إتجهت انظار العالم، الثلاثاء الى مدينة العلا السعودية، حيث هبطت طائرة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، بعد أكثر من ثلاث سنوات من المقاطعة السعودية الإماراتية المصرية للدوحة، على خلفية اتهامهم لها بزعزعة استقرار المنطقة، والتقرب من إيران، ودعم تيارات إسلامية مُناهضة، وهو ما تنفيه الاخيرة جملة وتفصيلا.. حيث شارك تميم في القمة الخليجية بعد ساعات من إعلان الكويت، التوصل لاتفاق يقضي بفتح الأجواء والمنافذ البحرية والبرية بين السعودية وقطر،ولقي أمير قطر إستقبالا حاراً لدى وصوله إلى الاراضي السعودية حيث عانقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عند نزوله من الطائرة بحميمة جعلت الاعلام يروج لصورة نادرة بعد الخصومة الفاجرة. *سياسة المحاور وبوصول السعودية الامارات مصر الى اتفاق مع قطر، تكون المنطقة العربية قد ودعت ما يسمى ب(سياسة المحاور) التي أرقت الوطني العربي كثيراً، وأدخلته في مشاكل وتعقيدات وتدخلات خارجية مؤلمة كادت ان تعصف به، ويتوقع مراقبون دوليون ان تشهد المنطقة تطوراً ملحوظاً في الفترة المقبلة نسبة لتأثير المقاطعة السالبة، التي أقعدت بالدول الخليجية على وجه الخصوص. موقف السودان هذا ويتابع السودان الاتفاق القطري السعودي بشغف كيف لا وهو من ابرز الدول التي تأثرت بسياسة المحاور، ليس النظام الحالي فحسب، بل السابق الذي أسهمت المحاور الخليجية بشكل كبير في ازاحته من سدة الحكم، وذلك عندما امتنع أحد اطراف المحاور من دعمه، للفكاك من الضائقة الاقتصادية بسبب موقفه المحايد من دول المحاور، بيد ان الدول الخليجية وقتها لم يروق لها وقوف السودان على مسافة واحدة من الطرفين، لاسيما وانه من الدول المؤثرة في المنطقة العربية.. امتناع المحاور من دعم نظام المخلوع البشير جعل الازمة الاقتصادية تتفاقم الامر الذي جعل الشعب يخرج الى الشارع مُندداً بالضائقة المعيشية ومطالباً البشير بالتنحي، يشار إلى ان الاخير كان اقرب الى قطر الاقرب الي الاسلاميين من السعودية والامارات ومصر. علاقة ما بعد الثورة وبالنظر لحكومة ما بعد الثورة نجد ان المجلس العسكري الذي استلم السلطة بعد ازاحة نظام الانقاذ من الحكم، لم يتردد في اقامة علاقة وطيدة مع محور السعودية والامارات ومصر، فالدول الثلاث لم يبخلن على العسكر من دعم غير محدود خصوصاً، وان البلاد وقتها كانت تُعاني من ازمات اقتصادية طاحنة، اسهم المحور في تخفيفها، هذا الامر جعل العلاقة بين المجلس العسكري وقطر يشُوبها التوتر، حيث أوصد المجلس باب البلاد أمام وزير الخارجية القطري بعد وصوله مطار الخرطوم، وبرر العسكر وقتها الخطوة بعدم علمهم بالزيارة المفاجئة، إلا ان الدعم الاماراتي السعودي لم يستمر طويلاً حيث وقع المجلس العسكري على الوثيقة الدستورية مع قوي اعلان الحرية والتغيير والتي بدأت تصريحات بعض من قواها تأخذ ناصية العداء مع تلك الدول، ما جعل الدعم يتضاءل يوماً تلو الآخر.
مصلحة البلاد الثابت ان نهاية القطيعة الخليجية بلا شك في مصلحة السودان الذي لن يكون مشتت الفكر بين دول المحاور، وليس بعيداً عن ذلك فقد رحبت وزارة الخارجية بإعادة فتح الحدود بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر، وقال وزير الخارجية، عمر قمر الدين في تغريدة على صفحته الرسمية، بتويتر، "نرحّب بالمصالحة الخليجية بين السعودية وقطر، ونتطّلع لازدهار العلاقات الدبلوماسية واستمرار الوحدة العربية". وعبرت وزارة الخارجية عن إرتياحها للتطورات الجارية قبيل عقد القمة الخليجية 41 وما تحقق من إنفراج في العلاقات البينية لدول مجلس التعاون الخليجي، بدءاً بقرار المملكة العربية السعودية فتح أجوائها وحدودها البرية والبحرية مع قطر، واعربت الوزارة فى بيانها الصادرة بعودة علاقات قطر وخصومها الي طبيعتها عن شكرها لدولة الكويتولأميرها الراحل ولصاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح على المثابرة في العمل من أجل إعمار العلاقات الخليجية وتجاوز التعقيدات التي طرأت عليها.
فوائد الخرطوم ويري الصحفي والمحلل السياسي محمد علي فزاري بان اتفاق المصحلة الخليجية سيعود برداً وسلاماً علي الخرطوم التي كانت شاردة الذهن وفاقدة للبوصلة مابين ترجيج كفة العقل والنظر بين ثنايا القلب بين فرقاء الخليج ومصر، وأوضح فزاري خلال حديثه ل"المواكب"، بان الخرطوم ستجني فوائد متعددة من الجوانب السياسية والدبلوماسية من خلال التحرك بكل اريحية الي العواصم الخليجية، مبيناً ان الفائدة الاكبر والمرجوة الي السودان من هذا الاتفاق هو الدعم وتدفق رؤوس الاموال واقبال المستمرين الخلايجة نحو الخرطوم دون اي قيود وموانع كانت مفروضة سابقاً بسبب سياسة المحاور التي كبلت مد يد الخرطوم الاقتصادية. وشدد فزاري عليه ان لابد لحكومة الفترة الانتقالية خاصة وزارة المالية والوزارت ذات الصلة من وضع رؤيا ومشروعات لجذب المال الخليجي والتفكير في توظيف موارد البلاد لانهاء الضائقة الاقتصادية وتحسين معاش الناس وتحقيق الرفاه للشعب السوداني بالتخطيط السليم. واشار الي ان امام الخرطوم فرصة عظيمة لتحقيق الكثير من المكاسب وتحقيق الفوائد من المصالحة الخليجية وانعاش الاقتصاد بشكل خاص، مؤكداً ان دول الخليج تحتاج الي السودان كما ان السودان يحتاج الي الخليج خاصة وجود ملايين السودانيين الذين يتواجدون هناك حالياً.
ممارسة ضغوط وبالعودة للاتفاق نجد ان الجهود الكويتية والجولات الماراثونية التي قام بها وزير الخارجية الشيخ أحمد ناصر محمد الصباح للعواصم الخليجية، تكللت بتحقيق اختراق في الأزمة، وإعلان الرياض إنهاء الحصار المفروض على الدوحة، وفتح الأجواء والحدود البرية والبحرية، وذكرتمصادر اعلامية متعددة، أن الاتفاق بين السعودية وقطر كاد أن ينهار في آخر لحظة بسبب ضغوط مارستها أبوظبي والمنامةوالقاهرةللدفع بالرياضللتشدد في شروطها على قطر ومن بينها التأكيد على إغلاق قناة "الجزيرة"، لكن الوسيطين الكويتي والأمريكي بذلا جهوداً لإلغاء هذه الشروط،حيث اعتبرت تعدياً على السيادة القطرية، وكانت الدوحة شددت في مناسبات مختلفة على أنها لن ترضى بأي حوار مشروط أو يستهدف سيادتها، وبعد سلسلة من الاتصالات التي أجراها كوشنروالمسؤولونالأمريكيون والكويتيون لإنقاذ المسار، استجابت الرياض.
تفاصيل قمة العلا هذا ووقّع قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، البيان الختامي للقمة الخليجية ال41 المنعقدة في محافظة العلا بالسعودية، وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان -الذي ترأس القمة- إن قادة الخليج وقّعوا على بيان لتأكيد التضامن والاستقرار، وقدّم الشكر لقادة دول الخليج على الخطوات الشجاعة التي قاموا بها. وفي كلمة الافتتاح، قال ولي العهد السعودي إن جهود الكويت والولايات المتحدة أدت بتعاون الجميع للوصول إلى اتفاق بيان العلا، ودعا ولي العهد السعودي إلى توحيد الجهود لمواجهة التحديات في المنطقة، والتي تمثلها خصوصا برامج إيران النووية والباليستية، والمشاريع الهدامة التي ينفذّها وكلاؤها،وفق تعبيره، وأشار إلى أن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، أوعز بإطلاق اسمَي السلطان قابوس (سلطان عُمان الراحل) والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح (أمير الكويت الراحل) رحمهما الله، على القمة. وبدوره، أكد أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أن القمة تأتي لدعم العمل الخليجي المشترك وتسعى لتحقيق ما تصبو إليه شعوب المنطقة، وثمّن أمير الكويت الجهود الأميركية لرأب الصدع بين دول المنطقة، قبل أن يوقع القادة الخليجيون على البيان الختامي للقمة و"بيان العلا"، وقال وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر الصباح، إن أمير الكويت أجرى اتصالا هاتفياً مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وأوضح أنه "تم التأكيد خلال الاتصال على حرص الجميع على وحدة الصف ولَمّ الشمل وجمع الكلمة من خلال توقيع بيان العلا الذي يعد إيذأناً باستهلال صفحة مشرقة في العلاقات الأخوية، خالية من أي عوارض تشوبها". المواكب