في أواخر العام 2019، أصدرت النيابة العامة قراراً بمنع دفن أي جثة مجهولة الهوية من دون تحقيق، إضافة إلى إنشاء مقابر خاصة بالمجهولين، وأدى التأخر في تنفيذ القرارات المطروحة إلى تكدس آلاف الجثث في مشارح الخرطوم المختلفة، وأسهم انقطاع التيار الكهربائي في المستشفيات إلى فضح الأمر بعدما أدى تحلل الجثث إلى انتشار رائحتها في الهواء الطلق ليجأر مواطني ضاحية الامتداد بالشكوى وقبلهم الاحياء التي تجاور مشرحة مدني . سبق ذلك كشف رئيس التحقيق في الأشخاص المفقودين الطيب العباس، عن إعداد إجراءات لضمان معرفة الجثامين المجهولة. وذكر العباس، في تصريح صحفي عقب اجتماع للجهات ذات الصلة بالملف ، ان تلك الاجراءات تضمن معرفة الجثامين المجهول مستقبلاَ عبر البصمة الوراثية والعينات والسجل مبيناَ أن هذه الخطوة تعتبر الأولى في تاريخ البلد. في المقابل، قال العباس، إن الاجتماع أمن على أهمية إنشاء مقابر لدفن جثامين مجهولي الهوية والإلتزام بالإجراءات الخاصة بدفنهم وتشريحهم وأخذ العينات منهم وترقيمهم وإعداد التقرير الطبي والعدلي بشأنهم. كما أشار الى أن حكومة الخرطوم قامت بتخصيص مساحة لمقابر مجهولي الهوية بمحلية شرق النيل تتماشى مع السبل والإجراءات المتبعة وفقاَ للمواثيق الدولية ومعايير الصليب الأحمر الخاصة ب المفقودين ومجهولي الهوية في كل دول العالم. تجدد الأزمة (الجريدة) عبر محررها النشط بولاية الجزيرة مزمل صديق انفردت بسبق صحفي حول الجثث المتكدسة بالمشرحة والتي فاق عددها المائة ..أول أمس كان التقرير النهائي للطب الشرعي وقبل اعلانه انسحبت مجموعة من الثوار وأعضاء لجان المقاومة من المنصة الإعلامية بدار رابطة الاعلاميين بمدني التي تم فيها عرض نتائج لجنة التقصي حول ملابسات وظروف تكدس الجثامين بمشرحة ود مدني، وشكّكت المجموعة المنسحبة في النتائج التي توصلت اليها اللجنة وطالبوا بفتح بلاغ جنائي في مواجهة أعضاء اللجنة من استشاري الطب العدلي. وانتقدت عضوة لجان المقاومة السودانية د. مروة حسن عبدالرجال والمكلفة رسمياً بمتابعة بلاغ المشرحة، انتقدت اللجنة وشككت في صحة ما أوردته من أعداد الجثث رأت انها غير حقيقية ،وتساءلت عن أسباب عدم دفن أعداد كبيرة من الجثامين التي تم العثور على أوراق ثبوتية بحوزتها؟ ونوهت الى أن مهمة المشرحة هي حفظ الجثامين حسب المواصفات المطلوبة وشككت في طريقة التشريح وأكدت أنها لم تكن لها علاقة بما درسوه كأطباء. وطالبت القانونيين بفتح بلاغ رسمي باسمها كمواطنة وشاهدة عيان في مواجهة الدكتور محجوب بابكر استشاري الطب العدلي واتهمته بتحريض "قروب الدفعة" على مهاجمة أحد الصحفيين الذين تناولوا الموضوع، واغلاق صفحته لمنعه من نشر ما حدث بالمشرحة، وأشارت لمطالبتهم السُلطات في وقت سابق بمحاسبة كل مديري الصحة في فترة تكدس الجثامين دون أن تتم الاستجابة لهم . فيما هاجم عضو لجان مقاومة الجزيرة فياض إبراهيم الهادي؛ لجنة تقصي الحقائق واتهمها بتزييف الأعداد الحقيقية للجثث، واعتبر ان اللجنة ناقصة التكوين، وقال فياض اللجنة لم تُقدِّم إجابات شافية لما حدث داخل مشرحة ود مدني.. ونحن لا نعترف بها كلجنة تقصي حقائق..وانتقد الهادي غياب والي الولاية عن فعالية عرض تقرير لجنة التقصي وأردف : "تمنيت لو كان الوالي حاضراً لأنه جزء من الأزمة التي تحدث بالجزيرة". وكانت لجنة تقصي الحقائق قد كشفت عن وجود (170) جثة بالمشرحة لحظة تسلمها المهام، فيما تم دفن نحو (20) جثة قبل وقت قصير من مباشرتها العمل.. من جهته أقر عضو لجنة تقصي الحقائق يحيى مهدي أحمد ، بفشل جهودهم في الحصول على نسخة مكتوبة من قرار النائب العام بعدم دفن الجثث مجهولة الهوية لدراسة محتوياته، ما أدى لتأخر أعمال اللجنة وقال: لا نستطيع القول بأنه قرار شفاهي، ولكننا لم نتحصل عليه". وارجع تكدس الجثث بسبب تداخل الاختصاصات والمسؤوليات بالمشرحة بين وزارة الصحة، والنيابة، والشرطة، وجهات أخرى، وغياب التنسيق الذي يحدد المسؤوليات الدقيقة، بجانب ما وصفه بالإهمال الجسيم الذي تعاملت به إدارة المشرحة، والنيابة العامة مع الجثامين، وعدم معرفة الغرض الأساسي من قرار عدم الدفن للجثامين مجهولة الهوية، بجانب عدم وجود اختصاصي طب عدلي لإدارة المشرحة، ونقص المعينات الضرورية من مولدات، وفنيين، وإداريين، وعدم وجود ميزانية خاصة بالمشرحة؛ فضلاً عن الغلو في تنفيذ القرار وذكر: لم يتم تصنيف الجثامين من حديثي الولادة، وكبار السن المتوفين بداخل المستشفيات، بجانب المتوفين غرقاً، أو بحوادث مرورية ، وأردف : كان بالإمكان حسب رؤية اللجنة إصدار أوامر بدفن هذه الجثامين التي شكّلت حوالي 80% وانتقد إدراج ميزانية المشرحة ضمن ميزانية وزارة الصحة بالولاية .
الطب العدلي تتهم
اتهمت هيئة الطب العدلي التابعة لوزارة الصحة بولاية الخرطوم لجنة التحقيق بشأن مفقودي فض الاعتصام بالتسبب في تكدس 1600 جثة بالمشارح منها 70 تم دفنها و29 أخرى مكتملة الإجراءات الفنية. وصوّب مدير الهيئة هاشم فقيري في تنوير قدمه، امس، انتقادات حادة لمجموعة أطباء شرعيين استقالوا من لجان مختصة بتشريح الجثث المكدسة بالمشارح واتهمهم بالتحالف مع لجنة المفقودين من أجل مصالح خاصة بالطرفين.
استقالة الأطباء
قبل أيام استقال الأطباء الشرعيون عقيل سوار الدهب، محمد أحمد الشيخ، عامر صادق محمود، محجوب بابكر، خالد محمد خالد من لجنة شكلتها وزارة الصحة بالخرطوم لتشريح الجثث. وسبب الأطباء المستقيلون استقالتهم بعمليات تلاعب في أرقام جثامين في مشرحة مستشفى الأكاديمي، ودفن جثث بدون عملية الاستعراف فضلا عن تدخل سياسي تمارسه وزارة الصحة بولاية الخرطوم.وطبقا لفقيري فإن مشارح ولاية الخرطوم تتكدس بها نحو 1600 جثة في حين أن طاقتها الاستيعابية لا تتعدى المائة جثة. وأكد أن الحديث عن توفير ثلاجات جديدة من ألمانيا ومنظومة الصناعات الدفاعية لن تحل مشكلة التكدس لأن طاقتها الاستيعابية لا تتعدى العشرات أيضا.وأفاد أن الهيئة تمكنت حتى الآن من دفن 70 جثة فقط من مشرحة الأكاديمي فضلا عن 29 جثة أخرى في مشرحة مستشفى بشائر اكتملت إجراءاتها الفنية في انتظار إذن الدفن من النيابة العامة.واتهم فقيري لجنة المفقودين بالتباطؤ في اكمال إجراءات التشريح وأخذ العينات من الجثث المكدسة في مشارح ولاية الخرطوم بحجة أن هناك إجراءات تحقيق ما زالت مستمرة. واستعرض مدير هيئة الطب العدلي مخاطبات للهيئة استهدفت النيابة العامة ووزارة الصحة ومجلس السيادة منذ يناير 2020 لإنهاء أزمة تكدس الجثث لكن دون جدوى.يشار إلى أن لجنة المفقودين المشكلة من النيابة العامة توقف إجراءات التشريح والدفن بغرض اكمال تحقيقات. وقال فقيري إن لجنة المفقودين فشلت في مهمتها بدلا من أن تنجز المهمة التي شكلت من أجلها، قائلا إن اللجنة كان يمكنها التعرف على الشهيد "ود عكر" منذ لحظة العثور عليه بواسطة الشرطة، حال كانت تؤدي المهام الموكولة إليها بشكل احترافي. وتحقق لجنة المفقودين في مصير عشرات الأشخاص الذين تم فقدهم في محيط القيادة العامة للجيش خلال فض اعتصام الثوار أمام مقر القيادة في 3 يونيو 2019 والأيام التي تلت تلك الأحداث. الجريدة