قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: اثْنَانِ فِي النَّارِ، وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ: رَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَلَمْ يَقْضِ بِهِ، وَجَارَ فِي الْحُكْمِ، فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ لَمْ يَعْرِفِ الْحَقَّ، فَقَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ، فَهُوَ فِي النَّارِ هذا حديث نبوي عن مصير القضاة يوم القيامة، وما دفعني لاستعارته مهزلة الثلاثاء والمحكمة العبثية التي ملها الشعب السوداني، بل جعلته يكفر بالعدالة التي تمثل احد اضلاع مثلث الثورة السودانية حرية- سلام-عدالة، وتذكرنا مجرياتها مشاهد المسرحية الكوميدية مدرسة المشاغبين. تم تحويل الملف للمحكمة في 21 يوليو 2020 برئاسة مولانا عصام الدين محمد ابراهيم الذي تنحي عن منصته في اواخر ديسمبر من العام الماضي لدواع صحية، فاحالت الهيئة القضائية رئاسة الجلسات لمولانا علي احمد علي وهو قاضي بالمحكمة العليا. المجال هنا ليس للمقارنة بين ادارة القاضيين لجلسات المحكمة الخاصة لان لا مجال للمقارنة، ولكن لاجلاء ما يحدث في قاعة المحكمة المنقولة عبر شاشات التلفزة حول العالم ويعطي انطباعا عن هزلية المحكمة ويجعلنا اضحوكة تحت اسماع وانظار الجميع، ويتبادل فيها محامو الدفاع دور ابطال مدرسة المشاغبين في مواجهة قاضٍ اقل ما يقال عنه انه فاشل في ادارة اهم محكمة بعد الثورة ويكتفي في مواجهة ما يحدث بعبارات انهزامية: ياخ اقعد ياخ وما تتكلم ياخ، اقعد ياخ. لكن لا حياة لمن تنادي فالمحامون يواصلون صلفهم واستهتارهم( كما وصفت هيئة الاتهام ما يحدث بحق) دون ان يعيروه اهتماما، ولسان حالهم يقول: بعد 40 سنة في قاعات المحاكم بيقولي اقعد، المحاكم باظت يا جدعان. ويسارع مولانا او مولاهم بالخروج من هذا المأزق برفع الجلسة للثلاثاء التالي وينتصب واقفا ليغادر منصته مزيحا عن كاهله عبء مواجهة هذه المهزلة لاسبوع آخر ثم تتكرر ذات المشاهد وبسيناريو متفق عليه، والمحصلة بعد عام كامل لم تستطيع المحكمة حتي إكمال سماع المتحري دعك عن السير في قضية الاتهام. قبل جلستين رفع مولانا الجلسة للمداولة مع عضوي المنصة بعد ان تمادي احد محاميي الدفاع في عدم الانصياع لتوسلاته بعدم الحديث، وعند عودته بعد ان اتخذ مع زميليه قرارا باخراج المحامي المشاغب من القاعة، وكانت قراءة القرار فورا هي التي ستحفظ للمحكمة هيبتها المهدرة، الا ان محاميي الدفاع استطاعوا ابطال القرار عندما التقطوا المايك وابدوا اعتذارهم وما كان منه الا ان امتثل وتراجع عن القرار. طالبت هيئة الاتهام بامهالها عشر دقائق لعرض تسجيلات توضح اعتراف المتهمين بالتهم الموجهة اليهم ، ورغم عدم اعتراض هيئة الدفاع فوجئنا بمولانا يرفع الجلسة ويغادر المنصة محددا جلسة اخري في مشهد عبثي ضاربا بانجاز العدالة عرض القاعة. حسنا فعلت هيئة الاتهام وهي تطالب الهيئة القضائية بتنحية مولانا علي عن رئاسة المحكمة وتغيبت عن حضور المحاكمة لجلستين متتاليتين لحين البت في الطلب، فهي الهيئة التي تمثل كل الشعب السوداني و دماء شهداء نظام الانقاذ وحري بهم ايقاف هذه المهزلة من اجل سمعة القضاء السوداني قبل طلب العدالة، وجاز لنا ان نتساءل؛ مولانا علي ده ما عنده ضغط ولا سكري؟ لماذا لا يتنحي من تلقاء نفسه ويحفظ ما تبقي للعدالة من ماء وجه ان تبقي منه شئ؟