يقول المثل السوداني "الشينة منكورة"، في دلالة إلى أن العمل السيء لا صاحب له! ينطبق هذا القول على مخرجات إدارة السودان اليوم، فشكاوى المسؤولين تفوق شكاوى المواطنين مرارةً وحرقةً، ولسان حال المواطن "ضربني بكى، وسبقني اشتكى"، خطورة هذا المشهد أن الاختصاصات غير محددة، ما يجعل من مهمة "المساءلة" مستحيلة mission impossible. رغم شكاوى المسؤولين من عدم قدرتهم على الحراك، وتنكرهم التام للأداء "الخايب"، إلا أن هنالك حراك محموم تحت السطح، وتصادم بين "التكتلات السياسية" التي تشكل المشهد السياسي السوداني، إن كنا لا نكاد نراه، فإننا نلاحظه من خلال تغولهم الساذج على اختصاصات بعضهم، الشيء الذي ينتج كل يوم أزمة جديدة "تفرم وتطحن وتسحن في المواطن"، وكأنهم يريدون تحويله إلى عجينة يسهل تشكيلها فيما بعد. هذا الحراك غير المرئي يشبه إلى حد كبير حركة "الصفائح التكتونية" التي تكوِّن قشرة الأرض، وهي صفائح ضخمة جداً تحمل قارات العالم، وعندما تتصادم هذه الصفائح مع بعضها البعض تنتج الزلازل والبراكين ومنها تتكون تضاريس الأرض، من جبال شاهقة وصدوع وأخاديد وفوالق وغيرها! ويا خوفي من الصدوع والأخاديد والفوالق التي تخلفها حركة "التكتلات السياسية" غير الرشيدة، أي تغيير يحدث في تركيبة هذا الوطن الذي يعيش حالة من "السيولة التامة"، سواء على الصعيد العسكري أو الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي سيكون لها تداعيات مكلفة جداً، ولن يكون في مقدور الأجيال القادمة معالجتها! إذا لم يتواضع الجميع على "رؤية وطنية جامعة" تلم شتات كل "التحركات العشوائية" التي تدمر في الوطن، فإن أي حراك مهما بلغ من جديته وعلميته وقداسة صاحبه فسيتحول إلى حراك عشوائي، يفقد "بوصلته" في وسط الحراكات العشوائية الأخرى، ولا عزاء "لأصحاب النوايا الحسنة"!