أصدرت السلطات قراراً قضى بإيقاف خدمة الإنترنت لمدة (3) ساعات من الساعة الثامنة صباحاً حتى الحادية عشر خلال أيام امتحانات الشهادة السودانية (لضمان سرية الامتحانات)! وهو إجراء بائس بدأ العمل به منذ العام الماضي، حيث استسهلت الحكومة قطع الإنترنت لمنع تسرب الامتحانات بلا تفكير في وسائل أفضل واضمن لحماية سرية الامتحانات دون مصادرة حق المواطنين في استخدام الإنترنت كل يوم لمدة (3) ساعات، وحساب الأضرار الناجمة عن ذلك في كل قطاعات المجتمع الاقتصادية والخدمية ومجال الإعلام.. أخشى أن لا يكون ذلك مجدياً رغم كلفته العالية، لماذا؟ لأننا أمام أزمة تتعلق بإدارة الحكومة لأمور تبدو عادية مثل امتحانات الشهادة السودانية، وأزمة مجتمع لا يمكن اغفالها، بدأت في العهد البائد، باستشراء ظاهرة كشف وتسريب الامتحانات وبيعها بمبالغ كبيرة لمن يدفع، وشهدنا عدة مرات إعادة امتحانات لمواد بعينها ثبت كشفها وتداولها قبل الامتحانات، ومن المؤكد أن تلك الظاهرة توضح بجلاء حجم الفساد والخلل في المنظومة الأسرية والتربوية والتعليمية، فكشف الامتحانات تقوم به شبكة تضم بعض من المعلمين والمعلمات ومسؤولين في مجال حماية الامتحانات، وأفراد وأولياء أمور، وسماسرة، وطلاب وطالبات، جميع هؤلاء يشتركون في جريمة تهدد التربية والتعليم، ومستقبل البلاد الاجتماعي والاقتصادي. عقب الثورة وفى العام الماضي استمرت الظاهرة، لم تحدث وقفة مراجعة حكومية ومجتمعية لها، فالتغيير لا يمكن أن يحدث بجناح واحد، وعلينا أن أردنا أن نرسخ قيم الثورة وتأسيس دولة مدنية أن تحدث ثورة ثقافية تهز أركان ذهنية الإذعان لتضليل النفس بنجاح زائف، واستسهال الوصول للأهداف عبر الغش والفساد، وثقافة الاستهلاك التى تمجد قيم خطرة مفاده (إن المال هو مفتاح الحصول على أي شيء). ما يحدث الآن يقوض أهم مبدأ تربوي أمام أعين طلاب وطالبات السودان، جيل الحاضر والمستقبل، هو تحقيق الأهداف في الحياة بالاعتماد على النفس والمثابرة والعمل الجاد، وأن النجاح الزائف هو المدخل للفشل على الصعيد الفردي والمجتمعي، حقيقة الأمر، أننا أمام خطر مجتمعي داهم يهدد أي عملية تغيير حقيقي نسعى لتحقيقه في البلاد،، قاوموا. الميدان