لتبديد الشكوك المتزايدة حول فعالية اللقاحات الصينية والانتقادات المتجددة لاستجابته المبكرة لوباء كورونا، يحاول الحزب الشيوعي الحاكم في الصين تشجيع نظريات المؤامرة التي يقول بعض الخبراء إنها قد تضره أكثر مما تنفعه. وتثير وسائل الإعلام الرسمية والمسؤولون في بكين الشكوك حول اللقاحات الغربية وأصل فيروس كورونا في محاولة واضحة لدرء الهجمات. وكلتا المسألتين في دائرة الضوء بسبب طرح اللقاحات على مستوى العالم ووصول فريق منظمة الصحة العالمية مؤخرًا إلى ووهان، للتحقيق في أصل الفيروس. وتجد بعض نظريات المؤامرة هذه جمهورًا متقبلًا في الصين، في صورة الهاشتاغ المدعوم على وسائل التواصل الاجتماعي American's Ft، الذي بدأته رابطة الشباب الشيوعية، وشوهد ما لا يقل عن 1.4 مليار مرة الأسبوع الماضي. وكالة "أسوشيتد برس" نقلت عن فانغ شيمين، وهو كاتب مقيم الآن في الولاياتالمتحدة معروف بفضح الشهادات المزورة وغيرها من عمليات الاحتيال في العلوم الصينية، قوله إن "هذا التكتيك استفاد من الدعاية الصينية ضد الولاياتالمتحدة". الخبيرة في الإعلام الصيني في جامعة ليدز في بريطانيا، يوان تسنغ، قالت من جانبها إن قصص الحكومة انتشرت على نطاق واسع لدرجة أن أصدقاءها الصينيين، حتى المتعلمين، سألوها عما إذا كانت صحيحة. وأوضحت أن إثارة الشكوك ونشر نظريات المؤامرة قد تزيد من مخاطر الصحة العامة، حيث تحاول الحكومات تبديد القلق بشأن اللقاحات، قائلة: "هذا أمر بالغ الخطورة". ودعت وسائل الإعلام الحكومية في الهجوم الأخير إلى إجراء تحقيق في وفاة 23 مسنًا في النرويج بعد تلقيهم لقاح فايزر، بينما اتهم مذيع في CGTN ومحطة CCTV التي تبث باللغة الإنكليزية وصحيفة غلوبال تايمز، وسائل الإعلام الغربية بتجاهل الأخبار. ويقول خبراء الصحة إن الوفيات غير المرتبطة باللقاح ممكنة خلال حملات التطعيم الجماعية، بينما خلصت لجنة منظمة الصحة العالمية إلى أن اللقاح لم يلعب "دورًا مساهمًا" في وفيات النرويج. وجاءت تغطية وسائل الإعلام الحكومية في أعقاب تقرير لباحثين في البرازيل وجدوا أن فعالية لقاح صيني أقل مما أعلن في السابق. وقال الباحثون في البداية إن لقاح "سينوفاك" فعال بنسبة 78 في المئة، لكن العلماء راجعوا ذلك إلى 50.4 في المئة بعد تضمين الحالات ذات الأعراض الخفيفة. في غضون ذلك، أفاد باحثون في معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي، وهو مركز أبحاث تدعمه الحكومة، أنهم شاهدوا زيادة في المعلومات المضللة في وسائل الإعلام الصينية حول اللقاحات. وكشفت العشرات من المقالات عبر الإنترنت على مدونات الصحة أسئلة حول فعالية لقاح فايزر بشكل مطول، بالاعتماد على مقال رأي نُشر هذا الشهر في المجلة الطبية البريطانية أثار تساؤلات حول بيانات التجارب السريرية. وقال فانغ "إنه أمر محرج للغاية" بالنسبة للحكومة الصينية، ثم أضاف أن "الصين تحاول إثارة الشكوك حول لقاح فايزر لإنقاذ ماء الوجه والترويج للقاحاتها. ولم يخجل كبار المسؤولين في الحكومة الصينية من التعبير عن مخاوفهم بشأن اللقاحات التي تعتمد تكنولوجيا "mRNA" في نسخ الأجسام المضادة، التي طورتها شركات الأدوية الغربية، وتستخدم تقنيات أحدث من الطريقة التقليدية للقاحات الصينية المستخدمة حاليًا. وفي ديسمبر، قال مدير المراكز الصينية للسيطرة على الأمراض، جاو فو، إنه لا يمكنه استبعاد الآثار الجانبية السلبية للقاحات المحلية. وأشار إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تُمنح فيها لأشخاص أصحاء، وقال: "هناك مخاوف تتعلق بالسلامة" وأثار وصول بعثة منظمة الصحة العالمية انتقادات مستمرة بأن الصين سمحت للفيروس بالانتشار على مستوى العالم من خلال الاستجابة ببطء شديد في البداية، وتوبيخ الأطباء الذين حاولوا تحذير الجمهور. وسيبدأ الباحثون الزائرون العمل الميداني، هذا الأسبوع، بعد خروجهم من الحجر الصحي المفروض على المسافرين لمدة 14 يومًا. وقال جاكوب واليس، كبير المحللين في معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي، إن الحزب الشيوعي يرى في تحقيق منظمة الصحة العالمية خطرًا سياسيًا لأنه يركز الانتباه على استجابة الصين. وقال واليس إن الحزب يريد "تشتيت انتباه الجماهير المحلية والدولية من خلال تشويه الرواية الحقيقة حول أين تكمن المسؤولية عن ظهور الفيروس".