول الناطق الرسمي باسم غرفة مصنعي الادوية مأمون الطاهر ل(المواكب) إن الدواء انتقل من الوفرة والعدم إلى الصراع السياسي، مؤكداً أن كافة مصانع الأدوية كانت قد توقفت عن العمل تماما ، بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه حيث تشتري المصانع الدولار من السوق السوداء لاستيراد المواد الخام . ويشير مامون إلى ان الصناعة الوطنية كانت في وقت سابق تُغطِّي (84%) من السوق لادوية الامراض الاكثر شيوعا، وفقاً لتقريرٍ رسمي في 2016، كما وفرت الصناعة الوطنية في ذات العام (97c/o) من الأدوية المستهلكة في السودان . وقال ان لا حل للازمة الا بالصناعة وتوطين صناعة الادوية، واضاف أن الازمة لن تحل حتى وان وفرنا مال قارون لان هنالك تلاعب في الدولار. ومنذ تفجر أزمة الدواء في يناير الماضى بسبب توجيه رئيس الوزراء د، عبد الله حمدوك بنك السودان المركزي بإلغاء تخصيص دولارتلاستيراد الادوية واجه المواطنين معضلات ضخمة في الحصول على الدواء بجانب ارتفاع اسعاره دون ان تسارع الحكومة في وضع حلول واضحة للازمة المستفحلة. وقاد تجمع الصيادلة نقابة غير منتخبة موجة احتجاجات امام مجلس الوزراء للضغط على الحكومة بوضع حلول، ورفع التجمع مذكرات عديدة شملت مقترحات عدة. وفي خطابه في اغسطس الماضي وعد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بتوفير 30 مليون دولار شهرياً لكنه لم يُنفذ ذلك الوعد حتى الآن، ووصفها تجمع الصيادلة بانها وعود تُشابه في فحواها ممارسات النظام البائد إن لم تكن اكثر سوءاً. تحمل مسؤولية
وفي ظل تطاول امد الأزمة لاكثر من عام يقول تحالف الصيادلة ل(المواكب) ما زالت الحكومة متمثلة في رئيس وزراءها ووزارة المالية يتهربون من تحمل المسؤولية تجاه الدواء وإعلان سياسات دون تنفيذ بل وصل السوء بوزارة المالية أن تعمل على خنق المؤسسات الصيدلانية حتى عجزت عن تسيير أعمالها إذ أن المجلس القومي للأدوية والسموم ظل يُعاني أيما مُعاناة في الحصول على الدعم المطلوب لتسيير أعماله حتى وصل الأمر لعدم قدرته على طباعة الوصفات الطبية الخاصة بالأدوية المخدرة ناهيك عن توقف النظام الإلكتروني نتيجة لعدم المقدرة على سداد فاتورة خدمة الانترنت الشهريةوعدم صرف استحقاقات العاملين، بل وصل الأمر لعدم القدره على توفير الوقود اللازم لتشغيل مولد الكهرباء عند انقطاع التيار الكهربائي. وتشكو هيئة الامدادت الطبية من عدم التزام وزارة المالية بسداد فروقات النقد الأجنبي بالعُملة المحلية وعدم الإلتزام بتوفير النقد الأجنبي اللازم لتوفير الأدوية المنقذة للحياة، فمن جملة 200 مليون دولار كان يفترض توفيرها لصالح الإمدادات الطبية منذ بداية العام 2020 تم توريد 45 مليون دولار فقط منها 35 مليون دولار عبارة عن مديونية من العام السابق 2019 مما ادى الى انقطاع اصناف كثيرة من الأدوية المهمة، وخلل في الإيفاء بالتعاقدات الطويلة التي تقوم بتوفير علاجات مرضى الكلي والسُكري والسرطان والمحاليل الوريدية ومستلزمات بنوك الدم. إهدار الدولار بالمقابل دعا الامين العام لجمعية حماية المشتهلك د، ياسر ميرغني جهة رقابية شعبية الى ايجاد حلول لقضية ازمة شح الدواء، ويقول ياسر ان ازمة الدواء تتمثل في عدم وجود استراتيجية للدواء خاصة في الادوية النادرة، واقترح إلزام الحكومة للمصانع المحلية بصناعتها محليا، واشار الى اهمية ارجاع قسم الاحصاء بوزارة الصحة ، ونوه الى ان هنالك اصناف ليس في حاجة لها مثل صناعة دواء "الحكة" والذي يصنع في 8 مصانع انتجت العام الماضي (4) ملايين عبوة، بينما هنالك شركة استوردت أيضا 6 ملايين عبوة دون الحاجة لها مما يعتبر اهدار للدولار. وقال ميرغني ل(المواكب)ان مجلس الادوية والسموم لم ينزل جهوده الى امر الواقع كما ان هنالك مشكلة في توزيع الدواء، وأضاف " مثلا ادوية الحكة والفلاجين تجدها مخزنة بغرض الاحتكار كما حدث احتكار في صنف ضغط الدم والشركات تقول انها ليس لها دواء الضغط والمجلس لم يتدخل بالرغم من وجود 7 مصانع محلية تنتج الصنف لكن صادقت الحكومة لشركة باستيراده". وشدد ياسر على ضرورة ان تهتم الحكومة بامر الدواء بتطوير الصيدلة واقامة معمل مرجعي، وقال "ينبغي على مجلس الادوية توحيد التسعيرة لان هنالك حاليا تعسيرة ب(7) عملات اجنية". مستشار رئيس الوزراء لشئون الصحة والناشط البارز في الثورة الطبيب امجد فريد قال في رد مقتضب له ل(المواكب) إن قضية الادوية مهمة وتحتاج الى حلول. المواكب