على الرغم من أن صور القفشات والضحكات بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وعضو لجنة إزالة التمكين صلاح مناع، تؤكد طي صفحة الخلاف بين الرجلين، الا ان معاني الصور كانت تقول غير ذلك. فقبل أن يهدأ الحديث عن الصراع بين البرهان ومناع، كانت الوساطات تلعب دوراً كبيراً في كيفية رأب الصدع بينهما، وإقناع البرهان بالتنازل عن البلاغ الذي دونه ضد مناع، وكذا إقناع مناع بضرورة تهدئة اللعب والانحناء للعاصفة وتخفيف حدة الاتهامات التي تكيلها اللجنة للمكون العسكري واتهامه بالتواطؤ مع النظام السابق، لان حساسية المرحلة تحتم ضرورة ذلك. وطبقاً لمصادر تحدثت ل (الإنتباهة) فإن هناك مساعي قادها رئيس اللجنة المناوب محمد سليمان الفكي لعودة المياه لمجاريها. وفيما اعتبر البعض في الخطوة انتصاراً للجنة إزالة التمكين ، لاعتبار التأييد الواسع الذي حظيت به اللجنة أخيراً سيما عقب استقالة رئيسها الفريق ركن ياسر العطا، يرى بالمقابل البعض الآخر ان ما حدث أمس الأول من صلح، ليس إلا هدوء يسبق عاصفة قادمة تغلق أبواب اللجنة وتفتح معها أبواب مفوضية الفساد. ليصبح السؤال الأكثر حول حقيقة التكهنات، وكيف ستمضي الفترة المقبلة من عمر اللجنة؟ محاولة استعادة ظلت لجنة إزالة التمكين منذ تأسيسها بموجب الوثيقة الدستورية مثار جدل الكثير، بسبب طريقتها في استرداد الأموال، فيما يوصف عملها بالتشفي، كما أنها ظلت في حالة من الصراع المستمر مع المكون العسكري واتهامه باعاقة عمل اللجنة، لكنه كان صراعاً غير معلن، لينتقل بعد ذلك إلى العلن، سيما عقب استقالة رئيس اللجنة الفريق ركن ياسر العطا. وترى مصادر قريبة من كل الاطراف أن انتقال الصراع إلى العلن مرده الى استقالة العطا الأسبوع الماضي بسبب اعتراضه على منهجية الشركاء في التعامل مع اللجنة. وبما أن العطا يتبع للمؤسسة العسكرية، فإن ذلك كان دافعاً قوياً لإخراج الهواء الساخن من قبل العضو الأبرز باللجنة صلاح مناع، ويتهم البرهان ونائبه بإطلاق سراح حرم الرئيس المعزول وداد بابكر، والمساعدة في فرار الاسلامي التركي اوكتاي شعبان المقرب من النظام السابق، والذي يواجه دعاوى جنائية تتعلق بالتربح، الأمر الذي رفضه البرهان ودون بموجبه بلاغات تحت المواد (159) اشانة سمعة و (60) الإساءة والسباب و (162) إثارة الكراهية ضد القوات النظامية. ولم تقتصر اتهامات مناع على رئيس مجلس السيادة، بل تعدتها إلى اتهام النائب العام بالتواطؤ مع المتهمين اصل الخلاف. وبحسب المحلل السياسي وهبي السيد فإن اللجنة تقود حملة شرسة بغية محاولة استعادة وضعها من جديد. ويذهب وهبي في حديثه ل (الإنتباهة) إلى ان استقالة العطا جعلت اللجنة في مهب الريح وفقدت زخمها، الأمر الذي جعلها تكشف عن ورقها باتهام رئيس مجلس السيادة شخصياً، الا ان الاتهام رد إليهم وذلك بعد منع البرهان أعضاء اللجنة من دخول القصر وعقد اجتماعاتها فيه. آخر البطاقات وفيما يرى مؤيدون للمكون العسكري، احتمال وصبر العسكر على الاتهامات التي تطولهم، قال مصدر عسكري رفيع للصحيفة إن لجنة إزالة التمكين تمادت في اتهاماتها، وحسبت أن صبر رئيس مجلس السيادة لا حدود له. وقال المصدر إن البرهان رأى ضرورة حسم الاتهامات التي وجهت إليه وفرض هيبته وهيبة الدولة، ولذلك اصدر قراراً بمنع دخول أعضاء اللجنة في القصر. وانقسمت الآراء حول الصور المتداولة لأعضاء لجنة التمكين مع البرهان أمس الأول ما بين السخرية والنصر، ففيما اعتبر البعض ضحكات مناع (العريضة) بمكتب البرهان نصراً للأخير، خاصة عقب الإعلان عن عودة رئيس اللجنة المستقيل ياسر العطا للجنة مجدداً، رأى البعض الآخر انها انتصار لمناع وانهزام للبرهان بعد إيمانه بدور اللجنة ومكانتها. لكن في غضون كل المجريات يبقى الشاهد في الأمر أن وساطات جرت على اعادة المياه إلى مجاريها، وأن كانت تلك المجاري بين المدنيين والعسكر تشوبها شوائب كثيرة سيما في ما يتعلق بهذه اللجنة، لكن حساسية المرحلة تحتم ضرورة التصالح. وثمة تساؤل يطرح نفسه حول كيفية عمل اللجنة في الفترة المقبلة، وهل ستمضي بذات النهج وتكيل اتهاماتها للمكون العسكري، ام انها ستغض الطرف عن الكثير. وطبقاً للمحلل السياسي وهبي السيد فإن اللجنة خسرت بالصور المتداولة أمس آخر بطاقات القوة واسترداد الحقوق. (مطايبة) وفي وقت يقرأ فيه البعض المشهد من زاوية مختلفة وهي إيمان البرهان بضرورة اللجنة وقبوله الوساطات وشطبه البلاغات المحررة في مواجهة عضو اللجنة صلاح مناع، يقول المحلل السياسي خليفة العبد إن اللجنة ليست في صراع مع المكون العسكري، بل العمل يمضي في تناغم. وقال خليفة ل (الإنتباهة) ان هناك من يسعى لأحداث صراع بين المكونين وزرع الفتنة، وذلك للاتهامات التي تطول العسكر بسعيه لإحداث تسوية مع أفراد النظام السابق، وذكر أن الفترة المقبلة ستشهد نوعاً مختلفاً من العمل، سيما عقب دعم البرهان اللجنة. ولكن بالمقابل يصف المحلل السياسي نصر الدين عبد الله رأب الصدع بين البرهان ومناع بالهدوء الذي يسبق العاصفة. وقال نصر الدين للصحيفة إن اجتماع أمس الأول أقل ما يمكن وصفه باجتماع المطايبة، وهو اشبه بالهدوء الذي يسبق العاصفة، وهي عاصفة الإعلان عن تكوين مفوضية للفساد تحل محل اللجنة، وذكر أن البرهان قبل الوساطة حرصاً منه على التوافق السياسي وإدارة الفترة الانتقالية بين المكونين المدني والعسكري دون مشكلات، وتابع قائلاً: (البرهان سعى للتطييب حتى لا يثير الشارع الذي يعتبر أن اللجنة مطلب ثورة). تمثيلية وتعد لجنة إزالة التمكين مطلباً ثورياً لتفكيك تمكين نظام الثلاثين من يونيو. وتم تضمين اللجنة في الوثيقة الدستورية، وانخرطت اللجنة منذ تكوينها في حجز ومصادرة ممتلكات قادة ورموز النظام السابق، وواجهت في عملها عدة انتقادات وتمت الدعوات لحلها. ونسبة للكثير من التقاطعات قام رئيسها الفريق ركن ياسر العطا بتقديم استقالته من رئاستها. وظلت الحركات المسلحة تعبر عن رفضها المستمر للجنة، وتطالب بضرورة انشاء مفوضية للفساد بدلاً منها، ودعا رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم إلى قيام مفوضية لمحاربة الفساد تعنى بجمع المعلومات بصورة كافية، وتقوم بتقديمها إلى القضاء لمحاكمة المفسدين. وبحسب حديث المحلل السياسي أبو بكر عبد الرحمن ل (الإنتباهة) فإن خطوط المفوضية تم رسمها تماماً ولا مكان للجنة. ووصف ابو بكر استقالة العطا من رئاسة اللجنة وصلح البرهان أمس بالتمثيلية، والغرض منها إعداد الملعب للمفوضية، وذكر أن اللجنة تم تحييدها عن ملفات مهمة وخاصة الملفات الأمنية. وتابع قائلاً: (بإنشاء مفوضية للفساد يغلق المكون العسكري الباب أمام المطالبة باستثماراته العسكرية).