يتمتع السودان بموارد وإمكانيات استثمارية ضخمة، وبموجب ذلك توافدت إلى البلاد العديد من الشركات والوفود الاستثمارية بعد إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ولم تتنزل استثمارات ضخمة على أرض الواقع بعد حسب الخبراء الذين يؤكدون أن رأس المال جبان، ويحتاج إلى بيئة جاذبة وتسهيلات وإزالة كافة التعقيدات التي أسهمت في هروب المستثمرين، بجانب الفساد الذي كان يمارس في العهد السابق عبر منح المستثمرين أراضي بها العديد من المشاكل والتعقيدات، حيث تكون الأراضي إما تابعة لملاك وإما تكون الأرض غير صالحة للاستثمار. وهناك طمأنة من وزير المالية جبريل إبراهيم، الذي أكد أن السودان يعتزم طرح وتجهيز أراض ومشاريع متنوعة للاستثمار الخارجي لإصلاح حال الاقتصاد لخدمة الأهداف التنموية، لافتاً إلى أن الإصلاحات الاقتصادية التي تمت مؤخراً بتوحيد سعر الصرف سوف تكون لصالح المستثمرين لتحويل أرباحهم بسهولة ويسر. بالمقابل، قال وزير الاستثمار والتعاون الدولي الهادي محمد إبراهيم، إن وزارته شرعت في وضع إجراءات وتسهيلات محفزة للمستثمرين الأجانب لتهيئة المناخ الاستثماري. وأضاف في حديث سابق، أن البلاد موعودة بسياسات جاذبة للاستثمار تدعم النمو الاقتصادي، وقال إن قرار توحيد سعر الصرف سوف يعالج أهم معضلة تسببت في إحجام كثيرين من المستثمرين الدخول للاستثمار في السودان، وإنه صارت هناك ضمانات لتحويل أرباحهم وعائداتهم للخارج بسهولة ويسر. واتفق خبراء اقتصاد أن السودان بلد غني بموارده وإمكانياته الهائلة، ويمكن أن يكون جاذباً لاستثمارات كبيرة ومتنوعة في شتى المجالات، مؤكدين أنه بعد إزالة اسم السودان من لائحة الدولة الراعية للإرهاب؛ صار الطريق ممهداً لدخول استثمارات قوية وفاعلة لدعم الاقتصاد، ولكن هناك عقبات تقع أعباؤها على الدولة تتطلب تهيئة البيئة المناسبة للاستثمار وتوفير البنى الأساسية، مثل الطرق والكهرباء، وتنفيذ مشروعي الربط الكهربائي ورفع القدرات إلى 240 ميغاواط. ودعوا إلى الابتعاد عن البيروقراطية في إنهاء الإجراءات والمعاملات الخاصة بالمستثمر، وأن تكون هناك قوانين جاذبة للاستثمار، وبطريقة تحفظ حقوق المستثمر، وتعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية من الخارج. وأمّنوا على أهمية توفير الحماية الكافية للمستثمر وأن تكون هناك علاقة مؤسسية بين الحكومة المركزية والولايات، وتوحيد عمل الجهات ذات العلاقة وتنسيقها من خلال نافذة واحدة لإنهاء الإجراءات، بالسرعة المطلوبة وتسهيل عمليات الدخول والخروج للمستثمرين. وقال عضو اللجان الاقتصادية بقوى الحرية والتغيير عادل خلف الله، إن السودان في حاجة لشركات استثمارية حقيقية لجذب الاستثمار والدخول في استثمارات جادة لتحقيق منافع مشتركة، مؤكداً أنه لابد من طرح مشروعات تعبر عن حقيقة فرص الاستثمار بصورة محددة مدروسة لاستقطاب التمويل أو الشراكة وليتمكن الاقتصاد الاستفادة من تلك المشروعات لإصلاح الأوضاع الاقتصادية. وقال خلف الله، في حديث ل (مداميك)، إن تلك المشروعات ستكون بمثابة مورد أساسي للنقد الأجنبي للتنمية والإصلاح الاقتصادي، لأن البلاد تضررت بسبب سياسات النظام البائد الذي أضر بالاقتصاد طوال 30 عاماً الماضية، وتحمل السودان أعباء ديون خارجية من النظام السابق وحرم من مساعدات دولية كان يمكن أن تسهم بفاعلية في تخفيف المعاناة. بدوره، يرى الخبير الاقتصادي د. محمد الناير أن السودان يمتلك أكثر من 200 مليون فدان صالحة للزراعة، والمستغل منها 30% فقط، فضلاً عن أكثر من 30 معدناً على رأسها الذهب وبكميات مقدرة، وكذلك البترول و130 مليون رأس ماشية، بجانب امتلاك السودان مصادر متنوعة من المياه، منها المياه الانهار والجوفية والأمطار وتنوع في المحصولات والمناخ ومحصولات الصمغ العربي وغيره من المحاصيل. ودعا الناير في حديث ل (مداميك) إلى بناء مشروع وطني يعتمد على موارد وإمكانيات السودان الذاتية وما يأتي من الخارج يكون بمثابة اضافة حقيقية للاقتصاد. وأضاف: "لكن أن نعول على الخارج ونعتمد اعتماداً كلياً لإصلاح الاقتصاد عليه، فهذا إجراء غير صحيح ولابد من إعادة النظر في هذا الأمر". من جانبه، أكد المحلل والباحث الاقتصادي د. هيثم فتحي، في حديث ل (مداميك) أن من أبرز الإشكاليات التي تواجه المستثمر مسألة إتمام الإجراءات، وهو ما يتطلب إيجاد نافذة واحدة تختص بمعاملات وإجراءات المستثمر، على أن تكون بطريقة إلكترونية ليس فيها أي نوع من أنواع التدخل منعاً للتلاعب والفساد والرشى، مبيناً أن وجود السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب كان سبباً في عدم ولوج كثير من المستثمرين، وكذلك وجوده في لائحة الحظر الأمريكي، خاصة أنها تؤثر في المعاملات المصرفية. مداميك