لم نشُك مُطلقاً في أنّ المواطن السوداني الواعي المُستنير قاوم وصارع بقوةٍ وثبات أمواج لجُجِ الفوضى العاتية ، وأغرق سفينة الإنقاذ التي تغنى أصحابها بقوتها ، لقد أنقذ نفسه منها وتحرّر من قيود الإنقاذ بثورةٍ عظيمة شهِد بعظمتِها الأعداء قبل الأصدقاء ، ولن تمنعه حالة الاحباط من الأزمات التي يعيشها وشدة اضطراب المشهد السياسي من الصبر عليها ودعمِها بالنقدِ الهادف البنّاء وبالرأي والمُشاركة الفاعلة في تسوية الطريق أمام قطارها للانطلاق بسرعة تُحقق له الوصول إلي منظومة الدول المُحترمة ، ولن تتأتى تسوية الطريق ونظافته بالتمنّي وكثرة الحديث إنّما بالعمل الجاد المدعوم بالخططِ السليمة والمسنود بخبراتِ (الخُلّص) من أبناء بلادنا وما أكثرهم بيننا. ما من سببٍ يدعونا (للكذب) على أنفسنا وصُنع قصص نجاح كاذبة للتخدير ولتطمين قلوبنا بأنّا لم نضل طريق الثورة بعد ، ولاقناع بعضنا بأنّ الخُروج من مأزقِ الأزماتِ بات قريبا ، لسنا في حاجة لمن يُحدثنا كذباً عن انجازٍ ضخم لا وجود له في أرض الواقع ، بل في أمس الحاجة لمن يُحدثنا بصدقٍ مدعوم بانجازٍ صغير (تمّ) يبعث فينا شئٌ من الأمل ويُطمئنّا بأنّ الثورة ماضية في تحقيق أهدافها ولكن ببطٍ يلزمنا الصبر عليه ، والفعل الجاد يدُل بوضوحٍ على الفاعل ، فلا تُكثِروا بالله عليكم من الطلة والنضم في ما لا فائدة منه . أرسل أحدهم خبراً تحدّث فيه عن انتفاضة قوية للجنيه السوداني على دولارٍ تجاوز سعره المائة الثالثة واجتهد في إرسال الخبر لكُل القُروبات التي وجد إلى الوصول إليها سبيلا ، وقد دفعتنا انتفاضة الجنيه المزعومة دفعاً لقراءة الخبر العجيب يسبقنا السؤال البديهي ومن أين أتى الجنيه بمُعدات القوة التي تدعم من انتفاضته ، وعلى أي الأدوات اتكأ الجنيه واستند في انتفاضته العجيبة التي سارت بها ركبان الأسافير ، ولم نجد في الأمر ما يدعو صاحب الخبر للعجلة ووصف الأمر بالانتفاضة ، فقط جُنيهات لم تتجاوز أصابع اليد الواحدة سمح بها الدولار لخصمه الضعيف للاستقواء بها في الجولات القادمة ، ويقيني بأنّ السذاجة المُفترضة في المواطن البسيط تحول بينه ومعرفة الأسباب التي تجعل انتفاضة الجنيه على الدولار وهزيمته في زماننا هذا مُمكنة ، وانتفاء الأسباب في ظل ظروفنا الحالية يجعل من انتفاضة الجنيه مُستحيلة. لن ينزل الدولار من ارتفاعه الشاهق ولن تهزمه الحملات التي تشنها الجهات الأمنية من حينٍ لآخر ، ولن يتراجع عن تصاعده إن لم تفتح الدولة أبواب العمل على مصراعيها وتوفّر لمن ينتج مُعينات الانتاج الذي يُعيد لميزانها المُختل توازنه ، ولن يتحقق المُراد إن لم تُخفّف العبء على المنتج بالغاء الرسوم والأتاوات الكثيرة وازاحة العقبات والعراقيل الموضوعة في طريق الانتاج وإلّا فلن ينتفض جنيهنا في يوم الأيام ولن يصرع الدولار. الجريدة