حوادث الضرب والاعتقالات التي نفذتها قوات الدعم السريع ضد المواطنين خلال الفترة الماضية كانت سبباً كافياً للمُطالبة بإعادة هيكلتها ضمن القوات المسلحة كما نصت الوثيقة الدستورية، أو إبعادها خارج العاصمة باعتبار أنها قوات لحفظ الحدود إلى جانب محاسبة ومعاقبة أي فرد من قواتها تعدى على أي مواطن، وكانت حادثة الشهيد بهاء الدين الموسومة إعلامياً ب" قتيل الكلاكلة "، كفيلة بإثارة غضب الشعب وفتح النيران في مواجهة هذه القوات، كما طالب تجمع المهنيين السودانيين بإلغاء قانون الدعم السريع عبر تعديل المادة 35 من الوثيقة الدستورية ودمجها الجيش خلال فترة زمنية محددة وجعل القوات المسلحة المؤسسة العسكرية الوحيدة الحامية للوطن، وذلك وفق تصنيف عادل يتم عبره دمج من تتوفر فيه شروط الالتحاق بالقوات المسلحة وتسريح من لا تتوفر فيهم الشروط بموجب قانون القوات المسلحة. # جدل القوانين تجمع المهنين دعا في مذكرة للنائب العام بالتنسيق مع المدير العام لقوات الشرطة، وفقاً لنص المادة 28 من قانون الاجراءات الجنائية لسنة 1991م بتكوين لجنة من النيابة العامة ونقابة المحامين لمراجعة كل مقار قوات الدعم السريع وغيرها من القوات، كما طالب التجمع النائب العام بتوضيح عدم قانونية أي ممارسة لسلطة القبض او التحري او التعرض للمدنيين باي شكل من الاشكال من قبل أي جهة عدا الشرطة وفق الإجراءات القانونية. وقد تمت إجازة قانون قوات الدعم السريع في جلسة المجلس الوطني رقم 43 من دورة الانعقاد الرابعة يناير 2017م في عهد نظام الإنقاذ السابق، وأثار ذلك جدلاً واسعاً قبل ثورة ديسمبر التي أطاحت بحكومة الاسلاميين، وعقب فض أعتصام القيادة العامة ازداد العداء لهذه القوات وطالب الثوار بمحاسبة المتورطين منهم وإبعادهم عن الخرطوم أو تقنين وجودهم ضمن الجيش السوداني وهو ما نصت عليه الوثيقة الدستورية بإعادة هيكلة القوات المسلحة، بعد تحديد مهامها كما نصت المادة 15 من الوثيقة بان القوات المسلحة قوات نظامية قومية مهمتها حماية واستقلال السودان وأرضه وسيادته ونظامه الديمقراطي الدستوري ويتخذ مجلس الوزراء ما يراه مناسباً من إجراءات لإستعادة قومية القوات المسلحة وتصفية كل مظاهر الحزبية العقائدية وإعادة صياغة عقيدتها العسكرية ويباعد بينها وبين صراع السلطة. # صلاحيات واسعة وقال الخبير القانوني مولانا عبد القادر محمد أحمد في تصريحات صحفية إن قانون قوات الدعم السريع يبتلع القوات المسلحة بقانونها حيث اشتمل قانونها على نص يعطيها حق القيام بأي مهام أخرى يكلفها بها القائد الأعلى أو مجلس الدعم السريع بينما ينحصر قانون القوات المسلحة في مهام الجيش فقط، وأن من مهام الدعم السريع حسب قانونه أن تشمل مهام القوات النظامية الأخرى كالشرطة، ولم يحدد حجم ومناطق انتشار قواتها، وأن المادة 5 من قانون قوات الدعم السريع كانت تُخضع الدعم السريع إلى الجيش في حالة الطوارئ، المادة 6 تنص على أن الدعم السريع يتبع للقوات المسلحة وقد كررت الوثيقة ذات العبارات إلا أن واقع الحال يخالف ذلك، كما نص قانون الدعم على أنه لا يجوز توقيع الحجز القضائي على الأصول الثابتة والمنقولة الخاصة بالقوات. وفي ذات الاتجاه قال الباحث والمحلل السياسي، صلاح الدين الدومة ل"المواكب" إن قوات الدعم السريع ابتلعت القوات المسلحة عبر قانونها وبنوده الفضفاضة التي نص عليها، والحديث عن إخراجهم من العاصمة هو مجرد التفاف على الحل والأفضل هو إيجاد حل جذري عبر نقاش علمي مدروس، وما يتم الترويج له بأن هنالك حملة تستهدف قائد هذه القوات الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي" وقواته هذا تفكير العقلية الانقاذية التي تطلق عبارات مثل (حملة تستهدف، اللوبي الصهيوني، حركات دارفور وغيرها)، لكنهم لا يعرفون أن هنالك حكومة ثورة مسنودة بسند جماهيري وإقليمي ودولي.
# حرس حدود وقال الخبير الأمني طارق احمد عمر ل"المواكب" إن اختصاص قوات الدعم السريع يقتصر على حراسة الحدود لكن وجودها في العاصمة رمزي ولا يشكل خطرا على الأمن بل العكس هي تعمل بالتنسيق مع هيئة الأركان، لكن ما حدث من عنف تجاه المواطنين فتُعتبر أخطاء نتيجة عدم التدريب والخبرة في التحري والتحقيق وهو ما قد يحدث مع قوات الشرطة أيضاً. وقال المحامي نبيل أديب ل"المواكب" إن الوثيقة الدستورية نصت على إعادة هيكلة القوات المسلحة، أما قانون الدعم السريع فتمت إجازته في العام 2017م وهي قوات محاربة ووجودهم داخل العاصمة أحياناً يحمي من الانقلابات العسكرية لكن هذا لا يُعطيهم الحق في اعتقال المدنيين، ولا يجوز لها ولا للقوات المسلحة التدخل في تنفيذ القانون إلا عندما يُطلب منها ذلك بواسطة وكلاء النيابة. وأضاف أديب: "نحن طالبنا بالتوقيع على اتفاقيتي حماية كل الأشخاص من الاختفاء القسري ومنع التعذيب بحيث لا يتم اعتقال أي شخص في الخفاء بل يجب تبليغ أسرته بإذن من النيابة ويؤخذ إلى مكان معلوم ويكون هنالك سجل لكل المعتقلين، ونسعى من خلال ذلك لتغيير الواقع الآن وهو ما قامت لأجله الثورة". المواكب