خارطة الطريق ناصر بابكر النفرة الحمراء وثورة قروبات الواتساب * في سنوات مضت.. لم تكن الصفحات و(القروبات) الحمراء بوسائل التواصل الإجتماعي (فيسبوك ثم واتساب) ذات فائدة كبيرة وأقتصر دورها على نقل ونشر المعلومات والأخبار وحتى في هذه الناحية كانت وما زالت وسائل التواصل الإجتماعي بمثابة مشكلة لأنها باتت عاملاً مساعداً لإنتشار الشائعات والأكاذيب والترويج لها في ظل وجود ضعاف النفوس والمرضى الذين لا يتورعون في تأليف وإختلاق القصص والشائعات التي تنتشر إنتشار النار في الهشيم عبر الصفحات والقروبات المختلفة. * فوائد وسائل التواصل الإجتماعي كانت تتمثل أيضاً في شحذ الهمم والإستنفار قبل المباريات الأفريقية عبر المنشورات والتصاميم المختلفة التي تجد رواجاً واسعاً وتسهم في زيادة درجة الحماس وسط الأنصار والرغبة في تواجدهم في المدرجات. * ومن وجهة نظري، فإن تلك الجوانب لم تكن سوى قطرة في محيط الفوائد التي يمكن جنيها من وراء وسائل التواصل الإجتماعي التي تعد بمثابة كنز ظل مهملاً لفترات طويلة في إنتظار إستثمار ميزة جمعه لملايين الناس يتشاركون الهم ويسعون لتحقيق الهدف نفسه في مكان واحد رغم تفرقهم في أمكان الإقامة سواء داخل السودان أو خارجه. * ولأن المعاناة تولد الإبداع.. ولأن المعادن النفيسة تظهر وتتجلى في أوقات الشدة.. فإن الضائقة المالية التي يمر بها المريخ مؤخراً وإحساس شعب الأحمر بأهمية العمل الجماعي واستشعارهم للمسئولية تجاه ناديهم بعد تنحي الداعم الأوحد وإدراك الجميع لخطورة الإعتماد على فرد لتسيير نادٍ يعشقه الملايين فجر طاقات عشاق ومحبي النادي الكبير وقادهم لإكتشاف كنز مواقع التواصل الإجتماعي وبدء رحلة الإستفادة منه بصورة مثلى. * فالقروبات المريخية وبعد أن ظل الغالبية العظمى منها ساحة للتداول والنقاش في كل ما يخص النادي وتبادل الآراء بصورة تصل حد الخلاف بين الأعضاء في بعض الأحيان وساحة في العديد منها ل(التنظير) في كل صغيرة وكبيرة دون أن يكون لتلك القروبات دور مؤثر وإيجابي في مسيرة النادي سواء التعليق على الأحداث والوقائع سواء الإدارية أو الفنية.. فإن أغلب تلك القروبات تحولت لشعلة نشاط وخلية نحل وماكينة تعمل بطاقة قصوى لإنتاج الأفكار الإيجابية التي تساعد على دعم مسيرة النادي. * أعضاء أغلب القروبات نزعوا عنهم عباءة الكسل واللامبالاة والإتكالية التي كانت سماتاً تلازم الجماهير سابقاً وتضعها في خانة القطاع السلبي الذي تقتصر علاقته مع ناديه على إرتياد المدرجات في المباريات مع الكثير من المظاهر السلبية حتى في هذا الدور نفسه. * تلك القروبات إنتفضت وبدأت مرحلة إنتقالية غاية في الأهمية من خانة الإتكالية لتحمل المسئولية ومن خانة الكسل لمربع العمل والعمل الجاد الذي سينتج ذهباً بإذن واحد أحد سيجعل حاضر المريخ أفضل من ماضيه ومستقبله أفضل بكثير من الحاضر لأن أكثر ما كان ينقص النادي ومنذ تأسيسه هو إقتناع الجماهير بأنها المالك الحقيقي للأندية وبأن لها دور مهم ورئيسي يفترض أن تلعبه في مسألة الصرف المالي عبر بند العضوية أولاً أو عبر طرق أخرى عديدة في حالة وجود بعض العوائق القانونية التي تحول دون إكتساب كل عاشق للنادي لبطاقة العضوية كما يحدث حالياً. * ثورة القروبات الحمراء بدأت بتبرعات على فترات متفاوتة من قبل بعض القروبات.. ومع تزايد المعاناة المالية كانت أعداد القروبات التي تشارك في الدعم تتزايد.. ثم تحول الأمر من تبرعات على فترات متقطعة لدعم شهري وثابت من قبل بعض القروبات وهو أمر كان يزيد يوماً تلو الآخر من المنافسة الجميلة والمحببة بين القروبات التي دخلت في سباق رائع فيما بينها ليقوم كل قروب بتقديم دعم شهري ثابت للخزينة. * الضائقة المالية الأخيرة أثمرت عن خطوة مهمة وفكرة رائعة تم بموجبها إنشاء قروب يضم مشرفي الغالبية العظمى من القروبات الحمراء ليكون بمثابة منصة للتفاكر وتبادل الأفكار وإختيار الأفضل منها للمساهمة في دعم النادي مالياً.. وخلال الأيام القليلة الماضية توصل قروب المشرفين لفكرة رائعة تم بموجبها تحديد مبلغ (الفي جنيه.. إثنين مليون بالقديم) كحد أدنى مع ترك باب الزيادة مفتوحاً لكل قروب يتم تسليمه شهرياً على أن يتم تسليم تلك المبالغ من ممثلي القروبات المختلفة في يوم واحد وسيتم نشر أسماء القروبات التي ستشارك وقيمة المبالغ التي ستقدمها عبر الصحف الحمراء والموقع الرسمي للنادي. * القروبات إتفقت على أن يكون يوم السبت القادم (الثاني من أبريل 2016) هو اليوم المحدد لتسليم كل القروبات لدعمها الشهري فيما أطلق عليه (نفرة العبور).. وإن كان الإسم قد أختير بإعتبار أن النفرة إنطلقت لتكون زاداً للأحمر لعبور وفاق سطيف.. فإنني أعتقد أن فكرة حراك القروبات نفسه وفكرة تقديمها لدعم شهري ثابت في يوم محدد من كل شهر.. تلك الفكرة نفسها تستحق تسمية (نفرة العبور) ولكن ليس عبور الوفاق بقدر ما هو عبور مرحلة الإتكالية والكسل والإعتماد على فرد في التسيير نحو العمل الجماعي ومشاركة الكل في تحمل المسئولية. * أن توقد شمعة خير من أن تلعن الظلام ألف مرة ونفرة القروبات الحمراء ستضيء بإذن واحد طريق المريخ وتجعل المستقبل أفضل بكثير من الماضي.