انعقدت صباح اليوم الخميس، بقاعة دفع الله الترابي بجامعة الخرطوم، ندوة بعنوان (دار الوثائق القومية وكتابة تاريخ السودان التحديات والآفاق)، نظمتها دار الوثائق القومية بالتعاون مع الجامعة، تحدث فيها كل من الكاتب والباحث الدكتور أحمد إبراهيم أبو شوك، ومديرة جامعة الخرطوم الدكتورة فدوى عبد الرحمن علي طه، وأستاذ التاريخ الدكتور أحمد حسن إبراهيم، والأمينة العامة لدار الوثائق القومية الدكتورة عفاف محمد الحسن. وفي مستهل الندوة، قدم الدكتور أبو شوك ورقة حول (دار الوثائق السودانية وكتابة التاريخ السوداني التحديات والآفاق)، وذكر أن هنالك أكثر من 30 مليون وثيقة تاريخية بدار الوثائق القومية، معرَّضة الإهمال، وطرح من خلال ورقته المصادر والوثائق الرئيسة لكتابة التاريخ السوداني. وتناول أبو شوك المناهج التاريخية المتعددة لكتابة التاريخ، معدداً وثائق مهمة، مثل كتاب ود ضيف الله وتاريخ الثورة المهدية، والوثائق الأخرى المرتبطة بالحياة الاجتماعية للسودانيين، ووثائق الانتخابات البرلمانية كمقاربة تاريخية وتحليلية للحياة السياسية في السودان. وحول كتابة البحوث التاريخية بتناول المهدية نموذجاً، قال أبوشوك إنه لا بد من وضع الاعتبارات المنهجية، والانتباه لتنوع المدونة التاريخية، وتكامل مناهج البحث وتنوع الموضوعات، مشيراً إلى أن الحقبة المهدية شكلت قطيعة مع الماضي، بإكمال وتعدد وثائقها، إضافة إلى وجود المصادر المعارضة لها، وأشار في هذا الصدد لعدد من الكتب والوثائق. ودعا أبو شوك في ورقته إلى ضرورة التعامل مع المَرْويات، مشيراً إلى مقولة بروفيسور محمد سعيد القدال: (نعم يجب كتابة التاريخ من الوثيقة، ولكن ليست الوثيقة كل التاريخ). وحول ضرورة الانتباه إلى وثائق السودان في عدد من الدول، قال أبوشوك إنه يجب استعادة وثائق السودان من دار الوثائق والكتب المصرية، ودار الوثائق البريطانية، وأرشيف السودان في جامعة درم، ومجموعة محمود صالح بجامعة بيرقن الرقمية وغيرها. وحول عناصر قوة دار الوثائق بشكلها الحالي قال أبوشوك، إن كمية الوثائق، والكوادر المتخصصة العاملة، والمبنى المستقر هي عناصر قوة لعودة دار الوثائق. وعن عناصر الضعف والتحديات، ذكر أبو شوك غياب الفهارس الموضوعية، وضعف عمليات الاسترجاع، وغياب التدريب على تقنيات العصر، وقلة الاهتمام بدار الوثائق من قبل الحكومات المتعاقبة، ومشكلة إنشاء الوثائق الأرشيفية. وتحدث أبو شوك حول الآفاق والفرص المتاحة لرقمنة المقتنيات، وحصول وثائق السودان من الخارج، وتعيين كوادر متخصصة، وإطلاق شبكة اتصالات إقليمية، أسوة بما فعلته دول الخليج العربي، مثل قطر والإمارات. من جانبها قالت الدكتورة فدوى طه مديرة جامعة الخرطوم، إنه لا بد من رفع الحس الوثائقي عند المواطن، والباحث، والدولة، وضرورة التعامل مع تاريخنا دون حياء، وأشارت في هذا الصدد لكتاب تاريخ الخرطوم الاجتماعي، الذي كتبه باحث مصري، إضافة إلى سوء التعامل مع الباحثين الأجانب بذريعة الاستخباراتية، كما أمنت على ما ورد في ورقة أبو شوك بضرورة رقمنة دار الوثائق. وأدانت طه الإهمال المُمنهج الذي تعرضت له دار الوثائق في حقبة النظام المباد، ودعت إلى الاهتمام بالمقابلات والتاريخ الشفاهي. وقال الدكتور حسن أحمد إبراهيم، إن هذه الندوة يجب أن تكون ضربة البداية لإعادة الاهتمام بدار الوثائق، ودعا الباحثين والمؤرخين السودانيين إلى كتابة تاريخهم، وإثراء المشهد الثقافي بكل جديد، وأشار في هذا الجانب إلى كتاب الأصداء العالمية للثورة المهدية كفتح جديد في الوثائق التاريخية السودانية، والذي كتبه طبيب وباحث سوداني. الدكتورة محاسن حاج الصافي، أستاذة التاريخ المعروفة، أشادت بورقة أبو شوك، والمبادرة دار الوثائق، ودعت إلى أهمية البحث العلمي ضمن كتابة التاريخ، وقالت إن هنالك باحثين ألمان كتبوا عن أكثر مشكلاتنا تعقيداً مثل موضوع الهوية، ولا أحد يعرف عنهم شيئاً. وفي ختام الندوة، قالت الدكتورة عفاف محمد الحسن الأمينة العامة لدار الوثائق القومية، إنها ستعمل بجميع التوصيات والنصائح التي تخرج بها هذه الندوة، وأضافت: "كونّا لجنة علمية لتقييم حالة الوثائق"، وذكرت أن انفتاح السودان على العالم بعد الثورة، سيجعلنا أكثر قوة وإصراراً لإعادة دار الوثائق، وأضافت أن "التمويل لن يكون عائقا أمامنا". مداميك