مديحة عبدالله فقد نحو (36) مواطنًا حياتهم بولاية جنوب دارفور وأصيب (32) آخرون في قتال بين أفراد من قبيلتي الفلاتة والتعايشة في منطقة أم دافوق بسبب نزاع على الأرض، كما جاء في خبر أوردته وكالة سونا للأنباء أمس الأول، خبر مؤلم جاء ضمن عشرات الأخبار الأخرى، دون موقف واضح ولا اهتمام من الأجهزة الحكومية أو الأحزاب السياسية أو وسائل الإعلام أو المجتمع المدني، مما يدل على أننا وصلنا مرحلة التّطبع مع أخبار الموت في دارفور، على المستوى الرسمي والمدني.. حسب ما ورد في الخبر فأن القتال نشب بسبب قطعة أرض!! وظللنا نفقد كل يوم تقريبًا أرواحًا عزيزة لذات السبب، فراكم المجتمع المرارات بسبب الموت والثأر وتجدد القتال، فهل لم يراكم خبرات في إدارة النزاعات قبل أن تصل مرحلة مصادرة حق الحياة؟ ألم تتوفر لدى المجتمع (قرون استشعار) لتعطي إنذار بنزاع محتمل ليحدث تدخل يمنع الموت ويجد حل للمشكلة؟ من المؤكد أن المجتمع يملك تلك الخبرة، يبدو أنها تاهت وسط الضغائن، وغاب التفكير المغاير للاستفادة منها لمنع القتال بين مواطنين هم في الأصل أصحاب مصلحة في العمل والحياة المشتركة للاستفادة من الأرض والموارد المتاحة. هذا الاستنتاج هناك ما يعضده فالسلطة الانتقالية تتعامل مع القتال الأهلي كأمر واقع بتدخل (قوات مشتركة) تفصل بين طرفي النزاع، وطي ملف القتلى في متاهة الصلح القبلي العقيم، وينطبق ذات الأمر على مواقف الأحزاب السياسية التي لا تتعدى إدانة القتل والترحم على الموتى وكذا المجتمع المدني، وإن كان الأخير يتسم موقفه بالتضامن نوع ما مع المواطنين في منطقة النزاع.. وعلى ذلك فنحن في وضع يعكس تناقض مريع ففي حين أن مؤشر الأحداث يشير إلى اندفاع الثورة في طريقها، فأنه يعكس أيضًا أن القدرة على ابتداع الحلول الخلاقة للمشاكل المتفجرة تكاد لم تشهد تغييرا، ويبدو أننا نتوقع السلام (الشامل الكامل) لينزل على الأرض ليتغير المشهد كليًا بمجرد توقيع اتفاقية سلام، وليس عبر عملية طويلة يساهم فيها الكل حسب موقعه وقدرته، فالسلام الحقيقي يغرس أقدامه في الأرض بامتلاك أدوات العمل المجتمعي التي يمكن أن منع القتال قبل اندلاعه، وايجاد حلول لأسبابه من واقع خبرات المجتمع المحلي.. الميدان