أجمع خبراء اقتصاد أن معاش الناس أولوية، لأن خروج الملايين في مواكب هادرة يوم 6 أبريل 2019؛ كان بمثابة دافع رئيسي ليتكاتف جميع المواطنين مع الحكومة الجديدة، وهم الذين خرجوا ضد الظلم والقمع والقهر والتدهورالاقتصادي، في أواخر سنوات الإنقاذ، من أجل الخروج من المأزق الاقتصادي الذي ورثته الحكومة من نظام الرئيس السابق عمر البشير، الذي أطاحت به ثورة شعبية في أبريل. سعت الدولة لإحداث نهضة اقتصادية كأولوية لبرنامجها الإسعافي، لكن ثمة تحديات ماثلة حتى الآن ليستعيد الاقتصاد عافيته، وعلى الرغم من التحول الكبيرة في مسيرة الحراك السوداني، كان لابد أن يكون هناك تجاوب أكبر من جانب الحكومة الانتقالية لمعالجة كثير من القضايا الاقتصادية، وعلى رأسها بعض القضايا المتعلقة بمعاش الناس وتخفيف أعباء المعيشة. كل ذلك اصطدم بضغط من صندوق النقد والبنك الدوليين للحصول على قروض بشروط ميسرة، بشرط رفع الدعم وتحرير أسعار الوقود والقمح والكهرباء والمياه. اختارت الدولة الخيار الأصعب الذي يدفع المواطن فاتورته من غلاء ومعاناة يومية بسبب انفلات الأسواق وارتفاع تعريفة المواصلات والكهرباء والأدوية، وغيرها من الأشياء الأساسية. وقد ورثت الحكومة الانتقالية عبئاً اقتصادياً من خزائن خاوية وموارد مبددة بسبب تفشي الفساد والمحسوبية، ومازالت مفاصل الدولة متآكلة بسبب الخراب الاقتصادي طوال (30) عاماً، وواجهت أول موازنة لحكومة الفترة الانتقالية تعقيدات كثيرة بسبب قلة الإيرادات وزيادة المصروفات. ودعا وزير المالية الأسبق، إبراهيم البدوي، لضرورة أن يتحول الاقتصاد من اقتصاد مخاطر وتحديات ماثلة بعد الاتفاق على برنامج اقتصادي في 2020، إلى اقتصاد يتحول بموجبه السودان إلى بلد آخر. وأشار إلى أن هناك اتصالات مع المجتمع الدولي للحصول على القروض لتمكين الاقتصاد من استعادة عافيته، لافتاً إلى أن البرنامج الاقتصادي للحكومة يحمل بشرى يستحقها الشعب السوداني الذي عانى كثيراً خلال النظام السابق. فيما قال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في أول تصريح له عقب تسلمه منصبه، إن بلاده في حاجه لدعم خزينة الدولة بمبلغ (8) مليارات دولار من خلال المساعدات الإقليمية والدولية، لوضع أرضية صلبة لاستقرار سعر الصرف وتغطية العجز في ميزان المدفوعات، الأمر الذي من شأنه إحداث تحول نوعي في النهوض باقتصاد البلاد إلى بر الأمان، وتحقيق طفرة إنتاجية غير مسبوقة. ويرى خبراء اقتصاد أن الدعم تولد في الاقتصاد نتيجة تراجع قيمة العملة الوطنية، وجرب النظام السابق قضية رفع الدعم خمس مرات بعد انفصال جنوب السودان، ولم يحدث أي تقدم في الملف الاقتصادي. وكلما تم رفع الدعم ولد دعم جديد. وأشاروا إلى أن هذا الأمر يتطلب ضرورة تحقيق الاستقرار الاقتصادي، من خلال تحقيق القيمة الفعلية للجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية بصورة عادلة، وتقليل الفجوة بين السوقين الحقيقي والموازي، وبعد كل هذا تتم دارسة الدعم من حيث التخفيض أو الزيادة. فيما مضى الخبير الاقتصادي، محمد عبد العزيز، إلى أن معالجة تدهور الاقتصاد يتطلب معرفة أسبابه أولاً ومشكلته الرئيسية، لأن الاقتصاد يواجه إشكاليات مزمنة تتمثل في هيكل الاقتصاد نفسه، والخيار الأمثل هو الإنتاج سواء أكان ثروة حيوانية أو زراعية أو تعدينية أو بترولاً أو صناعة، وهكذا. وأنه بالنسبة لاقتصاد السودان فإنه يعاني من ضعف الإنتاج على الرغم من توافر الموارد الطبيعية، خاصة قطاع الزراعة والثروة الحيوانية. وأشار عبد العزيز ل (مداميك) بأنه لابد من اتباع سياسات ترشيدية في الاستيراد لتخفيف الفجوة في الميزان التجاري ودعم الصادر والاستيراد، لافتاً إلى أن إعادة العلاقات مع المؤسسات التمويلية الدولية والإقليمية ستكون فرصة لضخ رأسمال تشغيلي تستفيد منه قطاعات منتجة عدة لفترات طويلة، بجانب أهمية العمل على ثبات السياسات الائتمانية النقدية والضريبية والجمركية وقانون الاستثمار. فضلاً عن العمل على استقطاب مدخرات المغتربين من خلال وضع سياسات تشجيعية واضحة. مداميك