شاهدتُ منذ فترة مقطع فيديو للشيخ مزمل فقيري أحد أشهر قادة السلفيين الشباب وهو يلعن ويسب ويشتم خصومه في الدين (الصوفيين) بالفاظ تخلى عنها (صعاليك الشوارع) وهي تنم عن سوقيه موغلة تجاوزها الزمن، ولمن لا يعرف مزمل فهو الشيخ صاحب العبارة المشهورة ((الرسول كتل بيها الملف)) وهو حديث يدعو للحياء وصف به النبي. حدث اثناء مشاهدتي لهذا الفيديو ان شابا استهجن سلوك الشيخ واعترض على نهجه الذي لا يشبه رجل دين .. استدل الشيخ كلامه محاججا باحاديث زعم فيها ان نهج الصحابة كان كذلك .. ويعني ان الصحابة كانوا يسبون خصومهم باقذر الالفاظ . ذهب الشاب خائبا وانتصر الشيخ لشتائمه وقد صفق له الجمهور تصفيقا حارا بمناسبة هذا الانتصار المبين كعادة معظم الدول الاسلامية .. يعجز منطق المستنيرين فيها دائما امام منطق شيوخ السلف.. فحينما يقول الشيخ.. الله قال كذا في كتابه والرسول قال كذا !.. هل عندك راي في كلام الله ورسوله .. !!؟ .. هنا صراحة يموت المنطق ولا يعجز وحسب .. حيث لا يجرؤ أحد بعد ذلك ليسأل في محاذير الشيوخ حتى ولو كان كلام الذي نُسِبَ الي الله يتعارض مع ابسط ابجديات الواقع المعاش في عصرنا الحالي تعارضا جذرياً ومنطق الاشياء التي أمامنا .. اقول ذلك وفي بالي قصة حدث معي شخصيا.. باختصار شديد أتى إليَّ ذات يوم الصديق (ا م ص) يطراه الله بالخير دائما ، وقال لي بدون اي مناسبة .. بتعرف يا سايمون!! والله انا فخور بالخوة والصداقة البينا.. بس الكلام البقولوه لينا في الجامع بيحرم حتى الاكل ما ناكل معاك.. باعتبارك مشرك .. ثم اردف.. بتخسر شنو لو بقيت مسلم يا اخوي!! انت زول طيب وبتستحق الاسلام.. !!؟ اذكر انني قلت له، وهل ستنتهي الصداقة بيننا بمجرد رَفضي ان اعتنق الاسلام .. لانني قطعا لن افعل .. كان رده انه فكر في الأمر مليئا وتوصل الي قناعة مفادها انه اذا كانت صداقتنا هذه هي الخطيئة الوحيدة التي ستدخله الي نار الجحيم فمرحبا بها. ما اود قوله في وسط هذه الاحداث المتسارعة في جارتنا الشمالية .. من جدل المناهج مروراً بصورة خلق آدم ولا ينتهي باستقالة مدير المناهج دكتور عمر القراي .. اقول ان الحاضنة الدينية للشارع السوداني لا تزال رهينة للجماعة السلفية وشيوخ الهوس الديني وهذه الحاضنة طال الزمن ام قصر حتما سوف تنتج تطرفا اسوأ من الانقاذ، وداعش، والقاعدة وبوكو حرام وغيرها من جماعة الهوس الديني في المنطقة. بعد تكفير السلفيين للقراي واهدار دمه في منصات المساجد واحراق صوره في شوارع المدينة لخطأ لم يقترفه هو شخصيا .. بل تم محاكمته بناءاً على خلفيته السياسية وانتماءه للفكر الجمهوري .. السؤال هو: ياترى كم من صاحب مبدأ امثال صديقي (أ) في الشارع السوداني في وقتنا الراهن..!؟ والي اي مدى يمكن عقد الرهان عليهم للحد من تمدد الفكر السلفي المتطرف الى المشهد السياسي والاجتماعي في السودان بعد الثورة؟ ان الاعتقاد السائد وسط الشارع الجنوب سوداني هو ان عودة الجماعة السلفية الي السلطة في السودان في ظل وجود كم من (القضايا العالقة) بين البلدين تعني عودة الحرب الشاملة بين الشمال والجنوب.. وهذا اعتقاد خاطئ تماما .. والصحيح ان عودة السلفيين الي المشهد السوداني تعني دخول منطقة شرق افريقيا ووادي النيل كلها في حروب مفتوحة مع الارهاب السلفي الجهادي ربما ستقضي على الاخضر واليابس في المنطقة كلها " لا قدر الله" … (الله يكضب الشينة) وألقاكم سايمون دينق جوبا