تباينت آراء خبراء الاقتصاد حول تدخل بنك السودان المركزي، وإعلانه مزاداً للنقد الأجنبي بين البنوك التجارية، وتأثيره على استقرار سعر الصرف، وبعد مرور أكثر من أسبوعين منذ انطلاق أول مزاد؛ تشهد أسعار صرف العملات الأجنبية تراجعاً نسبياً وتحسناً طفيفاً للعملة الوطنية، يعزوها البعض للحملات الأمنية التي نفذت منذ الأسبوع الماضي والقبض على عدد من تجار العملة. والبعض الآخر يرى أن تنفيذ مزادات النقد الأجنبي يمكن أن تسهم في عودة الاستقرار لسعر الصرف، وبين هذا وذاك جاءات إفادات المختصين وخبراء الاقتصاد. اتفق الخبراء على أهمية توجيه موارد النقد الأجنبي تجاه بعض سلع الوارد ذات الأولوية، وأن تستهدف السلع الاستراتيجية التي تحرك جمود القطاعات الإنتاجية، وبعض السلع الأساسية ذات الأولوية، ورهنوا نجاح آلية المزادات بتوفر احتياطات كافية من النقد الأجنبي لدى بنك السودان. وأبدى البعض تخوفه من أن تؤدي مزادات العملات الأجنبية إلى ترسيخ الإحتكار لدى قلة من الرأسمالية، تستطيع شراء الدولار وغيره من العملات الأجنبية بأعلى سعر، وإخراج الآخرين من المزاد. استبعد الخبير الاقتصادي، صدقي كبلو، أن تعالج مزادات النقد الأجنبي مشاكل ندرة النقد الأجنبي التي يعاني منها الاقتصاد، داعياً لضرورة معالجة التشوهات والعلل الاقتصادية التي أفرزتها الأخطاء والسياسات الكلية في الاقتصاد. ورهن حل مشكلة سعر الصرف بالحصول على حصيلة كافية من موارد النقد الأجنبي، وأهمية تغطية طلبات الاستيراد. ودعا لضرورة إصلاح السياسات الكلية ووقف التهريب الذي يعاني منه الاقتصاد، بملاحقة المهربين، وتطبيق أقصى العقوبات المتلاعبين في النقد الأجنبي، داعين لضرورة أن يتم التداول بشفافية لكسر الجمود في سوق النقد الأجنبي، ومحاربة كافة عمليات المضاربة والوساطة الضارة. بدوره، أكد مدير إدارة السياسات والبحوث بالبنك المركزي، مصطفى محمد، استمرار المزادات كمرحلة أولى من مراحل آليات تدخل البنك المركزي لإحداث استقرار في أسعار صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، وإزالة تقلبات سعر الصرف. وأكد في تنوير صحفي، عقب تنفيذ البنك المركزي، أول مزاد الشهر المنصرم، قدرة المزادات على التدخل لإحداث استقرار في أسعار الصرف، معتبراً ما يحدث في السوق الموازي مضاربات غير مبررة، وصارت أسواق العملات غير الرسمية تتاثر بالشائعات والحملات الدعائية. واعلن عزم البنك المركزي استمرار عمل المزادات وتطويرها إلى سوق إلكتروني يعمل ما بين المصارف، وقال إن المزادات ستعمل على حل إشكالية الموارد الموسمية لمعالجة شح وندرة النقد الأجنبي، وأشار إلى أن البنك المركزي لديه موارد كافية لتغطية المزادات منها (1.270) مليار دولار عبارة عن مشتريات البنوك من النقد الأجنبي من شهر فبراير، مبيناً أن مبيعات البنوك خلال هذه الفترة وصلت إلى (700) مليون دولار. من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي، د. عادل الدوامة، أن اتجاه بنك السودان المركزي لتنظيم مزاد للنقد الأجنبي يؤكد أن البلاد لا تعاني من فجوة في العملات الأجنبية، وأن ما يحدث من ارتفاع في سعر الصرف سببه المضاربات في السوق الموازي. وأوضح الدوامة، في تصريح صحفي، أن هذه السياسة الجديدة للبنك المركزي تسهم في استقرار سعر الصرف، واستعادة زمام المبادرة لدى بنك السودان في التحكم في سوق العملات. ودعا الدومة لضرورة سن قوانين رادعة للمضاربين بالعملات الأجنبية، باعتبارها جريمة تهدد اقتصاد البلاد. مداميك