أقرت حكومة الفترة الانتقالية، باستفحال أزمة الدواء بالسودان، وأرجعتها إلى الأوضاع الاقتصادية وصعوبة توفير النقد الأجنبي، في وقت تخوف مراقبون وأطباء من مغبة رفع الدولة يدها عن الدواء في إطار تنفيذ حزمة اشتراطات البنك الدولي، وحذروا من الانعكاسات السالبة على المواطن حال التطبيق. وتعهد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مؤخراً بعدم فرض زيادات على الدواء، وتوفير ثلاثين مليون دولار شهرياً لاستيراد الدواء، وذلك بغرض الحفاظ على أسعار الدواء ولجم الانفلات في أسعاره، بالإضافة إلى توفير احتياجات الإمدادات الطبية، وخطط توسعة التأمين الصحي ليشمل فئات جديدة في المجتمع، خاصة في القطاع غير المنظم، على أن يصاحب ذلك تقوية آليات الرقابة والمتابعة من قبل السلطات الصحية. لكن يبدو أن تلك التعهدات ذهبت أدراج الرياح، حيث كشفت متابعات (مداميك) عن استمرار أزمة الدواء بالبلاد. وأكدت مصادر صيدلانية أن ما تم توفيره من دواء لمرضى السرطان تم باجتهادات شخصية من موظفي الإمدادات الطبية، وتحصلوا على دفعتي الدواء دون انتظار سلسلة الإجراءات، وقاموا بالدفع للشركات بالعملة المحلية، بسبب ما يصفونه بتماطل الحكومة في توفير دولار الدواء، ونبهوا إلى أن الصندوق يحتاج إلى (150) مليون دولار لتوفير المخزون الدوائي. وبالمقابل تشهد مراكز غسيل الكلى انقطاعاً في بعض الأدوية الأساسية بحسب شكاوى المرضى، مما فاقم من معاناتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية المعقدة، والتي تتطلب حلولاً جذرية عاجلة، خاصة أن المرض لا ينتظر. وفي خطوة وصفت بالإيجابية كشف وزير الصحة الاتحادية د. عمر النجيب، عن شحن أدوية التخدير من مطار القاهرة، متوقعاً وصولها خلال الأسبوع الجاري، لافتاً إلى وصول جزء أساسي من أدوية السرطان، وقال النجيب في تصريح صحفي عقب اجتماع الغرفة المركزية للسلع الاستيراتيجية برئاسة وزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف بالإمدادات الطبية، قال إن الاجتماع ناقش الخطة العاجلة لسد الفجوة الدوائية بالصندوق القومي للإمدادات الطبية والتي تستهدف توفير مخزون دوائي لادوية برامج الوزارة الصحة، وتشمل الأدوية المنقذة للحياة، وأدوية الطوارئ، علاج الأطفال، الهيموفيليا، مستهلكات نقل الدم بالإضافة إلى أدوية مستهلكات القلب وغسيل وزراعة الكلى. ولفت النجيب، إلى تحديد الاحتياج من النقد الأجنبي لسد الفجوة الدوائية لمقابلة المخزون للأربعة أشهر القادمة، وأعلن معالجات من خلال الالتزام الكامل من وزارة المالية بتوفير التمويل الإسعافي الذي يغطي حاجة السوق. وأشار إلى أن الاجتماع بلور العديد من الموجهات الداعمة لإحداث انفراج واستقرار في توفير الدواء في الفترة القادمة. وكان وزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف، قد شدد خلال الاجتماع على الإسراع بتكملة التمويل لتوفير الأدوية المنقذة للحياة ووضع الحلول الجذرية لذلك، باعتبار أن قطاع الدواء من السلع الإستراتيجية المهمة. مداميك