لو سألني أحدهم عن مشاعري تجاه وفاة الطيب مصطفى لقلت صادقاً إني جدُّ حزين… وليست ثمة شماتة في الموت … ولكن هنالك من يموت وتفرح لموته… فرحاً منطقياً. تفرح لأنك تشعر أن هنالك خطراً قد زال عن طريقك و طريق كل الأمة… و تفرح لأنك تحس أن هنالك هماً قد إنزاح عن قلبك و قلب كل الأمة…. و تفرح لأنك تشعر أن هنالك كرباً قد إنفرج عنك و عن كل الأمة…. و أن هنالك فعلاً … (بلا و انجلى). و تفرح لأنك تشعر أن قاموس البذاءة الصحفية و الشتائم و السباب و الفجور في الخصومة قد إنهد ركنٌ من أركانه… وفاة الطيب مصطفى مدعاة لكل (الفرحات) الأربع أعلاه… و لكني حزين على وفاته… حزين لماذا؟ لأني كنت أتمنى أن يعيش معذباً و هو يرى زوال دولة إبن أخته… و لأني كنت أتمنى أن يعيش معذباً وهو يرسل زفراته الحرى على ما آل إليه حاله من الذل. و لأني كنت أتمنى أن يعيش معذباً وهو في السجن الذي كان لابد من أن يدخله يوماً… و لأني كنت أتمنى أن يعيش معذباً و هو يرى القصاص لدماء الشهداء الذين شكر حميدتي على قتلهم… و لأني كنت أتمنى أن يعيش معذباً و هو يرى كل أصنام الإنقاذ تتهاوى واحداً تلو الآخر بعد أن تتعفن في كوبر.. و لأني كنت أتمنى أن يعيش معذباً و هو يرى البلاد وهي تنعم بالأمن و الرخاء الذي نراه قريباً… لكل ذلك أنا حزين على و فاته… خروج: لمن يؤلمه هذا الكلام أذكّره بعبارة قالها الطيب مصطفى في حق المفكر الدكتور حيدر إبراهيم بعد أن من الله عليه بالشفاء من وضع صحي خطير، قال الطيب مصطفى: (دي فجة الموت)…. فبالله عليكم هل يصدر مثل هذا الكلام من إنسان سوي يحمل في قلبه ذرةً من الرحمة؟ واحسرتاااااه !!! علي العبيد