صور عديدة مرعبة، ومثيرة للجدل لحالات اعتداء منظم وممنهج، انتظمت العاصمة السودانية الخرطوم، وبعض المدن الكبيرة، خلال يومي الخميس والجمعة الماضيين، أبانت حسب مراقبين حجم الفراغ الأمني الكبير وغياب السيطرة على الشوارع، وقد جاءت هذه التفلتات على خلفية احتجاجات شعبية واسعة النطاق في العاصمة الخرطوم، بسبب قرارات تحرير اسعار الوقود، وهي المرة الثالثة خلال أقل من عام تتخذ فيها الحكومة الانتقالية قراراً بتعديل أسعار المحروقات. وقد انقسم رواد التواصل الاجتماعي، والمواطنون على أرض الواقع؛ بين مؤيد للغضب الجماهيري الذي استعاد ذاكرة المتاريس لتصحيح مسار الفترة الانتقالية، وبين آخرين معارضين وساخطين على الوضع الأمني، ويرون فيه طريقة تعبير عفا عليها الزمن، واصبحت شماعة يلج من خلالها المجرمون وعصابات النهب المسلح، وفلول النظام السابق. ووجه عدد من الخبراء والمراقبين اللوم على جهاز الشرطة الذي قالوا انه وقف متفرجا أمام حالات النهب والاعتداء على المواطنيين وممتلكاتهم، ليبرز السؤال الأهم، لماذا تقف الشرطة مكتوفة الأيدي، وما الأسباب الحقيقية وراء ذلك؟. قالت مصادر مطلعة بالشرطة السودانية، إن التقاعس ناجم عن أسباب تتعلق بعدم رضاء الكوادر الشرطية خصوصا الرتب الصغيرة عن الوضع الحالي، وأضاف المصدر أن ضعب المرتبات وعدم صرف عدد كبير منهم للبديل النقدي الخاص بالعام الماضي جعلهم غير متحمسين للعمل، وأشار المصدر إلى أن عناصر شرطية ربما لا تجدد عقوداتها بعد نهايتها، وأكد أن ثمة عناصر في الشرطة تربطها علاقة مباشرة بالجماعات والعصابات، التي تستغل الدراجات النارية في تنفيذ جرائمها. وخلال الشهر المنصرم، عقد المهندس خالد عمر وزير رئاسة مجلس الوزراء، اجتماعا ضم وزير الداخلية ومدير عام الشرطة وكبار الضباط ، أكد من خلاله على دور الشرطة المحوري في استقرار الفترة الانتقالية، والدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه في عملية التحول الديمقراطي، واعترف الوزير بالظلم الواقع على جهاز الشرطة في العهد البائد، ووعد بتحسين أوضاعهم. وبعد تزايد حالات الاعتداء في الشوارع، وإعلان لجان المقاومة رفع المتاريس لقطع الطريق أمام العصابات وعناصر النظام السابق؛ قالت ولاية الخرطوم في تصريح صحفي، إن الولاية شهدت خلال الأيام الماضية حالات عنف متعددة من العصابات والمجموعات المتفلتة على المواطنين وممتلكاتهم، وعلى الممتلكات العامة مستغلين توجه الحكومة الانتقالية لحماية الحق في التعبير، وعدم التعرض للتظاهرات السلمية عقب القرارات الاقصادية الأخيرة، كما لازم ذلك تحركات من فلول النظام المباد لخلق حالة من الفوضى، والإخلال بأمن وأمان المواطن في عمل منظم لتشويه سلمية الثورة. وأوضحت الولاية أن الأجهزة الشرطية والعدلية ستتعامل مع هذه المجموعات والعصابات المتفلتة وفقاً للقانون للحفاظ على سلامة المواطنين وصون أمنهم. بدورها أعلنت الشرطة أن مدير شرطة ولاية الخرطوم وضع قوة شرطة الولاية في درجة الاستعداد القصوى، ووجه بتعزيز أجهزة جمع المعلومات ونشرها ميدانياً، وذلك لحماية حق المواطنين في التعبير السلمي التي اكتسبوها اقتداراً بنجاح ثورة ديسمبر المجيدة، وحمايتهم من الذين يستغلون المسيرات السلمية في الاعتداء على المواطنين ونهبهم. وقال حسب المكتب الصحفي للشرطة، إن بعض من وصفهم بضعاف النفوس من العصابات المتفلتة استغلت مناخ الحرية لتحقيق أغراضها في نهب المواطنين وسلبهم كما تابع الكثيرين خلال الساعات المنصرمة، وأضاف أن الشرطة ستقوم بواجبها كاملاً في التعامل مع هؤلاء بكل حزم ووفقاً للقانون.