لا تغضب اخي الكريم فكلنا شركاء في الوطن. فلا تسب الخرطوم وتصفها بالمدينة الملعونة. وان اغرقتها أكوام النفايات. أو انقطعت عنها الكهرباء. أو تعددت فيها صفوف الرغيف و البنزين. أو قتلتها الأزمات. فلقد كانت هذه المدينه أجمل مدن أفريقيا حين كانت تغسل شوارعها بالماء والصابون. وكانت الحياة فيها جميلة بدرجة أن الشيخ الراحل زايد بن سلطان استعان بالسودانيين لبناء مدن الإمارات. ولكن تغير حالها الآن واكتسي وجهها قبحا. وبدت الحسرة تقتل اهلها وهي في هذه الحال المزريه. وليست وحدها الخرطوم اخي الكريم بل كل مدن بلادي وقد نالت حظها من إلاهمال طيلة الثلاثون عاما الماضية . وكل إلفيها وكما وصفها أحد المصريين الساخرين المطار ( اوضة وبرنده) وفيها برج برجين. و هذا حقا يبعث الحسرة في النفوس. وان استجد فينا القليل من التفاءل بعد ثورة الشعب العظيمة. فلقد اصبحنا نحلم بوطن جميل حدادي مدادي قد يكون. ألا إن بعض المافيات المجرمة لا ترعوي في خرابها ومعارضتها الخرقاء لإسقاط كل خيارات الشعب من حرية وسلام وعدالة. فلقد حولوا حياة المواطن جحيما لا يطاق وقد امسكوا بكل تلابيت مرافقنا الاقتصادية. مافيا للادويه ومافيا للكتب ومافيا للوقود ومافيا للدقيق ومافيا للكهرباء ومافيا للثروة الحيوانيه ومافيا للغابات والفحم ومافيا للخضار ومافيها للاتصالات ومافيها للذهب ومافيا للتهريب ومافيا لعربات بوكو حرام وغيرها من المافيات الكثيرة الأخرى التي نمت كالسرطان في عهود الكيزان . فأصبحت البلاد وحسب نظرتك لها ملعونة. وان كان لا يمكن تشبيهها بتلك التي ذكرتها : بابل التي ينظر إليها اليهود بأنها ملعونة لانها لعنت فى التوراة لأسباب تتعلق باضطهاد اليهود وتدمير مدينتهم وأخذهم أسرى إلى بابل. ثم سدوم مدينة "قوم لوط" والتى تجمع الكتب السماوية و ما حدث لها فقد جعلها الله وأهلها كأنها لم تكن ولم ينج منهم سوى سيدنا لوط وعائلته باستثناء زوجته. و بومبي الايطاليه الملعونه وهي مدينة قوم لوط وقد كانت مدينة مزدهرة ما بين القرن السابع قبل الميلاد وحتى عام 79 للميلاد وهو تاريخ اختفائها الذى دام ل 1700 عام، حيث عم المدينة براكين وزلازل دمرت على أثره فأصبحت ملعونة. وان كان السودان قد أصبح اسوء حالا من هذه المدن القديمة وقد نخر الفساد جسده طويلا ومنذ كان الكيزان ثلاثون عاما وقد قتلوا ونهبوا وظلموا وكذبوا فغضب الله على كل اهل السودان وهذا هو الغضب الإلهي الحقيقي وقد حل بنا ازمات وكوارث وذباب وباعوض واوبئة وغلاء وقتل وسرقة. ( ومَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء:93]. (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) (16) (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) (30) وبيدنا لا بيد عمرو اخي العزيز. والله يكون في العون. ■□■□■□■□■□■□■□■□□■□■□■ محمد حسن شوربجي [email protected]