الفكي: لسنا دعاة حرب والحوار أهم خياراتنا سلفاكير يعرض الوساطة بين السودان وإثيوبيا وفقاً للحدود الدولية المعروفة مُختص في الشأن الإفريقي:ثمة مبادرة مخططةتريدمنح إثيوبيا مثلث منطقة الفشقة خبي: القضية كان يجب أن تكون محل اهتمام من دول الإقليم مُحلل سياسي:الصراع (السوداني الإثيوبي) ذو بعد إقليمي وأي تصاعد سيعقِّد الأمور كثيراً أكاديمي: اشتعال فتيل الحرب يجعل الدولتين تدعمان الجماعات المتطرفة
علاقة السودان بمحيطه الإقليمي لم تكن "عكرة"،بل إن الحكومة السودانية تتمتع بتواصل معقول في حدود تبادل المنافع فيما بينها ودول الإقليم؛ هذا أكده مهتمون بالشؤون الإفريقية ومراقبون لقضايا الإقليم، غير أن تلك العلاقة الطيبة لم تسهم في أن تحرك دول الإقليم ساكناً لتُحِدّ من الصراع الذي يدور في الجبهة الشرقية للبلاد بمنطقة الفشقة والجبهة الجنوبية الغربية لدولة إثيوبيا،فلم تفلح تلك العلاقة في الحد من الصراع "السوداني الإثيوبي"، المُتصاعد يوماً بعد يوم،والذي زهقت في سبيله أروحٌ كثيرة،وتشير متابعات "المواكب"،لأن قيادتي الدولتينتواجه ذلك الصراعات بلهجة دبلوماسية "ناعمة" حفاظاًعلى أواصر العلاقة والمنافع المتبادلة، وأضحى المحيط الإقليمي يراقب هذا التطور عن كثب دونأن تقود دولةٌ مبادرة تُطفئ على ضوئها شرارة الاحتراب والاقتتال بين السودان وإثيوبيا.
الخُرطوم/ حيدر إدريس
مشاهد الصراع قراءةُ المراقبين للمشهد السياسي تلوِّح بأن أجراس الحرب بين إثيوبيا على مقربةٍ من أنها تُقرع؛ وتشير معطيات المعادلة إلى أنها ربما تمتد وتعيد مشاهد الصراع بين الدولتين في تسعينيات القرن المنصرم، التي أوقدها نظام "الإنقاذ المُباد"، وبحسب الخبراء والمهتمين بقضايا الشأن الإفريقي فإن الحرب بين "السودان وإثيوبيا" إذا اشتعلت ستسريإلى دول الإقليم الأخرى التي تجاور الدولتين نسبةً للعديد من الملفات المشتركة بين تلك الدولة،ك( سد النهضة، والصراع الداخلي بين قوميات إثيوبيا، وصراعات البحر الأحمر) وغيرها من الملفات، وطالب الخبراء بضرورة أن تهتم دول الإقليم بهذا الصراع وقيادة المبُادرات.
وساطة سلفاكير في ظل هذا الصمت الذي يشهده الإقليم حيال قضية السودان وإثيوبيا،كان السبق لدولة جنوب السودان بالقدح المُعلا؛ فدفعت بمقترح للحكومة الانتقالية مفادهالتوسط بين " الخرطوم وأديس أبابا" لحل الخلافات على الشريط الحدودي، وتقدم الرئيس سلفا كير بطلب لرئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البُرهان بقبول وساطة دولة الجنوب. وفي تصريح لمستشار كير؛توت قلواك ذكر فيه أن الرئيس سلفاكير وفي اتصالٍ هاتفي مع البرهان ناقش الأحداث على الحدود السودانية الإثيوبية، مؤكداً أن السودان ظل متمسكاً بحسن الجوار عقب تصاعد التوترات علي الشريط الحدود، مشيراً إلى أن بلاده تسعى الىالحل الودي والأخوي للخلافات الحدودية مع إثيوبيا. وأبان قلواك أن كير أبدىاستعداده للتوسط بين السودان وإثيوبيا من أجل التوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي الصراع بينهما وفق الحدود الدولية المعروفة، حفاظا على العلاقات التأريخية بين البلدين بغية حفظ السلام في الإقليم، متمنياً أن تسهم رئاسة السودان لمنظمة دول الهيئة الحكومية للتنمية الأفريقية (إيقاد)في حل القضية فضلاَ عن دور المنظمات.
الحكومة السودانية أيقنت أن الصراع بين الدولتين ربما أنه يأخذ بعداً إقليماً ويؤثر علىالمحيط الإقليمي، وقطعت بأنها لا تريد أن تجعل الصراع يتزايد وتشتعل الحرب، وأكدت الحكومة وعلى لسان عضو مجلس السيادة الانتقالي؛الناطق الرسمي للمجلس، محمد الفكي، أن السودان لم يعلن الحرب ضد إثيوبيا ولم يصدر قرارا بذلك، وقطع بأن بلاده لم تكن من دعاة الحرب بقوله:"نحن لسنا دعاة حرب". ولفت إلى أن ما يحدث في الحدود الشرقية هو إعادة انتشار للجيش السوداني داخل حدوده وأوضح أن قرار استعادة الأراضي السودانية قرار سياسي وليس عسكريا، ونبه إلىأن خيار السودان لحل الخلافات مع الجارة اثيوبيا هو الحوار بالطرق السلمية.
دور الإيقاد وقال المحلل السياسي والأكاديمي المختص في الشؤون الافريقية،د.محمدعلي تورشين: "إن دول الإقليم الذي يقع السودان في محيطه كان دوره سلبيا منذ اندلاع الصراع بين دولتي السودان واثيوبيا في تسعينيات القرن الماضي والتغول الاثيوبي داخل الاراضي السودانية على مدى تلك السنوات وصولاً إلى هذه المحطة".مشيرا إلى ان الاتحاد الإفريقي ودول الأعضاء في منظمة (الإيقاد)كان دورها "رمادياً"وباتت تراقب الصراع دون أن تبحث عن الحلول على الرغم من ان الدولتين المتصارعتين تُعتبران من أكثر الدول فاعلية داخل منظمة"الايقاد"، وتأسف تورشين لدور دولتي مصر واريتريا في هذا الصدد باعتبارهما اقرب دولتين للسودان وكان دورهما محدودًا وغير مرضٍ. غيرأن تورشين عاد وذكر أن جمهورية مصر إذا ساهمت في وضع حلول أو السعي لها فلن تجد القبول من دولة اثيوبيا نسبة للمشاكسات الدائرة بينهما حول سد النهضة، متوقعاً للمقترح الذي تقدم به رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت أنه يحقق نتائج طيبة،مصيفاً أنالإخوة في جنوب السودان يكنون وداً واحتراماً للسودان لا نظير له، الأمر الذي يؤكد أنتوسط حكومته بين طرفي الصراع أمر متوقع ومقبول.
تدخل الإقليم ونوه تورشين الذي تحدث ل( المواكب) بأن هذه القضية كان يجب أن تكون محل اهتمام من دول الاقليم إلى جانب الاتحاد الافريقي والامم المتحدة نفسها باعتبار أن القضية ذات طابع انساني قبل أن تكون سياسية؛ ويبرهن ذلك العدد المقدر من المواطنين الاثيوبيين الذين نزحوا الى الاراضي السودانية،وقال: "إن رئيس جنوب السودان سلفاكير؛ قادر علىإطفاء شرارة الحرب التي تشير كل المعطيات لانطلاقتها،وأبانأن هذه الوساطة التي يريد سلفاكير قيادتها ما لم تجد قبولا ورغبة من الطرفين في تحقيق سلام لن تؤتي أُكلها ولن تجد قبولا علىأرض الواقع ليتحقق على ضوئها الاستقرار بين الدولتين فيما يختص بالصراع الذي يدور على الشريط الحدودي بينهما. وأوضح أن الجانب الاثيوبي ووفقاً لاتفاقية(1902) لايزال يتوغل داخل الأراضي السودانية،وأن الحكومة الاثيوبية تتعامل بسياسة الأمر الواقع، وتابع: " في اعتقادي ان الاثيوبيين غير راضين بذلك الاتفاق وما يؤكد ذلك تمددهم على الأراضي السودانية".ومضى قائلا: "هنالك مبادرات تريد بعض الأطراف طرحها وتلك المبادرة مخططٌ لها أن تمنح اثيوبيا مثلث منطقة الفشقة ليتراجع الجيش السوداني من المناطق التي عليها الآن". وزاد: "مؤكد ان هذه المبادرة ستجد القبول والرضى من الاثيوبيين". وأكد ان أي مبادرة من شأنها عودة العلاقات إلى وضعها الطبيعي مقبولة،موضحا أن كل المؤشرات تقتضي ضرورة التدخل من دول الاقليم لاعتبارات عديدة من بينها الاوضاع السيئة التي تدور بين المكونات الاثيوبية فضلاً عن تململ بعض المكونات القبلية بإثيوبيا ومواجهة الحكومة لها بالاعتقالات.
قضية إقليم واتهم المنظمات المعنية بأمر القضايا الإفريقية بالتساهل بعدم تحريكها ساكناً، متوقعاً أن الصراع بين الدولتين ربما يتحول إلىقضية إقليموفي مقابل ذلك ستجد اهتماماً كبيراً من دول الإقليم نسبة لأن دولة إثيوبيا لديها تأثير في كثيرٍ من البلدان على الرغم مما تفرزه من إشكالات على نطاق المنطقة، مشيراً إلى أن دولة اثيوبيا باستضافتها لمقر الاتحاد الإفريقي جعلها تتبوأت وضعية متميزة في الاقليم غير أن ذلك لم يدعم قضيتها مع السودان،منوها إلىأن استمرار الوضع في هذا الاتجاه سيجعل السودان يحرك المجتمع الدولي نحو القضية. وتابع: "إذا لم تُطرحأي حلول للقضية من كافة الاصعدة متوقع أن الحكومة السودانية ستفتح حدودها لقومية التقراي التي تعارض النظام الحاكم في إثيوبيا".مُطالباً الحكومة وفي سبيل السيادة الوطنية أن تحرك كروت الضغط التي تمتلكها على غير ما يعكسهالواقع والذي يشير إلى ان الحكومة الاثيوبية هي التي تمارس الضغط على السودان،لافتاًإلىأن كروت الضغط تكمن في أن تستضيف الحكومة الانتقالية القيادات السياسية والعسكرية لقومية التقراي،مُنادياً بأن لا يتجه السودان إلى المواجهة العسكرية لأن ذلك يجعله يُهزم نسبة لانقسام الجبهة الداخلية وبعض الاصوات المعارضة للحكومة.
تحكيم دولي فيما يرى المحلل السياسي والأكاديمي بجامعة وارسو ببولندا؛ د. نجم الدين كرم الله،أن المقترح الذي تقدم به سلفاكير مقترحٌ مهم جدا، وبإمكان وساطته هذه أن تدفع باتجاه حلحلة القضية، واشار الى ان الدولتين تسعيان الى حل القضية دبلوماسياً وسياسياً لأن الصراع ليس من مصلحة البلدين،ونبه الى ان قضية الصراع مع الجانب الاثيوبي ينبغي ان تحل من خلال تحكيم دولي. ووصف كرم الله خلال حديثه ل"المواكب"، مبادرة الرئيس سلفاكير بالمهمة وبإمكانها أن تؤتي أكلها وقال إنها أتت في وقتها وستساهم بل تساعد في أن تجلس الاطراف في دائرة المفاوضات،وأشار إلىأن ثمة قواسم مشتركة بين السودان واثيوبيا الامر الذي يتطلب وضع حلول عاجلة. وأوضح أن الاستقرار في اثيوبيا مهم جداً ليس على السودان فحسب بل حتى على نطاق الاقليم ولديه أثر بالغ،وأبان أن الإقليم نفسه به من الإشكالات ما يكفي، معتبراً الصراع السوداني الإثيوبي ذا بعد إقليمي وإن تصاعد سيعقد الامور كثيراً. وأضاف:" إذا اشتعل فتيل الحرب هذا يعني أن الدولتين ستدعمان الجماعات المتطرفة كلٌ ضد الآخر، وهذا يدخلهما في حروبٍاستنزاف ليس لها آخر".وتوقع أن القضية ستحل دبلوماسياً، وأكد أن الجنوب لديه المقدرة الكافية لعلاقاته وتأثيره على القادة السياسيين بالسودان سيما اثيوبيا، ولفت الى ان الامر سيؤدي الىإحداث خلل في الحكومة الانتقالية. مفترق طريق وقال كرم الله ل(المواكب) إن قضية الصراع مع اثيوبيا مقلقة جداًعلى الرغم من ان الخلاف حول الحدود لم يكن حديث اللحظة، مبيناً أن الحدودنفسها لم تكن مقسمة تقسماً سليماً، وان الدخول في الحرب ليست من مصلحة الدولتين نسبة لأنهما في مفترق طريق. وأضاف: " اثيوبيا تعاني من مشاكل داخلية بين قومياتها وحروب في جبهات متعددة الى جانب المشاكل الاقتصادية والصراع حول سد النهضة".واردف: "كل تلك المؤشرات تدعو إلىعدم الدخول في صراع مع دولة جارة". وتابع:"الدولة السودانية نفسها تمُر بمرحلة مخاض فضلاً عن سعيهافي تحقيق انتقال ديمقراطي حقيقي بجانب الاشكالات الاقتصادية التي خلفها النظام السابق بالاضافة الى خروج البلاد من قائمة الارهاب وحداثة عودتهاالى المجتمع الدولي كل تلك المعايير والحديث لكرم الله؛تبرهن ان السودان غير مؤهل لخوض الحرب مع اثيوبيا في قضيه قديمة ". وفي ذات الوقت اتهم جهة لم يسمِّها بأنها مستفيدة من إشعال الحرب وتسعى الى اندلاعهامع إثيوبيا. وأكد ان التعدي علىأراضٍ زراعية ليس سبباً في إشعال الحرب بين دولتين تربطهما علاقات أزلية استراتجية ذات امتداداً تاريخياً وعرقياً.